كتب أكرم حمدان في “نداء الوطن”:
بعدما أظهر تقرير شبكة التنمية المستدامة التابعة لـ»الأمم المتحدة» لعام 2023، في اليوم العالمي للسعادة، بأنّ لبنان حلّ في المرتبة ما قبل الأخيرة في الهرم، أي في المركز 136، بينما حلّت أفغانستان بالمرتبة 137، وبعدما وصل سعر صرف الدولار الأميركي إلى عتبة الـ150 ألف ليرة، وسط دعوات إلى التظاهر والإعتصام والعصيان المدني، بات الحديث عن مصير الجلسة النيابية التشريعية المفترضة بعدما حدّد رئيس مجلس النواب نبيه بري موعداً لإجتماع هيئة مكتب مجلس النواب يوم الإثنين المقبل تمهيداً لها، ربّما يُمثّل ضرباً من التنجيم أو التبصير. فاليوم، هناك جلسة للجان النيابية المشتركة، قد تتحوّل مناسبة للمبارزة في المواقف أو للنقاش الجدّي والحقيقي حول المسار الذي يفتح باب إنقاذ البلاد من قعر الإنهيار الذي وصلت إليه. وما يُعزّز هذا التوجه، ما جرى أمس خلال إجتماع لجنة الإدارة والعدل، حيث تحوّل النقاش إلى البحث في الأجواء العامة التي تعصف بالبلاد، وبرز توجّه لإلغاء كل الجلسات واللجان والتوجّه نحو التركيز على المشكل الكبير، وفق توصيف المصادرالنيابية. فهناك من دعا إلى تعليق كل الأعمال واستدعاء رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي من أجل بحث مسار الإنهيار السريع الذي يحصل في البلد.
وعقد نواب التغيير: ملحم خلف، نجاة صليبا، وضّاح الصادق وياسين ياسين، مؤتمراً صحافياً في المجلس، تناولوا فيه مسؤولية مجلس النواب في معالجة ما يجري وأخذ دوره في محاسبة المقصّرين وضرورة تحرّك النواب لإنتخاب رئيس تداركاً للإنهيار الحاصل وتحوّل جلسة اللجان المشتركة اليوم إلى جلسة مناقشة ومحاسبة.
ولم تجزم مصادر هؤلاء النواب بحسم موقفهم تجاه الجلسة التشريعية المفترضة، إذ تُرك الأمر بالنسبة للبعض منهم، الى وقت لاحق ولمزيد من التشاور في ما بينهم، بينما البعض الآخر كان حاسماً بعدم حضور أي جلسة قبل جلسة إنتخاب الرئيس، مع العلم أنّ كل نواب التغيير وبعض النواب المستقلّين وكتلتي «القوات اللبنانية» و»الكتائب» سبق ووقعوا عريضة نيابية ترفض المشاركة في أي جلسة لمجلس النواب قبل انتخاب رئيس الجمهورية، على خلفية أنّ المجلس النيابي هيئة ناخبة ولا يجوز أن يقوم بأي عمل قبل انتخاب الرئيس.
ووفق معطيات «نداء الوطن»، فإنّ نواب «القوات» لن يشاركوا في أي جلسة نيابية عامة قبل انتخاب الرئيس، علماً أنّهم سيشاركون اليوم في جلسة اللجان المشتركة لأنّ الأسباب التي أدّت إلى انسحابهم في الجلسة السابقة قد انتفت. وتُرجّح مصادر نيابية أن يُشارك نواب «التيار الوطني الحرّ» في جلسة تشريعية تحت عنوان «تشريع الضرورة»، علماً أنّ «التيار» سبق وأعلن خلال المحاولات الأخيرة التي جرت لعقد الجلسة، رفضه المشاركة ولو أنّ تلك محاولات تركت باباً للبحث في جدول الأعمال وطبيعة الضرورة.
ومساء أكد «التيار» موقفه «الثابت من التشريع في غياب رئيس للجمهورية وفي ظلّ حكومة مستقيلة ناقصة الشرعية. فالتشريع بالمطلق مرفوض إلّا إذا كانت الجلسة محصورة بالأمور الطارئة والضرورية والمستعجلة أو إذا كانت هناك قوة قاهرة او مصلحة الدولة العليا تستلزم التشريع». وتقول المصادر إنّ أبرز بنود هذه الجلسة في حال تم تحديد موعدها، سيكون التمديد للمجالس البلدية والإختيارية لمدّة سنة كاملة حتى 31 أيار عام 2024، لا سيّما وأنّ الوقت أصبح داهماً من جهة، والأوضاع المالية والإقتصادية لا تسمح بتأمين الإعتمادات المالية لإجراء هذه الإنتخابات، كما أنّه ليس مستحبّاً أو منطقياً إجراء هذا الإستحقاق بغياب رئيس الجمهورية.
وتؤكد مصادر نيابية لـ»نداء الوطن» أنّ مسار جلسة اللجان اليوم سيُساهم في رسم معالم ومصير الجلسة التشريعية المفترضة لاحقاً، وأنّ تحويل الجلسة جلسة نقاش للوضع الإقتصادي والمالي العام يحتاج إلى تنسيق مع رئيس الجلسة. وتُشدد المصادر على أنّ الأهم من كلّ هذه المواقف هو ضرورة التوجّه نحو تحقيق تسوية وطنية تؤدّي إلى انتخاب رئيس للجمهورية، لأنّ الحل لأزمة البلد هو سياسي قبل ان يكون إقتصادياً. وللتذكير، فإنّ محاولات عقد جلسة تشريعية بدأت منذ بداية شهر شباط الماضي، حيث عقدت هيئة مكتب مجلس النواب أكثر من إجتماع لبحث جدول الأعمال الذي تدرّج من 80 بنداً إلى 10 بنود ومن ثمّ إلى أقلّ من ذلك.
وكان البيان الذي صدر عن الإجتماع الأخير لهيئة المكتب قد أكد على «حقّ المجلس النيابي في التشريع كما سبق في الأعوام الماضية، غير أنّ المتّفق عليه في اللجان المشتركة بالنسبة لمشروع قانون الـ»كابيتال كونترول» أن يصدر مع قوانين أخرى، لذلك قرّر مكتب مجلس النواب إرجاء جلسته إلى موعد يقرّر في ما بعد».
إذاً، تُرك الموعد مفتوحاً وبات يوم الإثنين المقبل في 27 آذارالحالي محطة مهمّة من أجل تحديد موعد الجلسة التشريعية الضرورية المفترضة، مع أسئلة حول إمكانية تأمين نصابها القانوني وميثاقيتها التي يحرص بري على توفيرها في أي إستحقاق داخل القاعة العامة للمجلس.