بعلبك الهرمل تحت مرمى رفْع الدعم… “كوارث بالجملة”

كتب عيسى يحيى في “نداء الوطن”:

ما إن حُكي عن رفع الدعم عن المحروقات حتى بدأت حسابات البقاعيين التي لم تتطابق وبيدر قرارات مصرف لبنان التي أحبطت عزيمة الناس هنا، الكل يدور حول نفسه، لا يعلم ماذا يفعل وكيف يستطيع أن يُسيّر يومياته، وحدهم كارتيلات المحروقات والغاز وغيرهم بدأوا جرد حسابات الأرباح إذا باعوا المخزون لديهم.

كوارث بالجملة بدأت تتساقط على رؤوس الناس واحدة تلو أخرى، وحديثهم الشاغل كيف نؤمّن أمورنا الحياتية في ظل إرتفاع الأسعار بحال رفع الدعم عن المازوت، المشغل الأساسي ومصدر الطاقة للكثير من الأمور الحياتية التي لا نستطيع الإستغناء عنها.

لا مازوت للكهرباء والمولدات، ولا للأفران التي توقّف بعضها عن العمل وشهدت أخرى طوابير أمامها لتأمين ما أمكن من الخبز لبضعة أيام، كما تمّ إقفال المطاحن وتوقف بيع الطحين، وما بينها توقفت أعمال الكثيرين لعدم قدرتهم على دفع ثمن صفيحة البنزين للوصول إلى عملهم، أو تعبئة صفيحة مازوت في سيارة الأجرة لتأمين قوت عيالهم.

تصريحات بالجملة يطلقها المعنيون على مسمع الناس إستنكاراً وإستهجاناً لما يجري، أما على أرض الواقع وعند إشتداد الأزمة الكل يتحسّس رأسه، ويسعى لتأمين متطلباته غير آبه لمعاناة من انتخبه وأوصله ليتكلم باسمهم ويؤمن لهم أبسط حقوقهم.

ولأن بعلبك الهرمل غائبة عن الخريطة، التهريب عند حدودها على عين المواطنين الذين يشاهدون البنزين والمازوت يهرّب من أمامهم وهم يقفون بطوابير للحصول على ما تيسّر من ليترات وبأسعار خيالية، ونوابها وممثلوها لا يرون أو يسمعون أو يتحركون للمطالبة بحصة المنطقة من المحروقات للإبقاء على كرامة الناس، ولتأمين الكهرباء سواء من الشركة أو من المولدات الخاصة، ولا شعب يتحرك ويقطع الطريق على من يعبث بحياته ويحولها ذليلةً ومرهونةً لرضى صاحب محطة من هنا أو فرنٍ من هناك.

لا أزمة غاز والمخزون يكفي لأكثر من عشرة ايام، تصريحات سمعها معظم اللبنانيين بعد الإشاعات التي انتشرت عبر وسائل التواصل الإجتماعي ودفعت بهم إلى الوقوف في الطوابير مجدداً، إشاعات أضافت مادة الغاز إلى لائحة السوق السوداء التي تتحكّم بالناس مع “تربيح ألف جميلة” من محتكري المواد على إختلافها. وبالرغم من كل التطمينات، إختار أصحاب شركات تعبئة الغاز في بعلبك الهرمل ركوب الموجة وانتظار رفع الدعم للبيع بأسعار مضاعفة وتحقيق أرباح، فأقفلت جميع الشركات التي تبيع الغاز المنزلي منذ يوم الأربعاء، كذلك إمتنع أصحاب المحال الصغيرة عن البيع بحجة عدم توفر المادة. الكل ينتظر تحقيق الربح على حساب وجع الناس وحاجتهم، وكأنهم لا يدفعون الثمن مقابل شراء حاجات أخرى سيرتفع ثمنها.

أكثر من ثلاث شركات وعشرة محال جال عليها أحمد ش. لتعبئة قارورة الغاز المنزلية بعدما فرغت بالتزامن مع بدء الأزمة من دون أن يوفّق، ويشرح لـ”نداء الوطن” أن لا غاز لديه في المنزل منذ يومين، ولم تتمكّن عائلته من تحضير وجبة طعام لعائلته، وهم يعيشون على “الحواضر”، مضيفاً بأنه ليس ممن يخزّن المادة، فلا يملك سوى قارورة واحدة في المنزل وعندما تفرغ يملؤها، مؤكداً بأن إقفال الشركات وفقدان المادة في بعلبك سيطول، وعليه سيبحث عن البديل في الوقت الحاضر وهو “موقدة الحطب” لحين إنتهاء الأزمة.

وعلى ضفة البنزين والمازوت، إشتعلت وسائل التواصل الإجتماعي غضباً في بعلبك الهرمل، وبدأ المواطنون على اختلافهم، من موظفين وعسكريين وأعمال حرة، باحتساب التكاليف الباهظة التي ستترتّب عن رفع الدعم. الكل يفكر كيف سيصل إلى مركز عمله سواء عبر سيارته، وراتبه لا يكفي لشراء أربع صفائح من البنزين، أو عبر النقل المشترك حيث وصلت كلفة التنقّل من الهرمل إلى بيروت أكثر من سبعين ألف ليرة، وهو أمر كارثي، خصوصاً على عناصر الجيش اللبناني والقوى الأمنية في المنطقة، وبدأ الأهالي إحتساب تكلفة نقل أولادهم إلى المدارس وما يرتّب ذلك من أعباء إضافية تضاف إلى أعباء الأقساط وما إلى ذلك، حتى وصل الأمر بالكثيرين منهم إلى اتخاذ القرار بعدم تسجيلهم هذا العام.

أما حركة الأسواق فهي معدومة، حيث أقفلت محلات عدة أبوابها لحين جلاء الصورة، وأخرى استمرت على عادتها اليومية أبوابها مفتوحة من دون حركة زبائن، وأكد أحد اصحاب المحال أن الأفق مسدود والوضع إلى إنهيار أكثر وهو ما يدفع العديد منهم إلى الإقفال، وخصوصاً أن سقف الدولار لا حدود له ولا قدرة للناس على مجاراته.

شاهد أيضاً

وزارة الشؤون: بدء تحويل مساعدات برنامج أمان لـ166,772 أسرة في 25 تشرين الثاني

‏‎بيان صادر عن المكتب الإعلامي لوزارة الشؤون الإجتماعية بالنسبة للمستفيدين من برنامج أمان: يهمّ وزارة …