بوصعب المتمايز عن تكتل لبنان القوي: هل ينطلق في مسار الاستقلال عن التيار؟

مع تقدم المواجهة القضائية المصرفية ان على جبهة المصارف (التي علقت امس إضرابها)، او على جبهة الدعوى ضد حاكم المصرف المركزي، تراجع الاستحقاق الرئاسي عن واجهة المشهد، من دون ان يتوقف التقاذف السياسي بالنسبة الى المرشحين في السباق نحو قصر بعبدا.

ما بين الكلام المسرب عن السفيرة الاميركية في بيروت دوروثي شيا في “التمشاية ” مع رئيس المجلس نبيه بري في عين التينة، وبين الكلام المتقدم لنائب رئيس المجلس الياس بوصعب على بعض المحطات التلفزيونية اخيراً، اشارات جديدة تصب في رصيد المرشح المعلن وغير الرسمي بعد، النائب السابق سليمان فرنجية، على حساب تراجع الكلام عن تقدم تردد في الآونة الاخيرة لقائد الجيش العماد جوزف عون.

وحيث هناك من يربط هذا المشهد بنتائج الاجتماع الخماسي في باريس قبل اسابيع، الا ان الواقع ان لا خروقات جديدة او جدية على واقع الاستحقاق الذي يستمر في ثلاجة الترقب والرصد للمتغيرات التي تشهدها المنطقة، والتي تشي بأن طبخة التسويات قد بدأت من العراق مروراً باليمن وصولاً الى سوريا ولبنان.

فهل دفعت التطورات بعض القوى الى خرق الصمت، او ان المواقف الصادرة من هنا او هناك لا تعدو كونها تثبيتاً للحالة التي يمثلها فرنجية ضمن الفريق الذي ينتمي اليه، وتحصيناً للاسم في صدارة التداول في انتظار بلورة المشهد الاقليمي؟

قبل ايام، كشف نائب رئيس المجلس الياس بو صعب عن استعداده لاعطاء صوته لفرنجية اذا ما كان الخيار بين فرنجيه او الفراغ، مؤكداً ان اسم فرنجية المتقدم الاكبر في السباق الرئاسي، وعلينا مراقبة حركة السفير السعودي عند عودته الى لبنان، كاشفًا ان لا فيتو اميركياً على أي مرشح للرئاسة، وان واشنطن ستحكم على الرئيس المقبل من خلال ادائه. ولعل اكثر ما اثار الوسط السياسي عموماً والعوني على وجه الخصوص اعلان بو صعب انه اذا توافر لفرنجية 64 صوتاً فيكون صوته الـ 65، وشنت حملة علنية واسعة عليه عبر وسائل التواصل، اوحت بأن بو صعب غرّد من خارج سرب “تكتل لبنان القوي”، ووضع البعض كلامه في سياق الانفصال التدريجي عن رئيس “التيار الوطني الحر” جبران باسيل الذي تربطه به علاقة وثيقة.

فهل غرد بو صعب فعلاً خارج هذا السرب، وهل يمكن ان يصب كلامه في اطار التقارب مع رئيس المجلس الذي يتبنى ترشيح فرنجية، والابتعاد عن التيار؟

وفق مقربين ان كلام بو صعب لم يختصر تبني الترشيح لمصلحة فرنجية حصراً. فهو وضع في السلة عينها مرشح المعارضة ميشال معوض عندما قال ان معوض اذا حصل على 64 صوتاً واحتاج الى صوته فهو مستعد ايضاً لاعطائه اذا كان الخيار الآخر هو الفراغ. لكن بو صعب يبدو انه يرسم لنفسه موقعاً انطلاقاً من موقعه في نيابة رئاسة المجلس النيابي يوفر له هامشاً ولو ضيقاً في التمايز والاستقلالية. وهو كرّس هذا التمايز عندما اعلن اكثر من مرة وبعد جلسات انتخاب الرئيس تصويته للوزير السابق زياد بارود خارجاً بذلك عن التزام تكتله بالورقة البيضاء.
وينطلق بو صعب من اعتباره ان فرنجية متقدم على الآخرين من عملية حسابية اذ تعذر على النائب ميشال معوض الحصول على عدد اصوات عالٍ يؤهله الدخول في السباق جدياً، خصوصا بعدما كشف الزعيم الدرزي وليد جنبلاط امتناع كتلة “اللقاء الديموقراطي” عن المشاركة في الجلسات اذا استمرت عمليات التصويت على ما كانت عليه. ما يعني بالنسبة اليه ان وصول معوض الى خط النهاية لن يكون سهلاً.

اما بالنسبة الى فرنجية فواضح ان بو صعب لم يلمس فيتو فرنسياً او اميركياً على الرجل. ويذكر احدهم بأن الاميركيين كانوا يميلون الى فرنجية في الانتخابات الرئاسية السابقة التي أوصلت العماد ميشال عون الى سدة الرئاسة.

وعلى هذا يؤكد بو صعب لـ”النهار” انه بكلامه يعبر عن قناعاته وموقفه المستقل انطلاقاً من رفضه الاستمرار في الفراغ او اعتماد خيار الورقة البيضاء، مشيراً الى ان مواقفه تنسجم مع قناعاته في هذا الصدد. وهذا في رأيه لا يعني انفصالاً عن التكتل، خصوصاً انه ليس للتكتل اي مرشح جدي بعد. وعليه، يرفض تكريس واقع الفراغ.

يدرك بو صعب كذلك ان الخيارات الاخرى مثل ترشيح قائد الجيش متعذر طالما هو يحتاج الى اكثرية الثلثين من اجل تعديل الدستور. وهذا الامر غير متوافر بعد.

هذا الكلام تفسره مصادر سياسية متابعة بأنه تكريس لموقع مستقل يقوم به بو صعب بمعزل عن التكتلات السياسية، من دون الحاجة الى تحميله اكثر مما يحتمل في مرحلة المراوحة الراهنة على المشهد الرئاسي.

لكن المصادر لا تستبعد الا تستمر هذه الحال طويلا، متوقعة ان يتبلور حراك رئاسي اعتبارا من آذار المقبل، حيث ستكون وتيرة المشاورات والاتصالات اسرع مما هي عليه، كاشفة عن ان الوضع لم يعد يحتمل مزيداً من المراوحة خصوصاً مع المشهد القضائي الذي يحوط بحاكم المصرف المركزي الذي يستدعي التعجيل في الذهاب نحو انتخاب رئيس للجمهورية يعيد عجلة الحياة الدستورية الى الدوران، فيتم تشكيل حكومة جديدة قادرةعلى تعيين حاكم جديد كخطوة اولى على طريق تجديد الحياة على رأس كل المؤسسات في البلد بما فيها المؤسسات الامنية والعسكرية والقضائية.

شاهد أيضاً

“استقلال البلد مهدد”… باسيل: دخلنا في حرب لم يكن يجب أن نقع فيها

أكد رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل أنَّ “الحفاظ على الإستقلال هو أصعب من …