كتب رئيس “المجلس الوطني للإعلام المرئي والمسموع” عبدالهادي محفوظ:
التقارير الغربية للوضع في لبنان أنه يحتاج في ’’رقصة التانغو إلى اثنين. وإلى الآن لا يجد الغرب شريكه اللبناني. فالراقص الوحيد هو الفرنسي الي أوكل إليه الغرب إيجاد المخارج في لبنان‘‘.
هذا ما يستنتجه المراقب السياسي في قراءته للمقاربة الغربية في حوار أجرته جريدة الشرق الأوسط مع السفير الفرنسي في الأمم المتحدة نيكولاس دوريفيير.
ويمكن سحب معادلة ’’رقصة التانغو‘‘ هذه على الوضع في سوريا حيث ’’صارت اللجنة الدستورية المكلفة بايجاد الحل ومعها العملية السياسية مجرّد مزحة‘‘ على ما يقول المندوب الفرنسي في مجلس الأمن.
والملاحظ أن هناك انكفاء أميركيا وأوروبيا في البحث عن تسوية سياسية في سوريا. هذا ما يمكن استنتاجه من تصريحات المبعوث الأميركي المكلف في الملف السوري جيمس جيفري الذي يعتبر أنه ’’لا شيء تغيّر في الموقف الأميركي نحو سوريا. وأن الموافقة الأميركية على ايصال الكهرباء عبر سوريا كانت من أجل تخفيف الوطأة عن لبنان لا أكثر ولا أقل‘‘. ومعنى هذا الأمر أن الضغوط الأميركية على سوريا تعيق محاولات مبعوث الأمم المتحدة غير بيدرسون الذي يدعو إلى حل متدرج في سوريا على قاعدة ’’خطوة بخطوة‘‘. ويراهن بيدرسون في هذا السياق على تعاون روسيا معه باعتبارها اللاعب الأساسي على الأرض. لكن على ما يبدو أن الغرب الأوروبي يشكو من عدم التجاوب الكافي من جانب موسكو…
والسؤال لماذا تتعطل أو بالأحرى تتأجل إمكانية الحل السياسي في سوريا بين ’’المعتدلين‘‘ في سوريا طالما أن الجميع يعترض على التنظيمات الإسلامية المتطرفة من داعش والقاعدة والنصرة؟.
الجواب على هذا الأمر يرتبط بأنه على الأراضي السورية تتجاور قوى متنافرة. الأميركي يمسك بالغاز والنفط والقمح. الكردي يطمح إلى كيان مستقل. التركي بأحلامه الامبراطورية. الروسي بكون سوريا مفتاحا لها على النفوذ والبحار. الايراني تجسيد النفوذ الاقليمي… وأما التنظيمات المتطرفة فالحضور في الأرياف والصحراء والإستفادة من ’’غياب الحل‘‘ وتوظيف الهم المعيشي في عملية التجنيد وكذلك من صراع القوى على اختلافها. أما الدولة السورية فهمها استعادة وحدة الأراضي مع إدراك الإستعصاءات التي تأتي من الحلفاء والخصوم على السواء. ولا ينبغي تجاهل ’’العامل الاسرائيلي‘‘ الذي يستفيد من ظروف الوضع السوري المعقد فيستبيح الفضاء ويستهدف مواقع عسكرية وايرانية وتوافق مصالحه جغرافيا سوريا ممزقة خصوصا وأن سوريا تعترض على عملية التطبيع التي يتوسع مداها عربيا.
وفي المعلومات أن دولة الإمارات حاولت ’’تسريع الحل‘‘ في سوريا وقامت بخطوات في هذا الإتجاه وواكبتها في هذا المجال دولة عمان. غير أن ’’محاولات التسريع‘‘ هذه لُجمت غربيا تحت عنوان أن ’’التوقيت غير مناسب‘‘ ما انعكس سلبا على قرار عودة سوريا إلى الجامعة العربية.
أيا يكن الأمر العلاقة بين حليفي سوريا روسيا وايران لا تصل إلى مقاربة استراتيجية واحدة. كل من موسكو وطهران يحاول تعزيز حضوره وانتشاره ولو على حساب الآخر. حتى أن موسكو تغض الطرف عن استهداف اسرائيل عبر الجو للمواقع الايرانية بل أن هناك من يقول بأن تل أبيب تستبق عملياتها العسكرية بإبلاغ موسكو. أما المواطن السوري فيتساءل. لماذا لا تساعد موسكو في معالجة مشكلة الكهرباء عبر بناء محطات وهي تعرف سلفا أن الدولة السورية تحتاج ذلك علما بأن هذا المواطن يفضل الحضور الروسي على الحضور الايراني في سوريا. فموسكو لا تستثير إشكالات ايديولوجية ودينية وهي أكثر قدرة على التأثير دوليا في ’’الحل السياسي‘‘ المرتقب لسوريا والذي يتأخر طالما أن واشنطن لم تحسم أمرها في الإنسحاب من سوريا الذي تربطه بانسحاب ايران وحزب الله وتركيا.
ما يمكن استنتاجه أن لبنان وسوريا ينتظران معا الحل الذي لم يصل بعد. فالإنتخابات النيابية في لبنان غير محسومة الحصول وهي وإن جرت لا تحمل تغييرات جوهرية في موازين القوى. وبهذا المعنى فإن البلدين ينتظران حصول الإتفاق النووي الأميركي الإيراني وما سيترتب عليه من نتائج اقليمية ومن ترتيبات تعجّل أو تؤخر ترسيم الحدود وتطبيع العلاقات بين اسرائيل والدول العربية.
بالتأكيد الحلول ليست في المتناول ولكنها ليست بعيدة. فالمهم هو التعايش مع ما نحن فيه ومواجهة ما يرتبه الهم المعيشي من أكلاف وهموم.