شيخ عقل الدروز : لَقد آن الأوان!

دعا شيخ عقل طائفة الموحدين الدروز الشيخ سامي أبي المنى “المسؤولين والقيادات جميعها، الى بذل الجهود الكبيرة والممكنة من أجل الخروج من وطأة الازمات القاسية التي يمر بها لبنان راهنا”.

وأَمَل, “عقد لقاءات روحية تفضي الى قمة روحية جامعة للمساهمة في تخفيف الاحتقانات والصراعات الموجودة، حاليًا واضفاء المناخات الإيجابية لصون الوطن والحفاظ على مقوماته وتنوعه”.

وقال أبي المنى, خلال مقابلة خاصة ضمن برنامج “لبنان اليوم” على “تلفزيون لبنان”: “لم تكن دار طائفة الموحدين الدروز الا جامعة لكل اللبنانيين ورؤساء الطوائف والمرجعيات وهي في الموقع الوسط، ورؤيتنا ورسالتنا هي في الحوار الذي نراه السبيل الأنجع لإبعاد التشنج والصدام في بلد يتميز بنعمة التنوع التي يجب ألا نحولها نقمة”.

وأضاف, “لنا تجارب تاريخية مشجعة اذ كانت رسالتنا منذ تسلمنا هذه المهمة هي رسالة الطائفة في الجمع لا التفرقة، لأنها طائفة مؤسسة للكيان والوطن، وقد ناضلت عبر مئات السنين لتثبيت صيغة الوطن والعيش المشترك والنظام الديمقراطي”.

وتابع, “لا ندعي قدرة على إيجاد الحلول السحرية حيث القوى متصارعة والتدخلات خارجية مسيطرة، انما خطابنا كمراجع روحية هو لخلق الأجواء الإيجابية وتخفيف الإحتقانات وعدم الوصول الى تصادم، الأمر الذي يجب تلقفه من القوى السياسية كمدخل لإيجاد الحلول، وأي اجتماع لرؤساء الطوائف بما يملكون من حكمة يكون إيجابيًا، وانني آمل في قمة روحية، وقد أستضفا في دار الطائفة بعضها سابقًا، بهدف تأكيد اللقاء أولا وبذل المساعي الخيرة من أجل توسيع مساحة المشتركات الموجودة في نصوصنا”.

وأردف, “أظن أن ثمة مسعى للقاء يجمع المرجعيات الروحية قريبًا، وطائفتنا بثوابتها الوسطية والاعتدالية تساهم في أي لقاء، ولا نحيد أنفسنا عن المسؤولية، بل الجميع يجب أن يكون معني بالحفاظ على الوطن وصيغته وكيانه، وكذلك قادة الطائفة يرفضون بتاتًا أن نكون رأس حربة في أي صدام، بل التأكيد على الدولة ومؤسساتها، وفي لبنان لا أحد يستطيع الغاء هوية أحد”.

وأكّد أنّه, “صحيح أن الحلول ليست عندنا بل لدى رجال السياسة وفي المجلس النيابي والحكومة، لكننا معنيون سلامة الوطن ولا نفقد الأمل في السير قدمًا لأجل بناء الدولة وتجاوز الواقع المؤلم الذي يسبب المعاناة وهجرة الشباب والإحباط”.

وتابع, “من هنا المسؤولية كبيرة وتوجب وضع خطة عمل وتواضع القوى لصالح البلد، في ظل التدهور الاقتصادي الحاصل وارتفاع صرخات الناس المتألمين. لقد آن الأوان لانعقاد مجلس الوزراء ومعالجة الملفات العالقة، وإننا نتطلع لأن تكون التدخلات الخارجية من اجل المساندة والدعم الاقتصادي والمالي لحل المشكلات المعيشية وتخفيف التشنجات الحاصلة”.

وتمنّى “أن تكون ورقة لبنان رابحة في المفاوضات الجارية، لبقاء لبنان نموذجًا للتلاقي لا التناقض مع اشقائه العرب. لبنان عربي الهوية وله خصوصيته من خلال دستوره واتفاق الطائف، وهذا الانتماء لا يلغي الخصوصية اللبنانية بل تتكامل مع الانتماء العربي ولا تحيد عنه”.

وردًا على سؤال حول الانتخابات وإمكانية التغيير، قال الشيخ سامي أبي المنى: “الجميع يتطلع الى التغيير وليس التدمير، أكان في المؤسسات أو حتى الأحزاب كي تلامس مطالب الناس والقوى التي أصيبت بالعجز، للحفاظ على الوطن ومقوماته. وهنا تكمن أهمية طاولة الحوار للبحث بكل الهواجس المطروحة وليس هذه مسؤولية رجال الدين بل مسؤولية جميع القوى من أجل تطوير النظم والقوانين والأحزاب وذهنية التعاطي”.

وأضاف, “لا نجد في أي مؤتمر تأسيسي جديدة افادة بوجود الدستور واتفاق الطائف الذي لم يطبق بكامله حتى الان ومن ضمنه مجلس الشيوخ الذي التصق اسمه بنا، ليس تحديًا لأحد تأكيدًا منا على تحمل المسؤولية فالعقد السياسي الجديد على ماذا؟ وهل يجب أن يدفع لبنان مئة ألف شهيد جديد أيضا؟ اننا مع التطوير والتحديث ومع الحفاظ على المكتسبات وعدم التلاعب بها، فلنقارب الأمور بإيجابية وهذا هو المطلوب”.

