أعلن ناشطون سياسيون عن إطلاق “تيار التغيير في الجنوب” تحت عنوان “نحو جمهورية ديمقراطية علمانية اجتماعية”، وذلك في حفل اقيم في قاعة “لافيتا” في النبطية، بحضور النواب مارك ضو، ميشال الدويهي وفراس حمدان، اضافة الى عدد من المرشحين السابقين على لائحة القوى التغييرية في الانتخابات النيابية السابقة في الجنوب ووجوه معارضة.
وألقت الناشطة سوزان حكيم كلمة ترحيب، ثم القى الناشط علي مراد البيان السياسي لـ”تيار التغيير في الجنوب” وجاء فيه:
“اجتمعنا اليوم وتوافقنا على العمل معا في مرحلة ما بعد الاستحقاق الانتخابي النيابي، منطلقين من ضرورة الاستمرار في المعركة السياسية مع السلطة الحاكمة والمتحكمة، ومحاسبتها شعبيا على ارتكاباتها بحق لبنان، دولة وشعبا واقتصادا ومجتمعا، والتي وصلت الى حد الاجرام بانفجار المرفأ في 4 آب 2020. تلاقينا وقررنا العمل سوية ومع الناس، لأن حماية مجتمعنا واستعادة حقوقنا المسروقة وأحلامنا المنهوبة ومستقبلنا ومستقبل أولادنا وأحفادنا من طبقة القتلة التي تحكمنا، تتوجب كسر احتكار قوى السلطة التمثيل السياسي الشعبي”.
أضاف: “لقد شكلت ثورة 17 تشرين منعطفا في الحياة السياسية. ساهمت الانتفاضة بتحرير الناس من أوهام الاساطير المكرسة، التي ألغت السياسة من البلد، واطلقت العنان للخيال السياسي والحق في الحلم. والأهم، جاءت الانتفاضة لتؤكد ان الجنوب، كل الجنوب، هو جزء لا يتجزأ من المواجهة الوطنية. فشاركت الناس في التظاهرات، منذ الليلة الأولى في بنت جبيل والنبطية وصور وكفرمان وصيدا ومرجعيون -حاصبيا وغيرها من مناطق الجنوب. وكان لمشاركة الجنوب أثر كبير على بقية المناطق في كسر حاجز الخوف والترهيب السائد”.
وتابع: “وعلى الرغم من كل ذلك، وبعد مرور اكثر من 3 سنوات على انفجار الازمة، ما زالت السلطة السياسية والمالية مصرة على عدم القيام بأي اصلاح جدي والاستمرار في محاولة شراء الوقت، في الوقت الذي تتجه فيه البلاد الى السقوط الحر بالمعنى الاقتصادي والمالي والاجتماعي. لقد اضاعت السلطة في لبنان سنوات ثلاث غير عابئة بوضع الناس المعيشي وحاجة البلاد للإصلاحات البنيوية على الصعد كافة، كل ذلك من أجل الدفاع عن مصالح التحالف السياسي والمالي المتحكم بالقرار السياسي والمؤسسات، وهي تقود البلاد اليوم، بخفة موصوفة، الى تكريس فراغ رئاسي للمرة الثالثة على التوالي، فراغ رئاسي اثبتت التجربة في كل مرة حجم الضرر الكبير الذي يخلفه”.
وأردف: “اما في الجنوب، نحن نعيش منذ أكثر من 30 عاما تحت سطوة النهج الإلغائي. نهج لم يبدأ اليوم، بل هو موغل في عمقه. نهج الزبائنية والفساد ومحاولة شراء ولاءات الناس وابتزازها بلقمة عيشها وحقوقها الاساسية. نهج فائض القوة واستخدام النفوذ السياسي والزبائني والأمني لخنق الفضاء السياسي العام. نهج التخوين والاتهامات ونظريات المؤامرة التي تستخدم ضد كل المعارضين للقوتين المهيمنتين في الجنوب. هذا الجنوب، باسم تضحيات أبنائه سلب المال العام تم تعطيل الدولة، سعوا الى الغاء التعددية بالترهيب والترغيب والتخوين، ومصادرة قرار الجنوبيين والجنوبيات، واحتكار تمثيلهم وادعاء الدفاع عن مصالحهم”.
وأكد أن “ما انجز في الانتخابات الأخيرة كان حدثا بالغ الأهمية، ان كان على مستوى النتائج في مختلف الدوائر الانتخابية وفي تشكيل لائحة موحدة للمعارضة في دائرة الجنوب الثالثة في مواجهة التحالف المتسلط على الدولة وأجهزتها، والمتمثل بكل من حزب الله وحركة أمل وحلفائهما، او في التمكن من الفوز بمقعدين نيابيين على مستوى الدائرة الثالثة، وكذلك في النتيجة التي تحققت في الدائرة الأولى لجهة الأرقام التي حصلت عليها قوى التغيير بشكل عام وخسارة التحالف السلطوي لمقاعد ثلاثة فيها”.
وأشار الى أن “تيار التغيير في الجنوب يسعى ليكون، مع بقية القوى، ترجمة للصوت الشعبي المطالب بالوحدة وإنتاج مشروع سياسي في مواجهة قوى السلطة التي تتحمل مسؤولية تدمير الدولة وانتهاك السيادة الوطنية بكافة ابعادها وتجاوز الدستور والقوانين ونهب المقدرات الوطنية والانهيار المالي والاقتصادي ودفع المجتمع إلى دائرة النار والخطر والتهجير والفقر، إضافة إلى تفكيك علاقات لبنان الخارجية، وزجه في لعبة المصالح والضغوط الخارجية التي لا مصلحة له فيها”.
