كتب أكرم حمدان في “نداء الوطن”:
لم تتمكّن جلسة إنتخاب رئيس الجمهورية في جولتها السادسة أمس، من كسر الرتابة والروتين اللذين طبعا الجلسات السابقة، رغم المحاولات التي حصلت على خلفية فتح النقاش الدستوري حول نصاب الجلسات، ورغم الإستعانة بعبارات من وزن «غير لائق» و»الدبّابات والملالات» وما شابه، ما طبع بداية الجلسة بجولة «مناوشات» كلامية بين نواب «الكتائب» ونواب من كتلة «التنمية والتحرير».
وتبيّن أن «المادة رجلها من الشباك» هي المادة 49 من الدستور التي تُحدد آلية إنتخاب رئيس الجمهورية، كما أن النقاشات التي طبعت بداية الجلسة تدل على الإرتباك في المواقف والتداخل بين السياسي والدستوري والقانوني، إذ كيف يُثار حديث عن المواد الدستورية التي تجعل مجلس النواب هيئة ناخبة وضرورة البدء بالعملية الإنتخابية، ثم يُفتح نقاش جانبي لتحويل الجلسة إلى جلسة تفسير نص دستوري بشأن النصاب وهناك شبه إجماع حوله؟
وفي وقائع الجلسة، كشفت عملية التصويت وللمرة الأولى ورقة باسم رئيس «تيارالمردة» الوزيرالسابق سليمان فرنجية، ونال نائب زحلة الكاثوليكي ميشال ضاهر صوتاً واحداً من دون أي اعتراض على الخلفية المذهبية، وارتفعت أصوات الوزير السابق زياد بارود إلى ثلاثة، ونال عصام خليفة 7 أصوات، وبقي «لبنان الجديد» على معدّله السابق، أي 9 أصوات، في حين بقي التوازن على حاله بين النائب ميشال معوض الذي نال 43 صوتاً والورقة البيضاء التي حصدت 46 صوتاً، وأضيف إلى المعادلة عبارة «دستور جديد للبنان جديد» وكذلك «فالج لا تعالج… بدها عصا».
وبينما حضر 112 نائباً في الدورة الأولى، قبل أن يتمّ تطيير النصاب بعد إنتهاء الفرز وإعلان نتائج عملية الإقتراع وتحديد موعد الجلسة السابعة الخميس المقبل في 24 الجاري، سجّلت الجلسة مداخلات بالنظام لعدد من النواب كانت خلاصتها تأكيد المؤكّد، لجهة تمسّك غالبية الكتل والنواب بنصاب الثلثين لجلسة الإنتخاب في كل الدورات.
وكانت الجلسة إنطلقت بعد تلاوة أسماء النواب المتغيّبين بعذر والمواد الدستورية المتعلقة بإنتخاب رئيس الجمهورية، بسؤال للنائب سامي الجميل إلى رئيس مجلس النواب نبيه بري حول المادة التي يستند إليها للحفاظ على نصاب الثلثين في الدورتين». وقال: «إن المادة 49 لا تتكلم عن نصاب، بل عن إنتخاب رئيس بالثلثين في الدورة الأولى، وإنتخاب بالنصف زائداً واحداً في الدورة الثانية، لذلك أتمنى أن يتمّ تفسير النص الدستوري طالما هو من صلاحيات مجلس النواب وأن نفتح النقاش حول هذه النقطة، لأنّ الطريقة التي تمّت والجواب الذي أعطيته في الجلسة الماضية كان غير لائق بك وبالمجلس يا دولة الرئيس».
وهنا إعترض نواب كتلة «التنمية والتحرير»، ولا سيما النواب علي حسن خليل وعلي خريس وقبلان قبلان على كلام الجميل الموجه لبري، ثم تدخل النائبان إلياس حنكش ونديم الجميل.
