فضيحة تسريب الوثائق: عاصفة تهدد مكتب نتنياهو وأمن إسرائيل

أصدرت محكمة إسرائيلية اليوم قرارًا يسمح بنشر تفاصيل جديدة حول القضية المثيرة للجدل المتعلقة بالوثائق السرية التي تم تسريبها من مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.
ووفقًا لهيئة البث الإسرائيلية، يتورط في القضية إيلي فلدشتاين، المتحدث الرسمي باسم نتنياهو، الذي يشتبه في أنه قام بتسريب الوثائق بهدف التأثير على الرأي العام الإسرائيلي.

تشير التحقيقات إلى أن فلدشتاين قد تصرف بالوثائق المسربة في محاولة لتوجيه الرأي العام الإسرائيلي لصالح الحكومة، خصوصًا فيما يتعلق بالقضية الحساسة حول مقتل 6 رهائن في عملية عسكرية.

يُعتقد أن فلدشتاين قام بنشر وثيقة سرية بهدف التأثير على كيفية تعامل الجمهور مع تصريحات الحكومة بشأن حركة حماس، خاصة فيما يتعلق بتوجيه أصابع الاتهام إلى يحيى السنوار، زعيم حماس، في الحادث المروع.

من جانب آخر، أشارت التحقيقات إلى أن ضابط احتياط في الجيش الإسرائيلي قد تسربت منه وثيقة شديدة السرية، دون إذن قانوني، في خطوة يشتبه أنها كانت بهدف تمرير الوثيقة إلى المستويات السياسية العليا. ويُعتقد أن هذا التسريب كان جزءًا من محاولة لتوجيه التأثير السياسي على قضايا مهمة في إسرائيل، بما في ذلك التعامل مع الرهائن وتداعيات الاحتجاجات الداخلية.

تم نشر الوثيقة المسربة في توقيت حساس، وسط الاحتجاجات الشعبية في إسرائيل، والتي كانت تدور حول التعامل مع قضايا الرهائن، مما جعل المفاوضات أكثر تعقيدًا وأدى إلى زيادة التوترات الداخلية في البلاد. ويُشتبه في أن الهدف كان التأثير على دعم الشعب الإسرائيلي تجاه المفاوضات والتفاعل مع الضغوط السياسية بشأن التعامل مع حركة حماس.

وفي سيق متصل، قررت المحكمة العليا الإسرائيلية، اليوم الأحد، تمديد اعتقال الناطق باسم رئيس الحكومة، إيلي فلدشتاين، وأحد عناصر الاحتياط في جهاز الاستخبارات العسكرية، الذي يُحظر نشر اسمه، وذلك في إطار التحقيق في قضية تسريب الوثائق السرية.

تم تمديد الاعتقال حتى الساعة السادسة مساءً، بعد استئناف تقدمت به النيابة العامة ضد القرار القاضي بالإفراج عن المتهمين بشروط مقيدة، وذلك بعد أن رفضت محكمة الصلح والمحكمة المركزية الاستئناف.
وفي قراره، كتب القاضي يوسف إيلرون من المحكمة العليا: “قررت عقد جلسة عاجلة في طلب الاستئناف، حيث استمعت بشكل موسع إلى محامي الأطراف، وعقدت مناقشة مغلقة بحضور الجهات الأمنية المعنية. كما اطلعت على المواد السرية المقدمة. في ظل الظروف الاستثنائية لهذا الإجراء، قررت منح إذن للاستئناف وقبول طلب النيابة”.

وخلال الجلسة، وقبل إعلان قراره، قال القاضي إيلرون: “لقد جئت إلى القدس خصيصًا من أجل هذه القضية، ولم تَفُتني مخاوفكم. حرصت على عقد الجلسة ولم أؤجلها إلى يوم غد بسبب حساسية القضية والمخاوف من احتجاز المتهمين دون مبرر”.

وتابع: “انتهيت من مناقشة جزء سري من القضية، حيث تم عرض مواد التحقيق علي. وأنا آخذ ذلك بعين الاعتبار”.

