كتب غسان ريفي في سفير الشمال:
من المفترض ان تعالج استقالة وزير الاعلام جورج قرداحي اليوم جزءا من الازمة السياسية، بعدما اقتنع اخيرا بضرورة القيام بهذه الخطوة قبيل وصول الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون الى السعودية للقاء ولي العهد الامير محمد بن سلمان، حيث سيكون الملف اللبناني حاضرا على طاولة المباحثات في محاولة فرنسية لايجاد ثغرة في الجدار السعودي الذي ارتفع اكثر فأكثر بوجه لبنان بعد تصريحات قرداحي حول حرب اليمن.
تشير المعلومات الى ان جهودا مضنية بذلها رئيس مجلس الوزراء نجيب ميقاتي تهدف الى تسهيل مهمة الرئيس ماكرون حول لبنان في السعودية، وهي احتاجت الى تواصل مع الفرنسيين من جهة، ومع البابا فرنسيس خلال زيارة ميقاتي الاخيرة الى الفاتيكان من جهة ثانية، اضافة الى حوار مباشر مع الرئيسين ميشال عون ونبيه بري ورئيس تيار المردة سليمان فرنجية للوصول الى قاسم مشترك يمهد الخروج اللائق لقرداحي تحت مظلة الدعوة التي وجهها ميقاتي له تكرارا لتقدير المصلحة الوطنية العليا.
وتضيف المعلومات ان الرئيس عون سمع خلال زيارته قطر كلاما واضحا وصريحا من اميرها الشيخ تميم بأن لا حل الا بتقديم بادرة حسن نية للسعوديين للبدء بالوساطات الممكنة، وهذا لا يتم الا باستقالة قرداحي، وهو اعاد على مسامعه ما سبق ان سمعه من الرئيس ميقاتي بأن “الرئيس ماكرون يطالب بمفتاح يستطيع من خلاله فتح الباب امام نقاش مع السعوديين بالملف اللبناني وامكانية اعادة العلاقات الى مسارها الطبيعي”.
وبناء على هذه المعطيات معطوفة على مرونة من حزب الله وقبول ضمني من فرنجية الذي لا يريد ان يتسبب بمزيد من الاستفزاز للسعودية ودول الخليج خصوصا ان لعائلة فرنجية تاريخا طويلا من العلاقات المميزة معها، التقى الرئيس ميقاتي الوزير قرداحي وابلغه بالتطورات الحاصلة وان امام لبنان فرصة لا تعوض تتمثل في زيارة ماكرون الى السعودية، مجددا التأكيد عليه بضرورة تقدير المصلحة الوطنية العليا وتقديم استقالته، وقد ادى ذلك الى اقتناع قرداحي بأن لا جدوى من البقاء في الحكومة فأبلغ وسائل اعلامية عدة بانه سيتقدم باستقالته اليوم لاعطاء دفع لمهمة الرئيس ماكرون في السعودية.
مع استقالة قرداحي تكون المبادرة التي يقودها الرئيس ميقاتي قد بلغت مرحلتها الثالثة، حيث تمثلت المرحلة الاولى بلقاء الرئيسين عون وبري لمناسبة عيد الاستقلال، والمرحلة الثانية باستقالة الوزير قرداحي، لينطلق بعدها في المرحلة الثالثة وهي الاصعب كونها تتمحور حول قضية مرفأ بيروت واصرار الثنائي الشيعي على عزل البيطار.
وتشير مصادر سياسية مواكبة الى ان الازمات بدأت تُثقل على الجميع، لذلك لا بد من تعاون كل المعنيين على ايجاد حل سريع لما تبقى من الازمة السياسية قبل حصول الكارثة، وذلك عبر احترام فصل السلطات وتحرير مجلس الوزراء من الصراع الدائر مع القضاء خصوصا انه لا يمتلك صلاحيات التدخل في تحقيقات المحقق العدلي.
كما ترى مصادر اخرى ان لا حل الا بتطبيق الدستور وبتقليص صلاحيات القاضي البيطار لصالح المحكمة العليا لمحاكمة الرؤساء والوزراء وهو امر يتطلب جلسة لمجلس النواب ما يزال المعنيون يعملون على انعقادها وتأمين نصابها.
في غضون ذلك يترجم الرئيس ميقاتي مقولته بأن “الحكومة معطلة لكن مجلس الوزراء يعمل” بسلسلة من اجتماعات عمل مع كل الوزراء للبحث في الشؤون المعيشية والاجتماعية الملحة، في وقت بدأ فيه تيار المردة بالتفتيش عن وزير للاعلام يخلف قرداحي، حيث يُتوقع ان يعود هذا المقعد الى زغرتا بعدما آثر سليمان فرنجية تسمية وزيرين محسوبين على المردة من خارج القضاء وبانتظار هذه التسمية سيتولى وزير التربية عباس الحلبي مهام وزير الاعلام.