كتبت غادة حلاوي في “نداء الوطن”:
هل انتقل «حزب الله» من التهديد الشفهي لاسرائيل اذا ما التزمت استخراج الغاز من جهة واحدة على الحدود اللبنانية الى مرحلة التهديد الفعلي ودخولنا مرحلة شبعا بحرية؟
في خطوة غير مفهومة من حيث التوقيت ولا الدلالات بعث «حزب الله» أولى رسائله المسيّرة باتجاه اسرائيل على خلفية شروعها بالتنقيب في حقل كاريش المختلف عليه. اللهم الا اذا كان تقصّد «حزب الله» تنبيه المفاوض اللبناني الى ضرورة عدم التماهي مع المطالب الاسرائيلية لأن أوان الاتفاق على الترسيم لم يحن بعد.
هو البيان الاول من نوعه الذي يصدره «حزب الله» حول اطلاقه ثلاث مسيّرات باتجاه المناطق المتنازع عليها عند حقل كاريش. يقول البيان ان العملية التي نفذت باسم شهيدين بارزين في «حزب الله» هما جميل سكاف ومهدي ياغي اطلقت «للقيام بمهام استطلاعية»، مؤكداً انها انجزت المهمة المطلوبة منها لتكون بذلك الرسالة قد وصلت.
النقطتان الابرز في البيان تأكيد «حزب الله» ان المسيّرات اطلقت لتكون بمثابة رسالة لاسرائيل بما يجسد التهديد الذي اطلقه قبل نحو شهر تقريباً امينه العام السيد حسن نصرالله، والمتعلق تحديداً بالتنقيب عن النفط وليس بالترسيم والذي حذر من اي قرار اسرائيلي بالتنقيب واستخراج النفط والغاز من طرف واحد. اما النقطة الثانية فكانت بالتأكيد على المهمة الاستطلاعية للمسيّرات الثلاث «والتي ادت مهمتها بنجاح»، ما يعني ان «حزب الله» تقصد ان تكون مسيّرات غير عسكرية ولا تنوي القيام بأي عمل عسكري بل الاكتفاء بعملية الاستطلاع، وهذه يمكن ان تكون خطوة اولى تحذيرية ستليها حكماً خطوات اخرى تتعدى الاستطلاع، في حال اصرت اسرائيل على المضي باستخراج الغاز بعمل أحادي بينما يرزح لبنان تحت وطأة ازمته الاقتصادية. ويمكن في قراءة الابعاد ان موضوع المسيّرات في بعده الاقليمي ما يتعلق بالاعتداءات الاسرائيلية المتكررة واستباحتها الاجواء اللبنانية وضرب أهداف في سوريا.
أما في ابعاده اللبنانية فيمكن ان تكون الرسالة موجهة الى المسؤولين اللبنانيين ممن حاولوا اشاعة اجواء ايجابية غداة تلقيهم بنود الرد الاسرائيلي على مقترحات لبنان، والتي حملتها شفهياً السفيرة الاميركية دوروثي شيا الى الرؤساء الثلاثة ونائب رئيس مجلس النواب الياس بو صعب.
بيان «حزب الله» اعقبه اتصال من الوسيط الاميركي برئيس الحكومة نجيب ميقاتي ونائب رئيس مجلس النواب بو صعب لاستيضاح موقف لبنان. كان الوسيط الاميركي صريحاً في ان خطوة كهذه ستعيد المفاوضات الى الوراء. وطلبت السفيرة الاميركية موقفاً لبنانياً رسمياً حيال خطوة «حزب الله» لكن المسؤولين في لبنان حاولوا تطويق التداعيات قدر المستطاع. أتى كل ذلك بينما كان لبنان تسلم من السفيرة شيا الرد الاسرائيلي على المقترحات اللبنانية، والتي جاءت بدورها كرد على المقترحات التي حملها الوسيط الاميركي من اسرائيل قبل ان تصل باخرة التنقيب الى حقل كاريش. ويرفض الجواب الاسرائيلي اقتراح كاريش كاملاً مقابل قانا كاملاً. يقع الجواب في اربع نقاط اساسية يقول ملخصها ان اسرائيل واميركا ترحبان بموقف لبنان بطي ملف الخط 29 وعدم التطرق اليه نهائياً، والمقايضة بين كاريش وقانا مرفوضة اي كاريش كاملاً مقابل قانا كاملاً مع خط متعرج، واذا اراد لبنان بحث موضوع الحقول المشتركة في قانا فنحن مستعدون للتفاوض بشأنها. والنقطة الاخيرة تلك تلخص الاقتراح الذي سبق وتقدم به هوكشتاين ويقضي بان تتولى شركة اميركية توزيع الحصص ما بين لبنان واسرائيل، ولمّحوا الى انهم ما زالوا بعيدين عن كاريش فعلياً، ولم يقتربوا من الحدود اللبنانية المتنازع عليها.
الرد الاسرائيلي الذي اعتبره البعض في لبنان مريحاً عاجل «حزب الله» الى الرد عليه بطريقته ليؤكد استحالة التخلي عن حقل كاريش لصالح اسرائيل وأن أي تنازل عن حق لبنان غير ممكن.
ورسالة «حزب الله» وان كانت استطلاعية غير عسكرية، لكنها كفيلة بان تفرمل المفاوضات الحدودية وتعيدها الى نقطة الصفر، او سيصار الى تجاوزها طالما انها استطلاعية ولاسرائيل سوابق بالجملة حيث ان طائراتها الاستطلاعية لا تغادر الاجواء اللبنانية. منذ بعث «حزب الله» برسالته والموضوع قيد المعالجة حيث من المتوقع ان يعمل رئيس الحكومة نجيب ميقاتي وبو صعب على تطويق ذيول الموضوع، ومحاولة استئناف المشاورات بشأن ما حملته السفيرة شيا موفدة من هوكشتاين والمتعلق بالرد الاسرائيلي. على ان يكون اليوم مفصلياً فإما تطوى صفحة المسيّرات ويتم تجاوزها وهذا معناه القفز فوق «حزب الله» الذي قال الأمر لي في هذا الملف، أو طيّ ملف المفاوضات حول الحدود.