خلال الجلسة، قدمت ممثلة النيابة العامة، المحامية عدي أرد، طلبًا بقبول الاستئناف في ظل الظروف الاستثنائية، قائلة: “نحن نرى أن المحكمة المركزية أخطأت في قرارها بالإفراج عن المتهمين، وكان من المفترض تمديد فترة اعتقالهم لإتاحة الفرصة لتقديم لائحة اتهام أثناء احتجازهم. أفعالهم خطيرة، ولها تأثير كبير على أمن الدولة، وهم يشكلون تهديدًا فعليًا”.

من جانبه، قال محامي المتهم من جهاز الاستخبارات العسكرية، ميخا فتمن: “الحديث هنا عن تهديد مزعوم لأمن الدولة، وهو ما لم يتم ذكره في محكمة الصلح أو المحكمة المركزية”. وأضاف: “حتى الآن كانت المزاعم تتعلق بإمكانية حدوث ضرر، والآن يغير الادعاء رأيه بشكل مفاجئ. نحن نعرف موكلنا جيدًا ونعلم الحقيقة، ويجب أن يُفرج عنه اليوم”.

من جانب آخر، قالت ممثلة النيابة العامة: “التحقيق معقد جدًا ويتضمن شخصيات حساسة، والأمور لم تتم بشكل عابر. هناك خطر حقيقي على أمن الدولة، خصوصًا بناءً على الجرائم التي ارتكبها المشتبه بهما، وهي جرائم خطيرة تمت على مدى فترة طويلة، وقد تهدد أمن الدولة”.
وأضافت: “هذه ليست مجرد شعارات، بل إن المشتبه بهما عملا لشهور طويلة على إخراج معلومات حساسة من الجيش، في وقت يتواجد فيه مدنيون مختطفون في قطاع غزة، وهما بذلك يعرضان المصادر الحساسة للخطر”.

وطلبت النيابة العامة تمديد فترة اعتقال المشتبه بهما لاستكمال التحقيق، حيث قالت ممثلة النيابة: “التحقيق يشير إلى خطر كبير من قبل المتهمين. لقد عملا بدوافع أيديولوجية على إخراج مواد سرية طوال شهور، مما شكل تهديدًا جسيمًا لأمن الدولة. ونعتقد أن أي بديل للاعتقال لا يكفي في ظل خطورة الموقف”.

أما محامي المتهم الذي يُحظر نشر اسمه، فقد قال: “موكلي خضع لاختبار كشف الكذب، وتبين أنه لم يتواصل مع أحد سوى إيلي فلدشتاين، ولم يتم نقل أي مستند غير المستند المعروف الذي تم تسليمه إلى مكتب رئيس الحكومة. هو فقط يريد مصلحة الدولة ويتصرف وفقًا لمصالحها”.

وأضاف المحامي: “موكلي لم يكن ضالعًا في تسريب الوثيقة، بل قام بنقلها بعد أن تعرض لها بطريقة قانونية وسلمها لرئيس الحكومة. حتى لو كان قد أخطأ في الطريقة، لا يوجد مبرر للاحتفاظ به في الاعتقال. بعد حرب الأيام الستة، تم تحديد وثيقة تقضي بأن أي عمل عسكري أو حدث ذو طابع استراتيجي يجب أن يحصل على موافقة رئيس الحكومة”.

وفي ختام الجلسة، أوضح القاضي إيلرون أن الاستئناف أمام المحكمة العليا ضد قرار محكمة الصلح هو أمر استثنائي، قائلًا: “ليس من الأمور العادية أن يتخذ القضاء الأعلى قرارًا في تمديد اعتقال بناءً على استئناف ضد قرار محكمة الصلح”.

من جهة أخرى، طلب محامي فلدشتاين أن يُعقد النقاش بأكمله خلف الأبواب المغلقة، لكن القاضي أكد أن جلسة فلدشتاين ستتم وفقًا لمبدأ العلنية، بينما سيُجرى النقاش المغلق فيما يخص المتهم الآخر.

الحرة

Check Also

لماذا نتنياهو مستعد لقبول وقف إطلاق النار مع حزب الله دون حماس؟

رغم أن إسرائيل قضت على كل كبار قادة حركة المقاومة الإسلامية (حماس) تقريبا، وأن الحاجة …