الراعي استقبل وفدا من “منتدى التفكير الوطني”

استقبل البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي، بعد ظهر اليوم، في الصرح البطريركي في بكركي، وفدا من الهيئة التأسيسية ل”منتدى التفكير الوطني”، ضم: الوزير السابق عدنان منصور، المطران سمعان عطالله، الاب عبدو أبو كسم والخوري باسم الراعي، مستشار شيخ العقل لطائفة الموحدين الدروز الشيخ عامر زين الدين، الدكتورة ليندا غدار، منى أرسلان، المحامي عمر زين، الدكتور علي فاعور، الدكتور طلال عتريسي، الدكتور مصطفى الحلوة، الدكتور نبيل سرور، عبد القادر علم الدين، الدكتور جان نخول، الدكتور مروان أبي فاضل، الدكتور كلود رزق، الدكتور جان جبور، المحامي بول كنعان، المهندس عبد الله ريشا، المحامي وليد غياض، الكاتب سركيس أبو زيد وجورج عرب.

بعد تعريف الراعي على أعضاء الهيئة، تحدث منصور عن المنتدى وأهدافه، وقال: “يعيش لبنان مرحلة مصيرية من تاريخه، نتيجة تداعيات ما تشهده منطقة الشرق الأوسط والعالم من تحولات وأحداث. وإزاء الاخطار المتفاقمة، تنادت مجموعة من روّاد الحوار من مختلف المناطق والطوائف اللبنانية، الملتزمين تجربة اللقاء الحضاري المسيحي – الاسلامي في لبنان، وفكرت في كيفية اضطلاعها بواجب الإسهام في حماية هذه التجربة وتحصينها وتطويرها، والمحافظة على لبنان الوطن الرسالة. وانتظمت في ما أسمته: منتدى التفكير الوطني”.

وأشار إلى أن “هذا المنتدى وضع لنفسه هوية واضحة المعالم، تنبثق منها خارطة طريق لعمله ومبادراته”، وقال: “إن هوية هذا المنتدى ثقافية فكرية بحثية بحتة، ومنها تتشكل المبادرات الحوارية الفكرية الثقافية البحثية، وتترجم بأبعادها المختلفة على مستويين: مستوى الترجمة العملية بالمشاريع المشتركة بين جميع اللبنانيين، من مختلف الطوائف، ومستوى الترجمة التوثيقية من خلال حفظ خلاصات هذه المبادرات”.

عتريسي

من جهته، قال عتريسي: “إن اللقاء، في إطار هذا المنتدى، أتاح لنا التعرف عن قرب على حقيقة مواقف بكركي من بعض القضايا المطروحة. ونتمنى أن يستفيد لبنان من مناخ التفاهمات الإقليمية من حولنا لتعزيز التفاهم الداخلي حول استحقاق الرئاسة، خصوصا أنها تفاهمات غير مسبوقة منذ أكثر من عشر سنوات. ومع هذه التفاهمات، يفترض أن تنحسر التجاذبات الداخلية في لبنان، ونأمل أن تتوسع دائرة الحوار والتفاهمات، ومن خلال بكركي، لأن ما آلت إليه الأوضاع في لبنان لا تحتمل أي تأجيل . ومع تفاهمات الإقليم، ستكون الفرص أفضل”.

فاعور

بعد ذلك، كانت كلمة للدكتور علي فاعور مقتطفة من دراسته حول موضوع النزوح السوري الى لبنان، قال فيها: “لبنان يشيخ وينهار فهو في مواجهة أزمة متفردة لا مثيل لها كونه أكبر بلد مضيف بالنسبة للاجئين والنازحين بالمقارنة مع عدد سكانه. أهله يهاجرون، وأبناؤه يبحثون عن وطن بديل، بينما هو يغرق في أسوأ أزمة إقتصادية وسياسية شهدها العالم، حتى بات الدولة الأولى في العالم من حيث تناقص عدد السكان. لبنان يخسر الكفاءات والمواهب والعقول المهاجرة، وهو يشهد اليوم شيخوخة متسارعة والنساء ينجبن أقل وأقل”.

أضاف: “عدد السكان اللبنانيين الى تراجع، والأزمات الصحية و المعيشية تتزايد، ووحده الاغتراب اللبناني ما زال يمنع الانفجار، ويشكل صمام الأمان في مواجهة الضائقة الاقتصادية. لبنان يشيخ ويتغير في مواجهة عمليات دمج اللاجئين المتواصلة في مختلف أجزاء الخريطة اللبنانية، فكل هذا سوف يشكل تحديا ديموغرافيا لا مثيل له، حيث تتسارع شيخوخة اللبنانيين، بين موجات هجرة مغادرة من الشباب اللبنانيين، وموجات هجرة وافدة من اللاجئين. وتستمر محاولات المجتمع الدولي اليوم من خلال الدعم المالي لتثبيت النزوح السوري ودمج اللاجئين لمنعهم من الوصول الى بلدان أوروبا”.

