كتب وليد حسين في “المدن”:
يعمل وزير التربية عباس الحلبي على إيجاد حل للأقساط المدرسية على اعتاب بدء العام الدراسي في المدارس الخاصة، وفرض مبدأ التدقيق المالي بالميزانيات المدرسية، من خلال مشروع القانون الذي أُنجز لتعديل القانون 515 المتعلق بكيفية وضع موازنات المدارس. ينظم هذا القانون أصول تحديد الأقساط في المدارس الخاصة وتقسيم النفقات إلى 35 بالمئة للكلفة التشغيلية و65 بالمئة لأجور المعلمين.
بداية الحل رغم الثغرات
عرض الوزير مشروع قانونه على الأطراف المعنية (لجان الأهل واتحاد المدارس الخاصة وروابط المعلمين) وقام كل طرف بوضع ملاحظاته. ويفترض أن يعقد اجتماع بين هذه المكونات مطلع الأسبوع المقبل لتقييم المشروع ومدى قبول أو رفض كل طرف للقانون سواء جزئيا أوبمجمله.
القانون الذي عرضه الوزير بمثابة بداية للحل. فتح كوة في الجدار، لكن فيه الكثير من الثغرات، تقول مصادر مطلعة لـ”المدن” مفضلة عدم الكشف عن فحواه قبل معرفة رأي الوزارة بالملاحظات التي قدمتها مكونات الأسرة التربوية.
الإيجابية بمشروع القانون هذا أنه لم يأتِ على ذكر الصندوق المستقل الذي تطالب به إدارات المدارس، وينص على إدخال المساعدات والهبات إلى الميزانية المدرسية في باب الإيرادات، ويؤمن مبدأ تحسين رواتب الأساتذة من خلال مبدأ “المساعدة الاجتماعية” التي لا تدخل في صلب الراتب. ويقر مبدأ التدقيق المالي. وقد قدم الجميع ملاحظاته ويفترض أن تجتمع اللجنة المصغرة قريباً للتوصل إلى حلول ترضي الجميع.
رفض تجاوزات المدارس
رغم أن ما لا يقل عن ستين بالمئة من المدارس الخاصة استوفت الجزء الأول من الدفعة التي فرضت على أهالي الطلاب بالدولار النقدي، تواصل وزارة التربية محاولة إيجاد حلول ترضي الأهالي والمدارس والمعلمين حول قضية الميزانيات المدرسية. فالمدارس الخاصة فرضت أمراً واقعاَ وخصصت صناديق مستقلة تتقاضى من خلالها مبالغ بالدولار من خارج ميزانية المدرسة، ولجان أهالي الطلاب يرفضون هذه التجاوزات، فيما المعلمون يقفون في منتصف الطريق. فهم من ناحية يطالبون بتقاضي جزء من راتبهم بالدولار، ومن ناحية ثانية لا يمانعون مبدأ تدقيق لجان الأهل الحسابي بميزانيات المدارس. هذا فيما ترفض إدارات المدارس مبدأ التدقيق المالي من خلال خبراء مستقلين للكشف على الحاجة الفعلية لكل مدرسة في رفع أقساطها أو فرض دفعة منها بالدولار النقدي.
طرفا نقيض في هذه القضية: المدارس فرضت الصناديق غير القانونية ومصرة على تعديل القانون لصالحها. ولجان أهالي الطلاب يرفضون أي صندوق مستقل من خارج الميزانية لا تدخل الأموال المحصلة فيه ضمن باب الإيرادات. وأتى تدخل الوزير الحلبي لمحاولة حل هذه المعضلة على اعتاب بداية العام الدراسي.
رفض الصندوق المستقل
اتحاد المدارس الخاصة يصرّ على الصندوق المستقل، ولا يقبل إلا بمبدأ رقابة الأهل والأساتذة عليه فحسب، رافضاً التدقيق الحسابي من خبراء مستقلين. وبمعزل عن أن الصندوق هو اجراء غير قانوني، المشكلة أن القانون 515 الحالي لا يطبق أصلاً، ويأتي ليضاف إليه صندوق مخالف للقانون. فتصبح الأمور في الفوضى الشاملة.
لجان أهالي الطلاب يرفضون الصندوق والدفع بالدولار، لكن لا يمانعون وضع المدارس موازنات “واقع الحال”. بمعنى أنهم يتخلون عن تطبيق مبدأ تقسيم النفقات المدرسية بين 35 بالمئة للكلفة التشغيلية والـ65 بالمئة لرواتب وأجور المعلمين والموظفين، كما ينص القانون 515. وقد أعد اتحاد لجان الأهل وأولياء الأمور مشروع قانون يسمح للمدارس بوضع “موازنة الأمر الواقع”، لكن بشرط تعيين مفوض مالي مستقل يعين من الأهل والمدرسة. ويكون مشهوداً له بالخبرة والنزاهة للتدقيق بالحسابات. فعلى المدرسة تبرير كل النفقات المعقودة من ناحية، وإدخال كل الواردات إلى الميزانية المدرسية.
والمقصود بالإيرادات ليس الأقساط حصراً، بل كل الدفعات المحصلة بالدولار النقدي والمساعدات والهبات التي تتلقاها المدارس، إضافة إلى صافي الإيرادات الأخرى (قرطاسية ومقاهي وغيرها). على أن تحسم هذه الإيرادات من النفقات ويخصص جزء منها تحسم من الأقساط المدرسية. وهذا كله مشروط بتوقيع لجان الأهل على الميزانية المدقق بها حسابياً. بمعنى آخر تكريس مبدأ أن المدارس مؤسسات غير ربحية، لا مؤسسات تجارية، كما هو واقع الحال منذ عشرات السنوات.
رفض تكديس الأرباح
وحول كيفية تطبيق هذا المبدأ في ظل القانون 515 النافذ، يلفت المحامي شوكت حويلا، المنسق القانوني في اتحاد لجان الأهل، لـ”المدن”، إلى أنه يمكن فتح بند في الميزانية بالدولار يحسب على سعر الصرف في السوق السوداء. ويخصص لتحسين رواتب الأساتذة كمساعدات اجتماعية وحوافز. ويمكن تعديل المادة الثالثة في القانون 515 ويضاف إلى الموازنة بنداً لإدخال الإيرادات الأخرى والمساعدات والهبات. لكن يجب إلزام المدارس بقطع حساب آخر السنة لمعرفة حجم ما استوفته من أموال، وإذا كانت كافية للنفقات. وفي حال لم تكن كافية تستطيع المدرسة تعديل الميزانية من خلال وزارة التربية، والقانون يسمح لها بذلك.
وعن إمكانية نجاح مبدأ التدقيق بميزانيات المدارس، أكد حويلا أن لجان الأهل ووزير التربية ولجنة التربية النيابية يصرون عليه، ورابطة المعلمين لا تمانع. ما يعني أن إدارات المدارس حصراً ترفضه. وبالتالي عليها القبول به ووقف مخالفاتها المعتادة منذ عشرات السنوات في تكديس الأرباح.