كتب رمال جوني في “نداء الوطن”:
ما كان ينقص المواطن إلّا الهزّات. لم تكفه «هزّات البدن» الإقتصادية والإجتماعية، حتى بدأ يعيش هزات طبيعية مع ارتدادات عصبية على حياته. لم يكن في الحسبان أن تحلّ الهزّات ضيفاً مُرعباً يوميّاً على حياة الناس. إعتادوا على ارتدادات الدولار والبنزين والأسعار. أمّا الوافد الجديد فما زال غريباً عليهم. ربما لهذا السبب ما زالوا يتأثرون به. بعد هزتين أو ثلاث تصبح الأمور عادية. في الجنوب سيطرت الهزّات على المشهد. بعضهم يتذكر الهزّات التي أصابت بلدة صريفا قبل سنوات، حيث كانت تهتزّ منازلها كلّ أسبوع.
لا تبعد صريفا كثيراً عن العباسية والصرفند وعدلون، يعيش السكان حالة من الذعر. بعضهم ابتعد قليلاً عن البحر، خشية من «تسونامي». على طول الطريق من الصرفند باتجاه عدلون، تكاد الحياة تكون شبه عادية. حركة السيارات خجولة نسبياً. بعضهم يعزو السبب إلى ارتفاع أسعار المحروقات، وبعضهم يعيده إلى الهزّات وحركة المدّ والجزر».
«الناس مرعوبة» يُعلّق أحدهم. الكل يخشى زلزالاً مدمّراً، خصوصاً سكّان المباني المرتفعة. هؤلاء يواجهون هاجس الخوف يومياً. يُمنَى تعيش في مبنى مؤلف من خمس طبقات، مقابل بحر عدلون. لم تنم منذ الأمس. تقول: «أشعر بالهزة في كلّ لحظة. أتخيل أن المبنى قد يتهدّم». يصعب عليها تصوّر الأسوأ. ما زال سيناريو زلزال تركيا وسوريا ماثلاً أمامها ما دفعها أمس الأوّل للخروج إلى الشارع مع عائلتها. ما أرعبها أكثر، مشهد تراجع مياه البحر، «شعرت وكأن البحر سيرتدّ علينا. فعلاً نعيش قلقاً لا نحسد عليه».
على بعد أمتار من منزل يُمنى، يقع ميناء عدلون. يقف الصيادون يتأمّلون البحر. بدا واضحاً تراجع البحر وانخفاض مستوى المياه، في ظاهرة أقلقت الناس، غير أن أحد الصيادين يدعى كمال يلفت إلى أنّ «الظاهرة طبيعية. عادة ما تتكرّر بين شباط وآذار من كل سنة».
منذ ثلاثين عاماً، يمارس كمال مهنة الصّيد في البحر. في كل سنة يحدث الجزر وفقاً لحركة الكواكب. في مثل هذه الأيام يكون البحر هائجاً. لا تنتبه الناس لانخفاض مستواه. هذا الأمر يؤكّده مدير «المركز اللبناني للغوص» يوسف الجندي الذي شدّد على أنّ حركة انخفاض مياه البحر طبيعية، ولا داعي للهلع، مستبعداً فكرة حدوث تسونامي. في المقابل لا ينكر الجندي أن مستوى الإنخفاض كان كبيراً مقارنة مع السنوات الفائتة. ربّما يكون له علاقة بالزلزال، بيد أنّه يجدّد تأكيده أن هذه الظاهرة تحصل سنويّاً، ولو كان هناك عاصفة لما لوحظ هذا الأمر. وأشار الجندي إلى أنّ وزارة الأشغال العامة، تعمل كلّ عام على تنظيف الرصيف عند ميناء عدلون من الرمل جرّاء المد والجزر، مكرّراً «لو كان هناك مشكلة، لما عادت مياه البحر إلى مستواها».
إذا المدّ والجزر حركة طبيعية ترافق حركة الكواكب لا أكثر، وما يحصل أكثر من طبيعي. هذا ما أكّدته وحدة إدارة الكوارث في اتحاد بلديات ساحل الزهراني، التي شددت على أن «لا ارتباط بين ظاهرة المدّ والجزر التي تحدث في كل البحار والمحيطات والمتعلّقة بحالة القمر. أما الزلازل فلا علاقة لها بحالة القمر». وارتكزت وحدة الكوارث في بيانها إلى ما أعلنه المركز الوطني للجيوفيزياء التابع للمجلس الوطني للبحوث العلمية في لبنان.