مفترق طرق ينتظر لبنان في أيار المقبل، الموعد المفترض للانتخابات النيابية، إذ أنها تشكّل المنفذ الأول لبدء التخلّص من المنظومة الحاكمة واقتلاع ورمها الخبيث وفسادها المتجذّر في مختلف المؤسسات والمرافق العامة، والذي أوصل الشعب إلى أقصى درجات الذّل والبهدلة، فأفقده جنى عمره وحرمه أبسط حقوقه الحيوية. وتعيش بعض الأحزاب الحاكمة في حال رعب من أصوات المغتربين، خصوصاً بعد ثلاث محاولات باءت بالفشل لمنعه من ممارسة حقّه في اختيار حكّام بلده، إذ لا يمكن أن تشتري الصوت الاغترابي بـ 100$ أو بوظيفة… وبالتالي، الاتّكال على الاغتراب اليوم كبير ولم يعد يقتصر على مساعدة في القضايا الاقتصادية والمالية والأمنية بل يمتدّ أيضاً إلى الانتخابات والتغيير.
“والتخوّف الفعلي لأحزاب السلطة يأتي بعد تسجيل 244442 مغتربا للتصويت، سُمح لـ 230000 منهم الاقتراع والمشاركة في اختيار 128 نائبا، في حين أن أغلبية هؤلاء يقفون في الصف التغييري وغير راضين عمّا يحصل في لبنان، لا سيّما لجهة إدارة السلطة لشؤون البلد وانهيار الليرة مع القطاع المصرفي وخسارة المودعين مدّخراتهم، خصوصاً وأن لدى معظم المغتربين حسابات مصرفية في لبنان”، وفق ما يؤكّد رئيس منظمة SOUL أحد أعضاء لجنة التنسيق اللبنانية- الأميركية LACC بيار مارون لـ “المركزية”.
ويتابع “الحديث عن إمكانية إعادة تعديل القانون والسماح للمغتربين بانتخاب 6 نواب غير مقبول ومن غير الممكن أن يحدث. ندفع في اتّجاه إجراء الانتخابات في موعدها الرسمي عبر الضغط على الكونغرس الأميركي ليضغط بدوره على الحكومة اللبنانية، إذ إن الانتخابات هي الطريقة السليمة الوحيدة لإحداث التغيير المرجو وإنقاذ البلد من دون التسبب بإنهيار أكبر فيه أو انخراطه في حرب أهلية”.
وتعقد SOUL اجتماعات تنسيقية دائمة مع أعضاء الكونغرس لوضعهم في أجواء التطورات اللبنانية، وكان آخرها في 15 شباط الجاري مع عضو الكونغرس داريل لحود، وفي الإطار يكشف مارون “أننا شدّدنا على الموضوع الانتخابي وطالبنا كلجنة تنسيق لبنانية-أميركية بضغط الإدارة الأميركية على الحكومة اللبنانية كي تقوم بواجبها وتجري الانتخابات في موعدها. وكخطوة استباقية تمنع أعذار عدم إجراء الانتخابات في موعدها، طالبنا بمساعدة مالية ولوجستية أميركية ومن خلال الأمم المتّحدة، لأن من غير المقبول أن يواصل البلد انهياره المالي، خصوصاً وان الآمال الدولية والعربية المعقودة على الانتخابات والتغيير الممكن أن ينتج عنها كبيرة”.
أما بالنسبة إلى اقتراح خيار الفرز في السفارات، فيرى فيه مارون صعوبة مالية ولوجستية، لافتاً إلى أن “ما من شكّ ان لدى الطبقة الحاكمة اليد الطولى في إدارة الانتخابات. وأثبتت التجارب انعدام أخلاقياتها ومسؤوليتها في التعاطي مع كلّ المواضيع الوطنية المرتبطة بالشعب وتصرّفاتها غير المهنية، وأكبر دليل افقاد اللبنانيين جنى عمرهم. هذا موضوع يهمّنا ويقلقنا ، من هنا جاء مطلبنا بحثّ الإدراة الأميركية على تكليف لجنة لإدارة الانتخابات وليس فقط مراقبتها، منعاً لأي تزوير محتمل بعد ما حصل في الانتخابات الأخيرة. والاتّحاد الأوروبي فتح باب التسجيل أمام تطوّع المغتربين للمشاركة في الرقابة على الانتخابات. ويبدي لحود تجاوبه دائماً معنا، ووعد ببذل الكونغرس كل الجهود الممكنة في السياق، خصوصاً وأن لجنة الصداقة اللبنانية-الأميركية فعّالة برئاسته”.