وتابع, “اننا كطائفة مؤسسة للكيان لم نعش يومًا هاجس الأقلوية ولم نقبل بالانعزال والتقوقع بل نعتبره نوعًا من أنواع الانتحار. فمن أيام فخر الدين نحن منفتحون على العيش المشترك والمشاركة وليس الإلغاء، لأن ما يجمعنا هو الوطن والدولة”.

وأردف, “كما لسنا في تحالفات بمواجهة آخرين بل مع بناء دولة المواطنة الجامعة، لضمان حقوق الجميع واحترام كرامة الانسان والقيم الدينية والتنوع”.

وردًا على سؤال آخر قال: “بعض الاعتراضات داخل الطائفة كانت سياسية وهذا لم يفسد في الود قضية، فنحن متحابون ونتواصل مع القيادات، والدار ليست ملكًا لي، وهناك انتخابات جديدة للمجلس المذهبي بعد فترة فليتفضل الجميع ويشاركوا بها بنوايا التقارب وسنكون أول المرحبين والمساعدين للتنوع والرغبة بالعمل”.

وأكّد, “رسالتنا من الأساس التقارب بين الجميع ببركة شيوخنا ودعائهم. أما الصندوق التعاضدي الذي نفكر بإنشائه بالتعاون مع المغتربين للوقوف الى جانب أهلنا في هذه الأوقات الصعبة، علنا نخرج من وطأة الازمات بأقل الخسائر الممكنة، وتوجد أيضا اللجنة الاجتماعية في المجلس المذهبي التي تساهم بقدر استطاعتها وامكانياتها، لكن علينا التكامل وتعزيز ثقافة الزكاة والعطاء، ونوجه التحية للمرأة على الدور الذي تقوم به في العمل الاجتماعي لا سيما في الجبل”.

وكان شيخ العقل استقبل في دار الطائفة – بيروت اليوم الرئيس تمام سلام في زيارة تهنئة، بحضور قاضي المذهب الدرزي الشيخ غاندي مكارم، وأمين سر المجلس المذهبي المحامي نزار البراضعي، ومدير مشيخة العقل الأستاذ ريان حسن.

وبعد اللقاء قال الرئيس سلام: “زيارتنا اليوم الى هذه الدار الكريمة لتهنئة الصديق الدكتور سامي ابي المنى على انتخابه، ولنا علاقات قديمة مع صاحب السماحة وهو من الوجوه الوطنية التي نحتاج اليها في الظرف الذي يمر به البلد”.
وأضاف, “هذه الدار تمثل فئة لبنانية عريقة ومخلصة تتميز بوطنيتها، وبنو معروف لهم صولات وجولات في كثير من القضايا اللبنانية، وهم اليوم في يجعلهم ضرورة للتواصل بين جميع الافرقاء كي يتمكن من يتحمل المسؤوليات في الظرف العصيب من المساهمة في التخفيف من آلام اللبنانيين والوضع المأساوي الذي نعيش. دعاؤنا للجميع بان تتظافر الجهود ويعود الكل الى ضميره وما يمثل من اجل لبنان الحبيب في العزة والكرامة والحاضر والمستقبل”.

وتابع, “الواقع اللبناني مأساوي ولم يأت بين ليلة وضحاها وانما جراء مواقف وإجراءات وتراكمات باتجاهات سلبية غير منتجة الى حدود تخريبية وتدميرية للدولة والمؤسسات، ولم نحصد منها الا المزيد من الضرر والأزمات”.
وأردف, “نعم الجهود مطلوبة من الجميع للتلاقي للوصول الى كلمة سواء، هناك خلل كبير وعدم توازن في البلد والمكونات السياسية والطائفية والمناطقية معرضة لمزيد من الضعف والتفكك والتراجع، ويجب ان يرى الجميع ذلك لأخذ الموقف والقرار المناسب تخفيفا من الأضرار”.

وأشار الرئيس تمام سلام إلى أنّ “الأزمة مع الخليج هي من أكبر الازمات، لأن لبنان وعلى مدى عقود كبيرة بتواصله مع دول الخليج وفي المقدمة المملكة العربية السعودية أُتيح له المجال في احتضانه بأزماته من مؤتمرات ولقاءات وتوظيفات ودعم والشواهد عديدة على مدى أهمية العلاقة مع اشقائنا العرب بشكل عام واهل الخليج بشكل خاص. نأمل أن يدرك ذلك الجميع وبان أي أذى أو ضرر ولو قولًا وليس فعلا باتجاه أهل الخليج فهو مرفوض ولا يقبله أحد، نتأمل أن يكون في الموقف الأخير الذي نتج من مسعى للرئيس ماكرون بما عنده من اهتمام للبنان واللبنانيين أن يتكامل بخطوات إيجابية تعيد العلاقة مع دول الخليج الى شيئ من الاستقرار، لنتمكن من التعويض عما فات من أذى”.

شاهد أيضاً

هكذا يُفشل اللبنانيون محاولات “إسرائيل بالعربية” زرع الفتنة بينهم

سعت إسرائيل مؤخرا، عبر حملات منظمة، إلى إشعال نار الفتنة المذهبية في لبنان وخاصة بين …