كتبت ندى ايوب في جريدة الاخبار :
قبل تزيين مجلس النواب بالشموع والأعلام، والرسالة التي وجّهها النائبان نجاة صليبا وملحم خلف الأحد الماضي، عُقدت لقاءات بين ممثلين عن أحزابٍ ناشئة كـ«تقدّم» ومجموعات وناشطين. وبحسب أوساط متابعة، فإن التوجه كان للتفكير في «صيغة تشكّل مخرجاً لائقاً ينهي اعتصام صليبا وخلف ويحفظ لهما ماء الوجه»، قبل أن يصطدم هؤلاء بإصرار النائبين اللذين شاركا في الاجتماع على «ممارسة واجباتنا الدستورية بالبقاء في المجلس»، ما حوّل اللقاء إلى لقاءٍ داعم بـ«المستحى»، في وقت تتباين فيه الآراء حول جدوى الاعتصام. فالبعض يعتبر أنه «غير معني بالدعم»، وآخرون «يدعمون من منطلق إنساني بحت». فيما يتفهم عدد من النواب «التغييريين وبعض «السياديين» والمستقلين «محاولة النائبين المعتصمين تطبيق الدستور، لكن الواقع السياسي المعقّد يدفع إلى التأنّي كي لا يظهر الفريق المعارض كأنه هو من أتى برئيس تسووي». بمعنى أوضح، يقول أحد المشاركين لـ«الأخبار»: «فريقنا غير قادر على الإتيان بالرئيس الذي يريده، وليس من مصلحتنا عقد جلسة انتخاب راهناً لأن الفائز سيكون رئيس المنظومة عندما يأتي بتسوية شاملة». فيما يذهب آخرون إلى حدّ القول: «فليسقط الرئيس قبل أن يأتي، إذا كانت الاستماتة لعقد جلسة نعرف أنها ليست في مصلحتنا».
توصّف بعض الأوساط «التغييرية» الاعتصام بأنه ينمّ عن «مراهقةٍ سياسية أشبه بردود الأفعال»، إذ فوجئ الجميع بها ولم تنسّق مع أي من الأطر «المعارضة»، ولم توضع لها خطة «باء» في حال فشلها ولا تصورات لمخارج مشرّفة. ويسري هذا الموقف على الحلفاء، وأبرزهم: حزب «الكتائب» والنواب المستقلون. هؤلاء يعتبرون أنه لا يمكن تحمّل تداعيات اعتصام كهذا من دون دراسته والمشاركة في التخطيط له. ولذلك اقتصر دعمهم على زياراتٍ تضامنية خفّت وتيرتها مع الوقت، علماً أن المشهد كان سيبدو مختلفاً وما كان ليقتصر على الشموع لو أن النواب الـ 46 الموقّعين على بيانٍ يعتبر مجلس النواب هيئةً ناخبة ويعارض تشريع الضرورة، انضموا إلى اعتصام المجلس، طالما أن هذا الفريق يستميت لتأكيد «سياديته» ويريد رئيساً «منتجاً» لبنانياً من داخل المؤسسات لا المؤتمرات الدولية.
البحث في «الفصل الأخير» مستمر، ولدى حزب «تقدّم» تصوّر تتحدث عنه أمينته العامة لوري هايتايان، وهو عبارة عن «انجاز ورقة إصلاحاتٍ دستورية تستند إلى أوراقٍ عدّة عُمِلَ عليها لادخال إصلاحاتٍ على اتفاق الطائف. يناقشها النواب الـ 13 والمعارضة الأوسع، لجوجلة الأفكار والاتفاق على ورقة نهائية تُقدّم كثمرة اعتصام المجلس ونهايته»، وقد عُرِضَت هذه الفكرة على بعض الأفرقاء للعمل عليها، علماً أن «تقدّم» الذي تنتمي إليه صليبا يعارض الاعتصام تجنباً للتداعيات غير المحسوبة، غير أن النائبة أبلغتهم بالخطوة مع إصرارها عليها ولو كان ثمن ذلك تقديم استقالتها.
في الموازاة، كان لافتاً تراجع كبير في تغطية «تلفزيونات الثورة» التي باتت أخيراً شبه غائبة عن اعتصام المجلس، في دلالة واضحة على أن لا دعم حقيقياً للحركة. وهذا ما أظهره أيضاً فشل الدعوات الشعبية للتضامن في ساحة النجمة في جمع أكثر من مئةِ شخص.
قد يكون أهم ما قيل في كل النقاش الدائر للانطلاق منه كركيزة أن «هذه المنظومة قوية على صعد متطورة على عكس التخيّلات بأن الانهيار المالي حلّلها، والنواب التغييريين عاجزون بطبيعة الحال حيالها».