الاخبار تقرير ندى ايوب
يمتنع وزير المالية يوسف خليل عن تحويل مبالغ مالية، قدّمتها مصلحة «الريجي» إلى طلاب لبنانيين في كل من روسيا وبيلاروسيا وأوكرانيا وإيران وكوبا، فيما تتذرّع وزارة الخارجية بـ«القوانين» لعدم تبني آلية حل مطروحة للالتفاف على مراوغة خليل
في كانون الثاني الماضي، أصدرت وزارة الخارجية والمغتربين، لائحة بأسماء 890 طالباً لبنانياً في الخارج، استفادوا من هبة (898 دولاراً) قدّمتها إدارة حصر التبغ والتنباك (الريجي) لتمويل جزء من كلفة دراستهم، تُوزع عن طريق البعثات الدبلوماسية التي يتبعون لها. وكان هؤلاء قد استوفوا شروط لجنة مؤلّفة من ممثلين عن وزارتي التربية والخارجية والجامعة اللبنانية. وبدأوا بعد فترة بتسلّم المساعدة المالية من البعثات الدبلوماسية، باستثناء 350 طالباً في روسيا وبيلاروسيا، وعدد أقل في أوكرانيا وكوبا وإيران، لا يزالون محرومين منها حتى اليوم، إذ إن العقوبات والقيود التي فُرضت على المصارف الروسية والبيلاروسية بعد اندلاع الحرب الروسية – الأوكرانية، أعاقت عمليات تحويل الأموال إلى الطلاب في هذين البلدين، فيما حالت ظروف الحرب دون وصول الهبة إلى الطلاب في أوكرانيا. وكذلك الأمر بالنسبة إلى الطلاب في إيران وكوبا الخاضعتين بدورهما لحصار وعقوبات غربية.
في آذار، بعد اتصالات مكثّفة تلقّتها السفارة اللبنانية في روسيا من الطلاب، وجّه السفير في موسكو شوقي بونصار كتاباً إلى الخارجية يقترح فيه إيجاد آلية معينة تسمح بدفع الهبة في لبنان إلى ذوي الطلاب أو من يوقّعون لمصلحته توكيلاً رسمياً في السفارة في موسكو، على أن يتكفّل الأهالي بإرسال الأموال باليد أو بأيّ وسيلة أخرى. هذا الاقتراح، وفق مصادر دبلوماسية، غير ممكن لأنه «قانونياً على الوزارة الالتزام بمرسوم الهبة القاضي بتسليمها إلى الطلاب أنفسهم»! وهو ما يضعه مواكبون للملف في إطار «عدم الجدية وعدم اهتمام الخارجية بتيسير الأمور»، لأنه يمكن الطلب من مجلس الوزراء تعديل المرسوم لجهة السماح بتسليم الأموال إلى أهالي الطلاب على غرار ما حصل سابقاً، إذ إن هبة الدعم المالي التي تبرّعت بها «الريجي» مطلع عام 2020 كانت مخصّصة لتمويل إجلاء الطلاب العالقين في الخارج بعد إقفال المطارات في العالم بسبب جائحة «كورونا». وبعد سنة ونصف سنة، مع تراجع حدّة الجائحة وفتح الحدود وإجلاء الطلاب، تحوّلت وجهة استخدامها من الإجلاء إلى دعم المتعثّرين من الطلاب في دفع أقساطهم.
جمعية أهالي الطلاب في الخارج نفّذت تحركات والتقت في وزارة الخارجية بالفريق المواكب للملف، كما طلبت موعداً من وزير المال يوسف خليل الذي اكتفى بالرد على الأهالي، في بيان في 13 آب الماضي، أعلن فيه أن «المنحة ستصبح جاهزة لتسلّمها من قبل الطلاب ابتداءً من منتصف الأسبوع المقبل». ولكن، مضى شهران من دون أن يقبض الطلاب فلساً واحداً.
الطلاب الذين لم يتلقّوا المنحة هم من العائلات غير الميسورة
وفي المعلومات أن الخارجية راسلت في نيسان الماضي وزير المال مقترحة تعديل آلية تحويل الأموال، وأن تُحوّل، بدلاً من إرسالها إلى الدول المعنية، إلى حسابات البعثات الدبلوماسية في دول أخرى، كحساب إسطنبول، مثلاً، الذي تُحوّل إليه رواتب ومصاريف سفارة لبنان في إيران. وفي آب الماضي وجّهت الخارجية كتاباً آخر للتذكير بكتابها الأول، مدعمةً اقتراحها بأنه أصبح هناك حساب في أنقرة لصالح سفارتَي لبنان في روسيا وبيلاروسيا، ويمكن تحويل الهبة إليه، تماماً كما تُرسل «المالية» عبره رواتب ومصاريف السفارة. إلا أن أيّ جواب لم يأت من وزارة المالية.
مصادر في الخارجية تؤكد أن «دورنا ينتهي هنا، ولا يحمّلنا أحد أكثر من طاقتنا». فيما يلفت سامي حمية، رئيس جمعية أهالي الطلاب في الخارج، إلى أن «طلاب أوروبا الشرقية غالباً هم من أبناء الطبقات غير الميسورة، المتروكة لمصيرها في لبنان والخارج». ويحمّل مسؤولية متابعة الملف للوزارتين معاً، «لأن هنالك حلولاً لدى كل منهما». فيما رئيس الحكومة المكلّف تشكيل حكومة جديدة «لا علم له بالأمر»، وهو وبحسب المعلومات، «فوجئ» عندما تواصل معه النائب إيهاب حمادة طالباً تحريك الملف.