الحلوة

كما كانت كلمة للحلوة مختصرة من مداخلته في المؤتمر الفلسفي الدولي بعنوان “تأملات في البعد العلائقي للدين”، قال فيها: “أنا الطرابلسي المسلم، يُقلقني أن يكون الآخر المسيحي، في مدينتي وفي أيّ بقعة من لبنان، على ضعف. فحال الضعف ستدفع به، عاجلًا أم آجلًا، إلى ترك الساحة لي وحيدًا، حارمًا إيّاي جدلَ العيش المشترك ونِعمه، وبذا يفقد إسلامي الشيء الجميل ،الذي تُضفيه المسيحيّة عليَّ، ويروح منّي ما لا يُعوَّض من بُعد حداثيّ وحضاريّ، أغتني به من هذه المسيحيّة. وكان لي أن أُدرك أن لا معنى لإسلامي من دون مسيحيّة تُعمّدني، ولا معنى لمسيحيّة مواطني الآخر من دون إسلام يحضنُه ويُعمّق تجذّره، في هذه المنطقة، وقد سبقني إلى الإقامة فيها، عدّة قرون. وأدركتُ أيضًا أنّ العيش المشترك – بما هو عقدٌ إجتماعي- لا يصحُّ إلّا بين متكافئين، وأن يكونوا بكامل قدرتهم على التقرير ومتحرّري الإرادة، وإلّا شاب العقد عيبٌ، يؤدّي إلى بُطلانه. وأدركتُ كذلك، وهو الأهم، أنّ العيش المشترك في لبنان، وفي سائر الأقطار العربية، يُوجّه طعنةً نجلاء إلى الكيان الصهيوني، الذي يسعى جاهدًا إلى إعلان يهوديّة إسرائيل. وبذا يحقُّ للإرشاد الرسولي أن يذهب إلى القول: لبنان أكثر من بلد، إنّه رسالة حرّية ونموذج في التعدّدية، للشرق كما للغرب”.

تلا ذلك نقاش حول خطة عمل المنتدى اختتمه الراعي بكلمة قال فيها: “نرحب بكم بداية، ونهنئكم على تأسيس منتدى التفكير الوطني، الذي يعكس صورة لبنان الحقيقي، لبنان التنوّع في الوحدة، لبنان الثقافة وحوار الحضارات واللقاء الانساني الشامل. ان هذا المنتدى هو أجمل هدية في زمن الاعياد المقدسة. ونحن في موقع التعاون والدعم والتشجيع لكي يتمكن المنتدى من الاضطلاع بمسؤولياته وتحقيق أهدافه. وهذه المسؤوليات كبيرة بخاصة اننا في أزمة عصيبة يهتز معها نسيجنا الاجتماعي والوطني، لكننا متمسكون بوحدتنا وبهويتنا اللبنانية الاصلية”.

أضاف: “طرحتم في كلامكم عدة نقاط منها مسألة النزوح السوري الى لبنان وتداعياته، ونحن نكرر موقفنا أننا قمنا ولا نزال نقوم بواجب الاستضافة الاخوي تجاه النازحين، لكننا حرصا منا على هويتهم الوطنية وثقافتهم وتاريخهم وحضارتهم ندعوهم الى العودة الى بلادهم، لكي يحافظوا عليها وعلى حضارتها. وتواجه دعوتنا هذه مواقف تثير الشك والارتياب حول حقيقة الموقف الدولي الذي لا يزال يكرر مقولته المعروفة “العودة الآمنة السلمية الطوعية”، وهذه تترابط بخلفيات سياسية أعتقد أن الخبث يقف وراءها لا الجهل”.

وعن طروح الفدرالية، قال الراعي: “نحن مع تطبيق اتفاق الطائف نصا وروحا، وهذا لا ذكر فيه للفدرالية، بل للامركزية الادارية، فلنطبق هذه اللامركزية، ولنعتبر الفدرالية طرحًا او مقولة ساقطة، وتمّ التداول بها من قبل البعض خلال الحرب اللبنانية، وانتهى الموضوع”.

وختم: “تطرقتم ايضا الى موضوع الحياد، فهذا الموضوع غير جديد، كل البيانات الوزارية التزمته منذ الاستقلال حتى اليوم، وهو ينبع من طبيعة لبنان المتصلة بدوره الانساني الحضاري لجهة التزام قضايا الحق، والقضية الفلسطينية على رأسها، وبدوره الوفاقي السلمي في تعميق التفاهم بين الدول العربية. للبنان دور سلمي حضاري يجب ان نحافظ عليه من دون التخلي عن قضايا الحق والعدالة العربية”.

شاهد أيضاً

“استقلال البلد مهدد”… باسيل: دخلنا في حرب لم يكن يجب أن نقع فيها

أكد رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل أنَّ “الحفاظ على الإستقلال هو أصعب من …