أكد الامين العام لحزب الله سماحة السيد حسن نصرالله أن جرحى المقاومة الإسلامية في لبنان هم الشهود الصادقون على تضحيات هذه المقاومة وانتصاراتها على مدى أربعين عامًا،
مشيراً إلى أن البصيرة هي أن تعرف ما يجري في بلدك ومنطقتك، وأن تعرف عدوك والتهديدات والفرص، وأن تكون ثابت القلب والقدم وأن تعرف الحق وأهله وأن تعرف الباطل لتخذله، وهذا هو الوعي المطلوب.
وفي كلمة ألقاها خلال احتفال مؤسسسة الجرحى في حزب الله بمناسبة يوم الجريح المقاوم، قال سماحته إن حزب الله يحتفي بالجرحى في هذا اليوم ويعبّر عن اعتزازه وافتخاره بهم وبجهادهم وتضحياتهم وصبرهم وثباتهم وليعترف بفضلهم وجميلهم، وأضاف: “نحتفي لنعبّر عن اعترافنا بفضلكم وجميلكم في الزمن الذي يعيش فيه بعض الناس نكران الجميل وكفران النعمة”.
توجّه السيد نصرالله إلى الجرحى قائلًا:
“أنتم اخترتم هذا الطريق وحضرتم في ساحات الجهاد والمقاومة ودافعتم عن هذا البلد وأمنه واستقراره وصنعتم النصر، أنتم الشهود الذين تذّكرون الناسين والناكرين من خلال حضوركم الحيّ عندما ترفعون أيديكم المقطّعة وعندما تنظرون بعيون أطفئت وهي تدافع عن الوطن”، وأضاف: “العباس هو الكفيل الذي استمر رغم الجراح، وأنتم كالعباس كنتم الكفيل لأعراضنا، وكنتم من حمل الراية وبفضلكم لم تسقط”.
وتابع السيد نصر الله: “كان العباس (ع) نافذ البصيرة، وهذه من أعظم صفاته، ومن أعظم صفات جرحى المقاومة وشهداء المقاومة وبيئتها وجمهورها، لأنهم يعبّرون عن هذه البصيرة وهذا الوعي”.
وفي تفاصيل كلمته، شدّد السيد نصرالله على أن الأحداث في أوكرانيا مهمة جداً لجهة أخذ العبر والدروس المستفادة منها، لافتاً إلى أن الولايات المتحدة الاميركية تحذّر روسيا من ارتكاب الجرائم ضد المدنيين، لكنها نسيت ما ارتكبته هي من جرائم بشعة ضد هؤلاء في كل حروبها، في اليابان والصومال والعراق وأفغانستان وسوريا وجرائم الصهاينة بحق غزة والفلسطينيين وجرائم العدوان السعودي الأميركي بحق أهل اليمن، وقال سماحته: “لطالما قصفت الطائرات الأميركية أعراساً أفغانية وحولتها الى مآتم”.
وسأل السيد نصرالله: “ماذا عن مجازر الصهاينة في فلسطين منذ أكثر من 70 عاماً، ماذا عن حصار غزة؟ ماذا عن مجازر العدوان السعودي الأميركي في اليمن، وماذا عن الحصار عليه؟.. “العالم كله ساكت، لأن هؤلاء لا ينتمون إلى عالم الرجل الأبيض، وحتى من ينتمي إلى عالم الرجل الأبيض هو سلعة وأداة عند الأميركي”.
الأمين العام لحزب الله لفت إلى أن هناك شواهد يومية في العالم على أن الثقة بالأميركيين غباء وحماقة وجهل وتفريطٌ بالأمة، وأكد في هذا السياق أن الولايات المتحدة وبريطانيا دفعتا أوكرانيا إلى الحرب، فيما بعض الدول الأوروبية لم تكن تريد أن تصل الأمور إلى هذا الحد، وقال سماحته إن المسؤولين الأوكرانيين يعبّرون عن خيبة أملهم بعدما تخلت اميركا عنهم ولم ترسل طائرات وجنوداً أميركيين وأعربت عن عدم جهوزيتها للحرب نيابة عن الأوكرانيين، فيما أقصى ما قدمته هو العقوبات، لأن ذلك لمصلحتهم لإضعاف روسيا وليس لمصلحة أوكرانيا.
