تقرير ندى ايوب في جريدة الاخبار:
رغم أنّ مجموعات الضغط اللبنانية – الأميركية تتموضع كلها في خندقٍ معارضٍ للمقاومة، إلا أنّ «طوفان الأقصى» وفتح جبهة إسنادٍ لغزّة من لبنان خلطا الأوراق بين من يصطلحون على وصف أنفسهم بـ«اللوبيات اللبنانية»، إذ انقسم هؤلاء حول كيفية التعاطي مع الوضع، بين فريقٍ من وشاة يُثرثِرُون طوال الوقت لدى الإدارة الأميركية ويدعون الى استغلال الفرصة لـ«سحق» حزب الله عسكرياً مهما كلّف الأمر، وفريق آخر يرى أن الأفضل اللجوء الى الحل السياسي. وقد انسحبت التباينات على أكثر من نقطة، ودفعت بالبعض إلى الحديث عن أجندة لأطراف محدّدة تحاول الاستحواذ على قرار لجنة التنسيق اللبنانية – الأميركية (LACC) التي تأسست كمظلّة لمجموعات عدة (مثل ATFL وOwer New Lebanon وLife وMie وSoul for Lebanon وغيرها)، تتم فيها مناقشة المقترحات المتعلقة بلبنان للخروج بمطالب موحّدة أمام الإدارة الأميركية وأصدقائهم في الكونغرس. غير أن المعطيات تشير الى احتدام الخلاف بين هذه المجموعات على السيطرة على توجهات اللجنة. ووفق المصادر، «هناك انزعاج، تطور إلى شبه احتكاك، بين بعض القوى المُمثلة في اللجنة، على خلفية سيطرة آراء المجموعات المتطرفة سياسياً على خطاب اللجنة».وبحسب المعطيات، فإن المتشددين يدعون الى تطبيق قرارات مجلس الأمن (1559 و1680 و1701) تحت بند الفصل السابع، والطلب إلى الجيش اللبناني وقوات «اليونيفيل» فرض سيادة الدولة، و«استخدام القوة لضبط كل سلاح غير شرعي». ولا يمانع هؤلاء «تنفيذ عمليات عسكرية في لبنان، حتى ولو تسببت بمقتل مدنيين، طالما أنها تحقق هدف القضاء على حزب الله». وهم يعتبرون أن ما تقوم به المقاومة يعكس خياراً إيرانياً، ويصفون حزب الله بـ«القوة غير الدولتية، وينادون بالفيدرالية كتعبيرٍ عن «رفضهم للعيش مع بيئة (المقاومة) نتيجة الاختلافات الثقافية». ويذهب بعضهم الى حد «طلب إقامة مناطق لبنانية حرّة منزوعة السلاح، وتوسيع رقعة المستهدفين بالعقوبات من الحزب والمقرّبين منه وأبناء بيئته».
وتكشف المعطيات أن المطالب المرتبطة بالحرب الدائرة على الجبهة الجنوبية «سلّمت رسمياً إلى مسؤولين في الإدارة الأميركية»، وتقف وراءها بشكلٍ أساسي مجموعات مثل American Task Force Lebanon (ATFL)، وOwer New Lebanon التي تقوم، من خلال لجنة التنسيق، بـ«اتصالات حثيثة داخل لبنان وفي الولايات المتحدة ضمن خطة مواصلة الضغط، والإيحاء بأن مطالبها هي التي يجمع عليها السياديون في لبنان».
تياران يعاديان المقاومة، أحدهما يدعم حرباً شاملة ضدّها والآخر مع «الاحتواء بالسياسة»
وتلفت المصادر إلى أن «ما يزيد من استياء المعارضين لهذا النهج داخل لجنة التنسيق، هو محاولة ملتقى التأثير المدني، ممثلاً بمديره التنفيذي زياد الصايغ، الهيمنة على قرار اللجنة، علماً أن الملتقى ليس عضواً في أيّ لوبي، بل دخل اللجنة بتسهيل من ATFL وower new Lebanon ورئيسة الجامعة الثقافية في واشنطن مي ريحاني». ويشير المطّلعون الى «قدرات مالية ظهرت فجأة لدى ملتقى التأثير داخل لجنة التنسيق، ما أثار حفيظة اللوبيات المعارضة له، وأثار أسئلة عن مصدر الأموال والهدف من توزيعها، وخصوصاً بعدما نظّم الملتقى نشاطاً كبيراً في أحد الفنادق الأميركية». ويتحدث المعترضون عن «شكوك حول إغراءات مالية للوبيات بهدف التأثير على آراء أعضائها في لجنة التنسيق، ودفعها للسير بمقترحات تتماشى والخطاب المتطرّف».
في المقابل، تبرز «لوبيات» أخرى داخل اللجنة، هي أقرب إلى الحزب الديموقراطي الأميركي، تدّعي «التوازن» في خطابها القائم على «احترام القرارات الدولية وتطبيق فحواها بالحوار بين جميع مكونات البلد بمن فيها حزب الله نفسه، وتأييد إيجاد حلول بالطرق السياسية، لتجنيب لبنان أيّ تصعيد عسكري»، رافضةً فكرة القضاء على الحزب عبر شن حربٍ عليه. وهي ترى أنّ أيّ تسوية يُفترض أن تنطلق من اعتبار إسرائيل محتلّة لأراضٍ لبنانية ومعتدية على سيادة لبنان، ورفض مشاريع الفدرلة وتحويل الخلاف السياسي مع الحزب إلى خلاف ثقافي مع الشيعة».
الصراع حول الوجهة السياسية للجنة التنسيق بصفتها الجهة الممثلة لمجموعات الضغط اللبنانية، ليس بعيداً عن الصراع حول قيادة الجبهة المعادية للمقاومة في لبنان، إذ توجد علاقات تنسيق قوية بين «سياديّي» لبنان و«لوبيات» أميركا، وتوجّه الأخيرة دعوات الى نواب من خصوم حزب الله للمشاركة في أنشطة في واشنطن، وتتولى ترتيب لقاءات لهم مع أعضاء في الكونغرس ومسؤولين في الإدارة الأميركية، والمشاركة في ندوات ولقاءات مع الجالية اللبنانية، وبشكل خاص مع الناشطين السياسيين في صفوفها. كما تنظّم المجموعات نفسها نشاطات في لبنان، ويجري الحديث دوماً عن تولّي مجموعة life تأمين التمويل، وهذه الأخيرة ساعدت في تمويل «لوائح التغيير» في الانتخابات النيابية عام 2022.