كتب عبد الكافي الصمد في “الأخبار”:
يمكن لبلدية طرابلس القول إنها قامت بواجبها. فقد وجّهت قبل أيّام إنذارات إلى عدد من أهالي محلة ضهر المغر في منطقة القبّة بمدينة طرابلس، لمطالبتهم بضرورة إخلاء منازلهم من أجل عدم تعرّض حياتهم وحياة أبنائهم وعائلاتهم للخطر. تأتي هذه الإنذارات بعد الكشف على المنازل من قبل لجنة فنية، أثبتت تصدّعها واحتمال تعرّضها للانهيار في أيّ لحظة.
لكن هل يكفي الإنذار لتكون البلدية قد قامت بواجبها؟ بالنسبة إلى الأهالي المقيمين في المحلة المذكورة، لم تكتشف اللجنة الفنية جديداً. فهم يعرفون أنّهم يقيمون داخل شقق وأبنية قديمة، لم تشهد أيّ عملية ترميم أو تأهيل منذ سنوات، وظهرت تصدّعات في أساساتها وجدرانها وسقوفها التي تتسرّب منها مياه الأمطار طيلة فصل الشّتاء. لكنهم اعترضوا بشدة على إخطار البلدية لهم بضرورة أن يغادروا المكان، معتبرين أنّ «نفض البلدية يدها من الموضوع، ومحاولة رفع المسؤولية مسبقاً عنها إذا ما حصل انهيار لأيّ مبنى سقط تحت ركامه ضحايا، أمر غير مقبول ولا مبرّر»، وفق قول أحدهم.
بعض الأهالي الذين تبلّغوا قرار البلدية بضرورة إخلاء منازلهم على جناح السرعة قبل وقوع كارثة، وهي إنذارات خطّية سبق للبلدية أن وجّهتها لهم سابقاً، أوضحوا أنّهم غير قادرين على صيانة منازلهم المتصدّعة وتأهيلها بسبب أوضاعهم المادية والمعيشية الصّعبة. وشكوا من عدم مبادرة أيّ جهة لمدّ يد المساعدة لهم، ما يجعلهم معرّضين لخطر الموت تحت ركام هذه الأبنية، التي انهار أحدها أواخر شهر حزيران من العام الماضي، ما أدّى حينها إلى وفاة طفلة صغيرة وجرح شخصين.
وأوضح الأهالي صعوبة مغادرة منازلهم، سواء لعدم القدرة على الاستئجار، أو اللجوء إلى الإقامة عند الأقرباء «بسبب ضيق المنازل من جهة، والأوضاع المعيشية الصعبة من جهة ثانية، فضلاً عن أنّ النزوح من بيوتنا والإقامة مؤقتاً في أماكن أخرى ليس معروفاً إلى متى سيستمر ذلك في ضوء غياب أيّ رؤية أو خطّة مشروع بإعادة تأهيل وصيانة تلك الأبنية».
وطالب الأهالي المعنيين بـ«ضرورة التدخّل سريعاً لمعالجة هذه المشكلة قبل فوات الأوان واحتمال وقوع انهيارات في الأبنية، مثلما حصل سابقاً»، وسألوا عن نواب طرابلس ودورهم في معالجة هذه المشكلة، معتبرين أن «طرابلس بحاجة إلى حلّ حاسم وسريع قبل وقوع كوارث وضحايا إن لم تتم معالجة المشكلة مسبقاً».
وكان لافتاً أنّ هذا التطوّر ترافق مع انعقاد المؤتمر الذي نظّمته نقابة المهندسين في الشّمال، يوم السّبت الماضي، بالتعاون مع اتحاد المهندسين العرب، تحت عنوان: «الأبنية المتصدّعة وخطرها على السلامة العامّة» في قاعة المؤتمرات بمبنى النقابة بطرابلس، لم يتم التطرق فيه من قريب أو بعيد إلى وضع هذه الأبنية، ومصير قاطنيها، ولا وضع خطة إعادة ترميم وتأهيل لها، برغم صدور تقارير وتقديرات تفيد بأنّ ما لا يقلّ عن 600 منزل في طرابلس معرّضة للانهيار فوق رؤوس قاطنيها في أيّ لحظة، بسبب ظهور تصدّعات وتشققات في الأسقف وفي الجدران والأعمدة.