وفي الشأن المحلي
أكد السيد نصرالله أن الخضوع للإملاءات الأميركية لن ينقذ لبنان، بل سيزيد من مآسيه ومصائبه، مشيراً إلى أن حلفاء اميركا في لبنان لن يستطيعوا إرضاءها، لأن لا حدودَ لمطالبها، وسأل هؤلاء: “ما هي النتيجة التي تحصلون عليها مقابل الخضوع للإملاءات الأميركية؟”.
وعن موقف لبنان الرسمي في الأمم المتحدة عبر التصويت مع أميركا، لفت السيد نصرالله إلى أنه كان باستطاعة لبنان أن يكون ممتنعاً وأن يقول للمسؤولين الاميركيين “لسنا عبيداً عندكم”، مشيراً إلى أن بيان وزارة الخارجية اللبنانية بشأن روسيا وأوكرانيا كُتب في السفارة الأميركية، وقال سماحته: “نحن كحزب لسنا مع النأي بالنفس”، متسائلاً: “لماذا سكت دعاة الحياد والنأي بالنفس صمت القبور؟”، لافتاً إلى أن هذا شاهد جديد على أكذوبة أن حزب الله يهيمن على قرار الدولة اللبنانية، وهذه التجربة تؤكد أن كل ما نسمعه عن الحياد والنأي بالنفس هو حجّة وذريعة للتهرّب من مسؤولياتٍ وطنية وأخلاقية وقانونية وقومية.
وتابع سماحته: “لو كان حزب الله يهيمن على قرار الدولة اللبنانية، هل كان يمكن أن تُصدر وزارة الخارجية اللبنانية بياناً من هذا النوع وترسله إلى السفارة الأميركية؟”، وأضاف: “الأميركيون يعدونكم بوعود كاذبة.. هل تعلمون أيها اللبنانيون والشعب اللبناني أنه حتى هذه اللحظة لم تقدّم الخارجية الأميركية مستنداً خطياً للأردن ومصر بحمايتهما من عقوبات قانون قيصر.. أين هذا السراب والأوهام؟
السيد نصر الله تطرّق الى أزمة الوقود التي يشهدها لبنان اليوم، وقال: “منذ سنة ونصف السنة عندما تحدثنا عن الإتجاه شرقاً، دخلت شركة روسية لها علاقة بالنفط بمفاوضاتٍ مع الحكومة اللبنانية وعرضت تقديم النفط الخام وإنشاء مصفاة دون مقابل مالي ودون ضمانات وتأمين كل حاجة لبنان من المشتقات النفطية، كما عرضت البيع بالليرة اللبنانية لا الدولار على نحوٍ يجعل لبنان مصدّراً للمشتقات النفطية، ولكن لا جواب حتى اليوم من الدولة اللبنانية”، مشدداً على أن السبب الأساس برفض العرض الروسي هو “عوكر”، وأنه “بهذه العقلية لا يمكن إنقاذ لبنان
وفي هذا الإطار، طالب السيد نصرالله المسؤولين اللبنانيين باتخاذ قرار بشأن العرض النفطي الروسي وقبوله، تزامناً مع عودة طوابير الذلّ أمام محطات الوقود، موجّهاً من جهة ثانية نداءً إلى الدولة والحكومة لحلّ مشكلة الإحتكار وضبط الأسعار، لأن الدولة هي الوحيدة القادرة على المعالجة بمشاركة القوى الأمنية والجيش، مذكّراً أيضاً بوجوب إنقاذ اللبنانيين العالقين بأوكرانيا وبرعاية القادمين منها.