وتابع البيان: “اننا في تيار التغيير في الجنوب نعتبر ان انفجار مرفأ بيروت، ليس فقط قضية مركزية لمسؤولية السلطة المتواطئة في قتل عموم المجتمع اللبناني، من مواطنين ومقيمين وعمال ومهاجرين، فحسب، بل هي مواجهة من أجل انهاء ثقافة الإفلات من العقاب وسعي السلطة القاتلة نفسها، في طمس الحقيقة والتحقيق ونحر العدالة. لأنه تصبح مجزرة 4 آب، جريمة ذي حدين، يحمي فيها القاتل نفسه بإجراءات قضائية أشبه بالبلطجة التعطيلية، بينما يبقى تلويح قوى السلطة بالفتنة الأهلية والاقتتال الداخلي، جاثما على صدر الحقيقة والساعين خلفها”.
أضاف: “وكما في قضية المرفأ، كذلك في ملف الترسيم، هذه السلطة تصر على بيعنا الأوهام. آخر ما تعرضه علينا هو محاولة ايهام الناس بأن الترسيم هو انتصار، في حين ان الاطلاع على الاتفاقية وبكل موضوعية يجعلنا أمام اتفاقية مخزية بكل المقاييس، والذي وصل الى ذروته في الاستغناء المجاني عن الخط 29 وعن حقل كاريش، قبل ان يظهر نص الاتفاقية كيف تم التنازل عن السيادة الفعلية على حقل قانا. وفوق كل ذلك، تصر السلطة على تهريب الاتفاق في حجج قانونية واهية ومنع النقاش السياسي في مجلس النواب”.
ورأى البيان ان “الواقع الصعب الذي تعيشه البلاد يستوجب البحث عن حلول تتجاوز الحلول التجميلية لواقع لم يعد بالإمكان التعايش معه أو المساومة على دفع ثمن تغييره، تتبدى الضرورة الملحة للانتقال إلى الجمهورية التي نصبو اليها. ولأجل ذلك، نحن في تيار التغيير في الجنوب نرى ان فرصة التغيير هذه تستند إلى ركائز ثلاث متلازمة وهي:
الأولى: بناء أسس الجمهورية الجديدة قائم على علاقة مباشرة بين المواطن والدولة التي تقوم أولا على احترام الدستور وأحكامه، وصولا الى نظام سياسي حديث يؤمن استكمال الطابع المدني للدولة من ضمن الاليات التي وضعها الدستور، عبر اطلاق أسس الإصلاح الدستوري والحوار الوطني والشعبي الهادئ حول إلغاء الطائفية السياسية، انطلاقا مما جاء في الدستور واتفاق الطائف، وضمان فعالية الدولة وفعالية الضوابط والتوازنات الديمقراطية.
الثانية: إرساء نموذج اقتصادي واجتماعي جديد: ان الخروج من الازمة الحالية، لا يتحقق إلا من خلال اعتماد نموذج اقتصادي جديد يقوم بداية على التوزيع العادل لكلفة الانهيار، وتحقيق العدالة الضريبية وبناء شبكة الأمان الاجتماعية، ورفض بيع أصول الدولة لتسديد الخسائر، وصولا الى وضع تصور بديل عن المقاربة الاقتصادية التي سادت طيلة عقود خلت من أجل الاقتصاد والمنتج والمستدام. نظام اقتصادي يُعيد الاعتبار للمزارع ويسهل تصريف إنتاجه ويحميه. نظام يُعيد الحياة لمصانع وحرف قُتلت في بنت جبيل، والنبطية، والغازية، وصيدا. نظام اقتصادي يعيد للأستاذ والموظف مكانته في صفوف الطبقة الوسطى. نظام اقتصادي لا يسرق المغتربين في إفريقيا والخليج، في أوروبا وأميركا الجنوبية والشمالية. نظام اقتصادي قوي لا يضعنا رهناء حقل غاز لا نعرف حقيقة ماذا يوجد فيه. وفي أحسن الأحوال لن يسد إلا جزءا يسيرا من حاجات مجتمعنا.
الثالثة: السيادة الكاملة. سيادة دولة القانون والقضاء النزيه وسيادة الدولة الداخلية في كافة الميادين الدفاعية والأمنية وكذلك سيادتها على السياسة الخارجية سيادتها الاقتصادية والاجتماعية في ضمان شبكة أمان اجتماعية لجميع مواطنيها. سيادة الشعب على أرضه ومياهه واقتصاده ومؤسساته الدستورية”.
وختم البيان: “ان ما نطرحه اليوم هو تعبير عن هويتنا ككيان سياسي، يكون في موقع وسطي بين الحزب والتجمع ويعكس الفهم المشترك للتنوع، ويسعى الى التغيير السلمي الديمقراطي وبناء دولة والمؤسسات واحترام القانون وضمان احترام العدالة الاجتماعية، فلبنان الذي يستحقه الشعب اللبناني يتطلب إعادة إحياء جمهوريتنا، جمهورية ديمقراطية برلمانية على أساس المواطنة وحكم القانون انطلاقا من أن الشعب مصدر السلطات وصاحب السيادة.