مقاربة دولية جديدة: تكامل بين الإستحقاقيْن الرئاسي والحكومي

جاء في “نداء الوطن”:

دخل لبنان منذ بداية الشهر الحالي مرحلة الشغور في الرئاسة الأولى، وهي المرّة الثالثة منذ اقرار دستور «الطائف»، التي يصبح فيها لبنان بلا رئيس للجمهورية. ومرة جديدة تُضبط المنظومة الحاكمة متلبسة عن سابق تصور وتصميم بجرم منع انجاز استحقاق دستوري بأهمية وخطورة انتخاب رئيس جديد للجمهورية.

صحيح أنّه بعد الطائف وتلزيم لبنان للادارة السورية كانت تفرض الاستحقاقات فرضاً وفق مشيئتها، ولم يكن أيّ من مكوّنات المنظومة يمتلك ولو بعض الإرادة لقول «لا» في مكان ما، الّا أنّه بعد العام 2005 كان يؤمل أن يمتلك اللبنانيون المبادرة لإدارة شؤونهم بأنفسهم، غير أنّهم أخفقوا من جديد، فكان التعطيل المتعمّد من جهة وعدم امتلاك القدرة على انجاز الاستحقاقات نتيجة غياب الارادة الوطنية الجامعة من جهة ثانية، سبباً مباشراً لاستدعاء الخارج لكي يدلنا إلى طريق الحلول والتي دائما كانت منقوصة وبلا أفق واضح.

إلى متى سيبقى الشغور في بعبدا؟

يقول مصدر دبلوماسي غربي لـ»نداء الوطن» إنّ «القناعة الدولية بأنّ الممسكين بالقرار لا يريدون انجاز الاستحقاق الرئاسي الّا وفق رغباتهم، بما يعني تأبيد المنظومة الحاكمة، التي ستتكل على مورد نهب جديد وهو الثروة النفطية والغازية، وهذا ما يناقض التوجه الدولي، الذي يرى أن المسار يجب أن يكون مختلفاً، بمعنى أنّ الارادة الدولية والاقليمية التي تجمّعت لانجاز اتفاق ترسيم الحدود البحرية الجنوبية، كانت تنظر من زاوية مهمة لهذا الملف انطلاقاً من امكانية اعادة لبنان إلى مسار من التعافي والازدهار، ليس للبحث عن دور جديد، انما لتثمير عائدات الثروة النفطية والغازية في إعادة إحياء دوره، لا بل ادواره، التاريخية والتي يصعب على أي دولة أخرى أن تصادرها أو ان تكون بديلاً منها».

ويتابع المصدر «من هنا كانت الرغبة والإرادة الدولية بمساعدة لبنان عبر ملف لبناني حيوي، والاقلاع عن سياسة التسوّل التي اعتادتها المنظومة التي حكمت بعد تسعينات القرن الماضي، وبدء لبنان مسار الاتكال على نفسه من خلال الاستثمار الصحيح والمنتج على ثروته، وكل ذلك ممكن اذا استتبع بتغييرات أساسية في طبيعة التركيبة الحاكمة، لأنّه ليس معقولاً أن تستمر المرحلة الانتقالية بعد «الطائف» والتي كان قد حدد لها سنتان، الّا أنّها أصبحت أمراً واقعاً قائماً إلى يومنا الحاضر، فاذا كان استيعاب الميليشيات بعد الحرب هو من باب نزع فتيل التوتر نهائياً من الشارع والانتقال إلى مرحلة الاستقرار والسلم الاهلي، إلّا أنّه لا يمكن تسليم الدولة بكل مؤسساتها إلى الممارسات الميليشياوية التي لم تبق شيئاً الّا ونهبته أو دمرته».

ويكشف المصدر أنّ «المقاربة الدولية للاستحقاق الرئاسي مختلفة كلياً عن سابقاتها، وهي لا تنطلق من أولوية انهاء خلو سدة الرئاسة، على أهمية ذلك، انما لا يمكن أن يكون ملء الموقع كيفما اتفق، لأن المطلوب أن يكون انتخاب رئيس جديد للجمهورية هو الانطلاق في مسار جديد ينهي إلى غير رجعة أكثر من ثلاثة عقود تمّ خلالها احتلال مؤسسات وادارات الدولة وتدميرها ونهبها، من هنا أهمية التكامل بين الخيارين الرئاسي والحكومي المقبلين، لأنّ القناعة الدولية هي بوجوب الذهاب إلى خيار رئاسي على تكامل مع خيار في رئاسة الحكومة ينتجان عقلية جديدة وسلوكاً جديداً في ادارة الحكم في لبنان».

وأشار المصدر إلى أنّ «هذه المقاربة ستتوضح أكثر بعد الانتخابات النصفية الاميركية، وأياً ستكون النتائج، فإنّ التلاقي الدولي بقيادة أميركية الذي انتج ترسيم الحدود البحرية الجنوبية على خطورة هذا الملف، قادر على انتاج استحقاق رئاسي ولاحقاً حكومي يُنقذ لبنان من براثن الفوضى مما يجعل امكانية التعافي حقيقة بلا وجوه تحولت إلى كوابيس للبنانيين، لذلك؛ يؤمل أن لا يكون خلو سدة الرئاسة هذه المرة طويلاً انما يقاس بالأسابيع والأشهر».

شاهد أيضاً

“استقلال البلد مهدد”… باسيل: دخلنا في حرب لم يكن يجب أن نقع فيها

أكد رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل أنَّ “الحفاظ على الإستقلال هو أصعب من …