وقال النائب قبلان: «في العام 1982، أتوا بالنواب إلى المجلس بالملّالات والدبابات ليعملوا نصاب لبشيرالجميل»، فردّ عليه النائب نديم الجميل بالقول: «خلصنا من طق الحنك ومن الملالات تبعكن»، فأجابه قبلان: «نحن من زمان خلصنا، بس إنتو ما عم تخلصوا».
بعدها، ردّ بري على مداخلة النائب سامي الجميل قائلاً: «الدستور اللبناني أيّها الزميل الكريم ينصّ على أكثريتين: أكثرية نصاب الجلسات شيء، والدورات شيء آخر، فالجلسات دائماً يجب أن تكون بنصاب الثلثين، هذا الأمر كان دائماً موضع نقاش منذ العام 1927 وحتى الآن، وأكبر دليل على ذلك أنّ الشيخ سامي الجميل نفسه في 1 أيلول 2007 قال حرفياً: «ندعو المسيحيين إلى المشاركة بجلسة إنتخاب رئيس الجمهورية وعدم ضرب نصاب الثلثين، وأن الخطر الأكبر في تخطّي المؤسسات».
وتابع بري متوجّهاً للجميل: «هذا تصريحك في واحد ايلول 2007، و»بيّك الله يطوّل بعمرو، روح إسالوا شو بيقول أنا بقبل، بدك أكثر من هيك؟ كما أن البطريرك صفيرـ رحمه الله ـ إتخذ موقفاً حاداً وجازماً ونهائياً في هذا الأمر، النص واضح هو بأكثرية الثلثين للنصاب، في الدورة الأولى ينتخب الرئيس بأكثرية الثلثين، وفي الدورة الثانية بالأكثرية المطلقة، فهل المطلوب إنتخاب رئيس في 33 صوتاً»؟
بعدها توالت مداخلات النواب بالنظام، فعبّر أمين سر كتلة «اللقاء الديموقراطي» النائب هادي أبو الحسن عن موقف الكتلة المؤيد لنصاب الثلثين في كل الدورات، وكذلك أعلن النائب جورج عدوان أنّ تكتّل «الجمهورية القوية» مع نصاب الثلثين و»لكن نتمنى على النواب أن يمارسوا دورهم ومسؤوليتهم في صندوق الاقتراع».
ولم يكن موقف عضو تكتل «لبنان القوي» النائب سليم عون مختلفاً عن تأييد نصاب الثلثين، سوى لجهة المطالبة بالإطلاع على محاضر مناقشات الطائف، قطعاً لكثرة الإجتهادات والتفسيرات.
وكانت مداخلات للنواب إلياس جرادي، ملحم خلف، كميل شمعون ووضّاح الصادق، ودعت إلى جعل الجلسات مفتوحة وعبارة عن جلسات حوار جدّية وهادئة ربّما تُمهّد لإنتخاب رئيس، لأنّ إنتظار الإتفاق الخارجي سيكون على حساب لبنان واللبنانيين، كما عبّر النائب جرادي.
لكن النائب جميل السيد كان أكثر وضوحاً عندما قال: «آخر إنتخاب لبناني للرئيس حصل سنة 1970 وبعدها لم يحصل إنتخاب رئيس إلا بناء لتدخّل خارجي، وسنبقى عاجزين عن إنتخاب رئيس إلا إذا حصلت تسوية ما».
ووصف ما يجري داخل القاعة «بالنقاشات التقنية التي لا تؤدي إلى إنتخاب رئيس، كما أنه لا تعديل للدستور إلا بوجود حكومة، والتغيّب عن الجلسات والخروج من الجلسات حقّ لأي نائب، وفي نظام التصويت هناك ثلاث أكثريات، الحكومات ممكن أن تخرج بـ 33 صوتاً وكذلك القوانين».
وقبيل بدء عملية الإقتراع، أصرّ النائب فراس حمدان على تكرار السؤال الذي طرحه النائب سامي الجميل للرئيس بري: وفق أي مادة وأي مستند قانوني؟ فردّ بري قائلاً: «المادة 49 من الدستور».