كتبت كارول سلوم في “اللواء”:
سواء أتت الإستفاقة لتحريك ملف تأليف الحكومة متأخرة ام لا، إلا أن العبرة تبقى دائما في التنفيذ. ما قبل امس الاول، كان المشهد الحكومي مختفيا لا بل في موت سريري، وحاضرا فقط في بيانات بعض الكتل ومواقف بعض الأفرقاء، إلى أن حلت معجزة وحتَّمت تنشيط الدورة الحكومية من خلال توافق رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ورئيس الحكومة المكلف نجيب ميقاتي على تعديل التشكيلة الحكومية التي قدمها ميقاتي في التاسع والعشرين من حزيران الماضي. هذا التوافق برز في اجتماعهما الذي ستكون له تتمة في القريب العاجل.
قد تكون محاولة جديدة في التشكيل دون أن يعني أن المسألة مبتوت بها، فالشيطان يكمن في التفاصيل، حتى وإن ظهرت الرغبة المشتركة في التأليف.
في المعطيات ما من بوادر جديدة إنما إدخال تبديل من هنا وهناك مع المحافظة على بعض الثوابت في الأسماء والحقائب، وما فهم أن التعديل قد يطال ثلاثة حقائب. لكن أية حقائب؟ الطاقة؟ الاقتصاد؟ وهما الحقيبتان اللتان تدخلان في حصة رئيس الجمهورية. وهل انتفت أسباب عدم ولادة الحكومة في المرة السابقة؟ وهل أن دخول حزب الله فعليا على الخط سيسهل عملية التأليف؟
على ما يبدو فإن أكثر من سبب دفع إلى تفعيل العجلة الحكومية: قد تكون الخشية من مسألة الصلاحيات المرتبطة بحكومة تصريف الأعمال في حال وقع الفراغ الرئاسي والأمر متوقع أي في ما خص سيناريو الفراغ، وقد تكون الحاجة أساسية لقيام حكومة مكتملة الأوصاف تأخذ قرارات ضرورية. وفي معظم الأحوال، فإن انطلاقة لقاءات للتأليف أفضل من بقاء الملف معلقا.
وتقول مصادر سياسية مطلعة لصحيفة اللواء أنه من الصعوبة بمكان القول أن هذا الملف سيصل الى خواتيمه المرجوة في الوقت الذي لم تتم فيه ملاحظة تراجع الأفرقاء عن مطالبهم الأساسية، وتلفت إلى أن موضوع بقاء التشكيلة التي قدمها ميقاتي في المرة الأولى بعد تكليفه أي المؤلفة من ٢٦ وزيرا لن يتبدل أي ان التوجه السابق بأن يدخل الشق السياسي إليها من خلال إضافة ستة وزراء دولة صرف النظر عنه.
وتكشف المصادر أن البحث امس في أعقاب لقاء رئيسي الجمهورية والحكومة تركز على التفاصيل حول هوية أسماء الوزراء البديلة والآلية التي تعتمد، لكن ما من شيء محسوم أو نهائي بعد في انتظار خلاصة النقاشات ، معربة عن اعتقادها ان هذه النقطة بالذات غير واضحة والكلام يكثر عن أسماء وسطية تحظى بتوافق عون وميقاتي ، وهنا لا بد من رصد الاجتماعات المقبلة لمعرفة ماهية الآلية التي سيصار إلى اعتمادها.
وتفيد المصادر نفسها أن الأسماء المرشحة من ثنائي حزب الله وحركة أمل لن تكون قابلة لأي تغيير، وتشير إلى أن ممثل الوزير طلال أرسلان في الحكومة بدوره سيتبدل، لافتة إلى ان هناك سلسلة اتصالات تدور حول ترتيب الأسماء والحقائب لاسيما تلك التي كانت مدار إشكال في المرة السابقة.
وتقول ان نسبة التأليف توازي نسبة عدم التأليف حتى الآن وقد يكون الإجتماع المقبل المؤشر لما تؤول إليه الأمور، وتقول أن أي دعسة ناقصة مجددا قد تطيح بتحريك الملف الحكومي، مع العلم أن هذا التحرك يجب أن يكون قائما على أسس متينة.
وتؤكد ان ما من سقف زمني لملف تأليف الحكومة إنما التأخير أيضا له تداعياته، وترى أن رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة المكلف لم يمنحا مهلة محددة لاتصالاتهما لكنها لن تكون مفتوحة التوقيت، ولم يتحدثا عن تنازل معين ولذلك فإن الشكوك ترتسم حول المخرج الذي سيتم التفاهم عليه لتأليف الحكومة.
إلى ذلك ترى أوساط مراقبة أنه ليس حزب الله وحده من حرَّك التأليف إنما الرغبة كانت موجودة لدى الرئيس ميقاتي الذي يرفض تعرضه لأي ضغوطات أو إملاءات كما يرفض أن تطلق اتهامات بحقه لجهة عرقلة التأليف. مشيرة إلى ان الإنتظار لن يكون طويلا قبل جلاء المشهد برمته إن لجهة بقاء تصريف الأعمال أو قيام حكومة ميقاتي المعدلة حتى وإن حملت تسمية التعويم.
وهكذا يدور الملف الحكومي دورته مرة جديدة، فهل يقفل نهائيا لجهة التأليف ام تدخل إليه قوى خفية وتجمده إلى ما لا نهاية… هذا ما قد يتظهًّر قريباً.