ويعتبر مارون أن “الانتخابات الطريقة الأنسب للتغيير. لا يمكن التوقّع أن يكون جذريا من المرّة الأولى، لكن يجب أن يبدأ بمكان ما وهو الانتخابات”. أما عن احتمال مقاطعة الاغتراب للانتخابات في حال العودة إلى النواب الست، فيبدي معارضته للفكرة “لأنها تعني منح النتائج مجّاناً للمنظومة الحاكمة. والمجتمع الدولي لا يصرّ فقط على إجراء الانتخابات، بل يشدّد على أن تتم في موعدها، وهذا من مطالبنا الأساسية، لأن أي تعديل للدستور أو للقانون الانتخابي يستغرق عدّة أشهر، ما يعني التأخير، وهذا أمر مرفوض من المجتمع الدولي والمغتربين، لذا تأجيل او الغاء السلطة للانتخابات ممكن كونها تمسك بزمام الأمور، إلا أن الطريق غير معبّد أمامها ومسدود من المجتمع الدولي”.
ويوضح أن “لجنة التنسيق لا تدعم مرشّحا معيّنا بل أفكار ومبادئ تغييرية يجب أن يتمتّع بها النائب المستقبلي المفترض أن يكون مستحقّا لمنصبه ويقوم بواجبه. التصويت يجب أن يبنى على الضمير والحس الوطني لا على مصالح شخصية وآنية”.
ويكشف مارون أن “لجنة التنسيق تحضر لعقد مؤتمر في واشنطن، قد يكون في أواخر نيسان المقبل لدعم الانتخابات والمرشحين مع مشروع تغييري ووضع ورقة مطالب وتوجهات تخدم مصلحة لبنان وعلاقاته مع الخارج لتقديمها للإدراة الأميركية”.
كذلك، تطرّق اجتماع اللجنة مع لحود إلى أهمية مواصلة دعم الجيش اللبناني “كونه المؤسسة الوحيدة التي تقوم بواجبها الوطني وتجمع جميع اللبنانيين. وأبدى الكونغرس إيجابية حول الموضوع”، وفق ما يؤكّد مارون.
وأثار اللقاء أيضاً محادثات فيينا وحصّة لبنان فيها. ويشير مارون إلى “أننا طالبنا بألا يكون لبنان ورقة على طاولة الحوار في فيينا، وأكّد لنا الكونغرس أهمية وجود لبنان في الشرق الأوسط كبلد سيدّ، حرّ، مستقل لا يخضع لأي احتلال. إلى جانب التأكيد على أن الصداقة والتحالف الأميركي مع لبنان قديم ودائم وأساسي في السياسة الأميركية، وتولي واشنطن أهمية كبيرة للبنان ولن تتخلّى عنه. لكن، في الوقت نفسه، صارحنا لحود بحقيقة الرفض الإيراني لبحث ملفات خارج البرنامج النووي على طاولة فيينا، لا سيما مواضيع الشرق الأوسط والمشاكل في لبنان وسوريا والعراق واليمن من خلال “حزب الله”. وأكّد مساعي أميركا لرفع الضغط الإيراني عن لبنان والدول العربية، خصوصاً أن الولايات المتّحدة مع تحالف الدول المساعدة للبنان ترفض مصالح طهران وذراعها الأمني الضخم في المنطقة”، لافتاً إلى أن “المفاوضات تتطلب وقتاً لكن الأكيد أن لبنان لن يوهب كجائزة لإيران”.
هذا وطرح ملف تفجير مرفأ بيروت على طاولة البحث. ويشرح مارون “بما أن الحزب وبعض الشخصيات المسؤولة نحجت في عرقلة تحقيق القاضي طارق البيطار طالبنا بالدفع في اتّجاه فتح تحقيق دولي حول انفجار المرفأ من خلال الأمم المتّحدة. وكان رئيس لجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب الأميركي جورج ميكس وجّه رسالة في 18 أيار 2021 للإدارة الأميركية يطالب فيها، إلى جانب المساعدات لعدم انهيار لبنان، بتحقيق دولي مستقّل بانفجار المرفأ. وبدورنا طالبنا تفعيل هذا المطلب على اعتبار أن التفجير جريمة ضدّ الإنسانية ومن غير المفروض تركها من دون متابعة دولية”.
المصدر: المركزية