كتبت غادة حلاوي في “نداء الوطن”:
الأسبوع المقبل يغادر رئيس الحكومة نجيب ميقاتي لأداء العمرة في المملكة العربية السعودية. الزيارة حتى الساعة دينية بامتياز. رغم مفاتحته السفير وليد البخاري بالامر الا ان لا دعوة رسمية حتى الساعة ولا مواعيد مسبقة للقاء كبار المسؤولين في المملكة؟ فهل تتجنب السعودية دعم ميقاتي في انتظار ما تخرج به نتائج الانتخابات النيابية؟
منذ عودته كان لافتاً ان البخاري الذي زار رئيس الجمهورية لم يقم بزيارة مماثلة لرئيس الحكومة نجيب ميقاتي. حتى لقاؤهما الثنائي على هامش الافطار حصل بعد وساطة وزير سابق صديق للبخاري رتب له جلسة قبيل وصول الضيوف الى مأدبة الإفطار. ما يعني ان مرجعية السنة في لبنان لم تفتح ذراعيها لملاقاة رئيس الحكومة السني الذي لا يزال خاضعاً للامتحان الصعب من قبلها.
وأن يأتي الإعلان عن الزيارة غداة لقائه السفير السعودي يعني ان ما قاله حمال أوجه، إما انه يمهد لتلقي دعوة او انه قد تلقاها. لكن لا هذه حصلت ولا تلك رغم عزم ميقاتي ومنذ ترؤسه الحكومة على زيارة المملكة، لكن الأخيرة لم تحرك ساكناً في هذا المجال وان كان المتعارف عليه ان اي رئيس حكومة يقوم فور ترؤسه حكومة جديدة بزيارة للسعودية تأكيداً على عمق العلاقة .
كانت الزيارة الاخيرة لرئيس حكومة لبنان الى السعودية تلك التي قام بها سعد الحريري في العام 2018 حيث استقبله يومها العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز. وكانت هي الزيارة الأولى التي يقوم بها بعد أزمة استقالته المفاجئة التي أعلن عنها من الرياض العام 2017، وتراجع عنها لاحقاً. نهاية العام الماضي وخلال زيارته السعودية اعلن الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون، أنه «لا توجد دعوة» حتى الآن لرئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي من أجل زيارة السعودية. الاتصال الوحيد الذي حصل كان بوساطة من الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الذي التقى في كانون الاول الماضي ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، ونزولاً عند رغبة الرئيس الفرنسي، التقط الأمير محمد هاتف ماكرون لتحية رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي لتنهي هذه التحية مقاطعة امتدت لما يزيد على عام. لكن المكالمة اليتيمة وخلافاً لتوقعات الكثيرين لم تُتوَّج بزيارة لرئيس الحكومة الى المملكة واستمرت البرودة تطبع العلاقة بين البلدين، الى ان عاد البخاري لاستئناف عمله كسفير معتمد في لبنان ويقيم مآدب افطار على شرف شخصيات لبنانية سياسية واقتصادية مختلفة.
مصادر مواكبة لعودة البخاري عن قرب قالت إن دعوة رئيس حكومة لبنان الى السعودية غير واردة في الوقت الحاضر لألف سبب وسبب، والمرجح ان تكون الزيارة إن حصلت من جهة ميقاتي، لاداء العمرة والمشاركة في صلاة العيد التي يتشارك بأدائها عادة كبار زوار المملكة من دون حصول لقاءات جانبية ذات طابع سياسي.
واذا كان المتعارف عليه ان تقيم المملكة خلال العشرة الاخيرة من رمضان مآدب افطار وسحور على شرف كبار الضيوف من دون ان تعقد لقاءات ثنائية على هامشها، فليس من المؤكد بعد ما اذا كان الملك وولي عهده سيتواجدان في مكة خلال تلك الفترة، وان حصل فاللقاءات ستكون ذات بعد اجتماعي وإنساني ولن تكون سياسية.
المعلومات تقول إن السعودية ليست بصدد دعوة رئيس حكومة لبنان لزيارتها حالياً، ومع استئناف علاقاتها الدبلوماسية مع لبنان على مشارف الانتخابات النيابية لا تريد الالتزام بأكثر من حضور مواكب من «بعيد لبعيد» من دون ان تكون لاعباً مباشراً، وتتجنب وزر الالتزام برئيس حكومة شارفت حكومته على نهايتها مع اعلان نتائج الانتخابات النيابية.
في هذا الوقت اكدت مصادر ميقاتي انه بصدد زيارة السعودية لأداء العمرة الاسبوع المقبل ولا مواعيد مسبقة للقاءات مع كبار المسؤولين ولا شيء رسمياً بعد وقد فاتح السفير البخاري بهذه الزيارة. وقالت المصادر انه منذ الاتصال الذي حصل مع ولي العهد تم التأسيس لمرحلة جديدة من العلاقات بمسعى فرنسي عبر رئيس حكومة لبنان، ثم بدأت التراكمات التي عملت الكويت على تذليلها من خلال زيارة وزير خارجيتها. وتتابع المصادر قولها ان لا اشكالية بين السعودية وميقاتي كشخص يؤكد دائماً على استحالة الخروج من العمق العربي بل مع منصب رئيس الحكومة، باعتبار ان الحكومات السابقة كانت تحتسب على «حزب الله» وتتابع قولها: خلافاً لرغبة البعض فقد تمت اعادة رسم العلاقة بين السعودية ولبنان لتؤكد ان البخاري سيزور رئيس الحكومة خلال الايام المقبلة، بعد ان يكون زار رئيس مجلس النواب نبيه بري وهو ما اتفق عليه خلال لقائهما الاخير.
لكن المصادر المواكبة تستبعد انفتاح السعودية على ميقاتي واحتضانه سياسياً جرياً على عادتها مع رؤساء حكومات سابقين، وتقول ان ما يهم المملكة هو مرحلة ما بعد الانتخابات النيابية واستحقاق رئاسة الحكومة ومن بعده رئاسة الجمهورية. انكفأت المملكة عن لعب دور المبادر وهي تنتظرالمبادرات لتبني عليها وهذا سيكون حالها مع الاستحقاقين الأهم. واذا كانت عودتها تمت بقوة دفع فرنسية فقوة الدفع ذاتها كفيلة بتأمين تسوية تتشارك واياها في بلورتها. المطلعون على اجواء المملكة تجاه لبنان يجزمون ان سياستها الحالية ستختلف عما كانت عليه في الماضي ولن تولي اهتماماً لأي صيغة يتم الاتفاق عليها من دونها، وهذا انما يصب في سياق سياسة اللامبالاة الجديدة التي تنتهجها. عين السعودية اذاً على مرحلة ما بعد الانتخابات وهي وان كانت عادت دبلوماسياً لكن عودتها للعب دورها السياسي المعتاد معلق على الدور الفرنسي المرتقب بعد انتخابات الرئاسة الفرنسية مباشرة. حينها سيكون للرئيس المنتخب لولاية جديدة تأثيره الاكبر في المنطقة وعلى مستوى لبنان