وجود المواد المتفجرة في مستودعات معمل الذوق الكهربائي ليست معلومة جديدة، لأن الحديث عن هذه المخاطر بدأ على أثر وقوع الإنفجار الزلزالي لمرفأ بيروت في ٤ آب ٢٠٢٠، حيث أثيرت ضجة كبيرة يومذاك، نشرت حالة من الذعر والقلق بين سكان المنطقة، الذين خافوا من تكرار مأساة بيروت في المدن والقرى المحيطة بالمعمل المشؤوم.
نامت قضية المخاطر المتفجرة حوالي سنة ونصف السنة، بعد معالجات سطحية، إقتصرت على التوضيب والترتيب في المستودعات نفسها، وتم فرز كمية منها ليتم شحنها إلى ألمانيا، ولكن هذه الكمية الشديدة الخطورة من المواد المتفجرة بقيت في مكانها، بحجة أن الشركة الألمانية لم تتمكن بعد من الحصول على أذونات السماح بالشحن من المراجع الألمانية المختصة.
ولكن يبدو أن إعادة فتح هذا الملف في هذه الأيام بالذات، وبالتوازي مع إقرار خطة الكهرباء في مجلس الوزراء، والتي ورد فيها إستبدال موقع معمل سلعاتا، المثير للجدل، بموقع آخر أكثر ملائمة لوجستياً وفنياً، قد تكون لغايات في نفس يعقوب السلطة الفاسدة.
المعروف أن معمل الذوق شبه معطل عن الإنتاج منذ فترة، بسبب أقدمية بعض مولداته، وغياب الصيانة للمولدات الجديدة نسبياً، نتيجة العجز المالي الذي تُعاني منه مؤسسة الكهرباء، وفقدان السيولة اللازمة لأعمال الصيانة، رغم عشرات السلف المليونية التي حصلت عليها الكهرباء، وبلغت ما يُعادل نصف المديونية العامة تقريباً!
وهذا المعمل بالذات صاحب سمعة بيئية سيئة نتيجة التلوث الذي يسببه دخانه الأسود المنبعث من المولدات القديمة، والتي لم تنفع الشفاطات الضخمة التي وضعت في أعلى دواخينه، في إنقاذ سكان المناطق المجاورة من التداعيات الصحية على الأمراض الخطرة، وفي مقدمتها سرطانات أجهزة التنفس والرئتين.
الواقع أن إخراج المتفجرات قد يُنقذ المنطقة من أخطار المصير الأسود الذي شهدته الأحياء التراثية ببيروت في إنفجار المرفأ، ولكن تحديث معدات المعمل لتكون أكثر ملائمة للبيئة، يبقى هو الأساس للتخلص من التلوث الخطير في أجواء المنطقة، إلى أن تحسم الدولة العلية أمرها في تقرير مصير هذا المعمل في الخطة الكهربائية العتيدة، قبل أن تتكرر مأساة مرفأ بيروت في الذوق!
المصدر: اللواء