كتبت غادة حلاوي في “نداء الوطن”
من دون الكثير من العناء والبحث والتمحيص، يتفق الكل على أنّه «لا رئاسة في الأفق ولو استغرق الفراغ سنوات»، وإن لم ينجحوا في تقديم البراهين لمثل هذا الإستنتاج. لكنّ الإنقسام يتمظهر حول حظوظ رئيس «تيار المردة» سليمان فرنجية الرئاسية. فئة لا ترى مرشحاً بديلاً. وفي تقديرها أنّ «حزب الله» باشر منذ اليوم الأول لنهاية عهد الرئيس ميشال عون تعبيد طريقه الى بعبدا وإزالة العقبات، أولاها والأهم رفض رئيس «التيار الوطني الحر» جبران باسيل المضي بانتخابه. ويقول أصحاب وجهة النظر هذه إنّ «حزب الله» سيبقي محاولاته مفتوحة الى أن يقنع حليفه الأقرب أن الإعتبارات الوطنية تجعله مرشحاً أساسياً. وبذلك يكون قد قطع الطريق على باسيل لاختيار مرشح آخر و»إن طال الزمن»، ويتوقع هؤلاء أن «حزب الله» سيتمسك بترشيح فرنجية كما تمسّك بترشيح عون إن لم يكن أكثر، غامزين من قناة وجود تواصل بين «حزب الله» والسعودية عبر قنوات معينة ربما تكون أمنية.
فئة ثانية تقول إن الظروف السياسية الراهنة لا تصب في مصلحة فرنجية وتنقل عن رئيس حزب سياسي، يتمثل بكتلة نيابية واسعة في البرلمان أنه مع حلفائه سيسعون جاهدين لعدم تأمين نصاب جلسة يمكن أن تنتهي الى فوز فرنجية بالرئاسة. وفي رأيها أن «حزب الله» بات محرجاً وإن كان يتابع مساعيه. كلمة السر هي أنّ المطلوب إنتخاب فرنجية رئيساً لا أن يبقى مجرد مرشح رئاسي والإعلان عن تأييده لن يكون قبل نضوج التسوية. وإلى أن تنضج، يسعى فرنجية بنفسه إلى مدّ جسور التواصل مع الجهات المعنية. وشكّل حضوره منتدى الأونيسكو بمناسبة الذكرى الـ33 للطائف خطوة لا يمكن قراءتها بعيداً عن حيثية ترشيحه. وقد تمنى حلفاء فرنجية لو لم يكن حضوره على هذا المستوى لكن المقربين من «زعيم المردة» وضعوا الخطوة في إطار كونها «جريئة» من مرشح «وفاقي» كما يطلق عليه ممثله في حكومة تصريف الأعمال، وزير الاعلام زياد مكاري.
لوزير الإعلام مقاربة للمرشح الرئاسي تختلف عن الكثيرين، ينتقد التسميات الملاصقة للمرشحين كالمرشح التوافقي ومرشح التحدي والمرشح القوي والمرشح السيادي «هناك تسميات يجب أن نتجاوزها، الرئيس التوافقي مخالف لمبدأ الديمقراطية والمطلوب رئيس وفاق وطني وليس توافقياً، أما الرئيس القوي فقد اختبرناه في العهد الماضي و لم نرَ عهداً قوياً. وما نفع رئيس قوي لا يمكنه أن يتواصل مع أي دولة مؤثرة».
برأي مكاري «يجب البحث عن شخص لا تنطبق عليه الأوصاف الثلاثة السابقة» لأنّ «الرئيس يجب أن يكون وفاقياً وقوياً ووطنياً ويملك القدرة على أن يجلس مع الجميع على المستوى الوطني وله القدرة على أن يبادر باتجاه الدول المؤثرة في لبنان وأولها سوريا والخليج ودول الغرب». أما لماذا سوريا أوّلها «فلأن سوريا وبغض النظر عن العلاقة التي يفترض أن تكون مميزة معها، هناك مشاكل عدة معها من ملف النازحين إلى التهريب على الحدود وترسيم الحدود البحرية شمالاً، يجب حلّها بالحوار معها».
ومن يرفض هذا المنطق بالتعاطي لا يمكن انتخابه وفق ما يرى مكاري غامزاً هنا من قناة ترشيح النائب ميشال معوض الذي يرى فيه مرشح تحدّ «هناك مشكلة في مرشح يرفض محاورة السوريين وقسم كبير من اللبنانيين. مشكلة ثانية أساسية وهي سلاح «حزب الله» الذي يتسبب بانقسامات عمودية، فإذا كنت ترفض الحوار معه والعلاقة معه ومع إيران فهي أيضاً مشكلة».
يخالف مكاري منتقدي حضور فرنجية لندوة الأونيسكو ويقول «هم كرّموا الضيف وظهر كمرشح رئاسي وفاقي وله القدرة على الحوار مع الجميع ولا سيما مع المملكة العربية السعودبة»، متابعاً «أي رئيس مستقبلي يرفض الحديث مع فريق لبناني أو عاجز عن نسج علاقات مع دول الخليج فوجوده كعدمه».
غير أن فرنجية لا يزال من وجهة نظر السعودية كما الأميركيين مرشح سوريا و»حزب الله» بينما تبدو فرنسا الأقرب الى تبني ترشيحه. أقله هذا ما يلمسه من يتردد على دوائر الفرنسيين ويلتقي سفيرتهم في لبنان.
ورداً على سؤال يؤكد مكاري أن» فرنجية لم ينتقد السعودية أبداً. وهو مرشح يدعمه «حزب الله» وليس مرشح «حزب الله»، مضيفاً «لم يقطع فرنجية علاقته مع الأميركيين. أميركا لا تبدي حماسة لشخص بعينه واذا لمست توافقاً حول مرشح يستقطب من حوله الداخل والخارج فلن تقف حجر عثرة، ومع الفرنسيين تربطه علاقة صداقة جيدة وعميقة».
في العلاقة مع رئيس «التيار الوطني الحر»، يتكل رئيس «المردة» على «حزب الله» لمعالجة المسألة مستنداً الى الإتصالات واللقاءات التي تشهدها كواليس الضاحية وميرنا الشالوحي، بالموازاة يكشف مكاري أن التواصل غير مقطوع على خط المردة – التيار، «الأهم هي النظرة الى المستقبل وليس إلى الماضي»، والأهم برأيه «مصلحة البلد تبقى هي الأهم». وعن موقف بكركي، يؤكد مكاري أنّ انتخاب مرشح ترفضه بكركي غير ممكن، مستبعداً أن يكون لديها أسماء مرشحين». يبني مكاري على الإتصالات التي يجريها فرنجية والحلقة الضيقة المحيطة به وما يُعلمه به الحلفاء ليقول حظوظ فرنجية الأكثر ارتفاعاً بين المرشحين، لكن «طبخة الرئاسة لم تنضج بعد واستباق الأمور بتسميته سيحرق ترشيحه والأجواء ليست انتخابية بعد».