ترأس متروبوليت بيروت وتوابعها للروم الارثوذكس المطران الياس عودة، خدمة القداس في كاتدرائية القديس جاورجيوس، بحضور حشد من المؤمنين. بعد الإنجيل ألقى عودة عظة قال فيها: “أساس التواضع هو معرفة الذات، لكن كيف نعرف ذواتنا وأننا نسير في الظلمة؟ لا يحدث هذا إلا عندما نسعى إلى معرفة المسيح والتقرب منه والاعتراف به جهارا مثلما فعل زكا العشار، والمرأة الكنعانية، وبطرس الرسول وغيرهم. عندما يسطع نور المسيح في حياتنا يضيء ظلمتنا، فندرك مكامن خطايانا.
ولفت عودة الى أنه، “عندئذ نرذل إدانة الآخرين والتدقيق في خطاياهم، ونسعى إلى الخلاص من خطايانا، الأمر الذي سيشغلنا طيلة العمر، فلا نعود نهتم بإدانة الخطأة كالفريسي الذي ظن أنه بار وأن العشار خاطئ، بل إننا لن نجد أن أحدا يخطئ تجاه الرب بقدرنا، كما يقول القديس سمعان اللاهوتي الحديث: “إنني أعلم أيها المخلص أن ليس أحد غيري أخطأ إليك كما خطئت أنا، ولا فعل الأفعال التي فعلتها أنا”.
قال عودة: “حبذا لو يعرف كل طرف في هذا البلد نفسه كما فعلت الكنعانية، بدلا من إلقاء اللوم على الآخرين واتهامهم بشتى الإتهامات. أخيراً، أصبح كل خاطئ في حق لبنان وشعبه ديانا للآخرين الذين لا يريدون سوى خلاص الأرض وشعبها. أصبح البعض يستلون سيف التخوين والعمالة تجاه من يخالفهم الرأي، متجاهلين حرية الرأي والتعبير، والحق في إبداء الرأي. لم يسلم من تخوينهم رجال السياسة الشرفاء القليلون، ولا الفنانون الذين يرفعون اسم لبنان في سماء العالم أجمع، ولا الكتاب والأدباء والصحافيون، ولا حتى رجال الدين على مختلف مشاربهم. ليت الجميع ينظرون إلى أنفسهم في مرآة الوطنية، ويكيلون بميزان الحق والعدل. ليتهم يراجعون أعمالهم، السوداء منها والبيضاء، مقللين من الأولى، ومكثرين من الثانية، عل خلاص البلد يتم عندما يعترف كل إنسان بأخطائه، ويدرك أن ثمة آخر أمامه، يشاركه الأرض وحب الوطن، وأن الجميع يتمتعون بنفس الحقوق كما عليهم نفس الواجبات، وأولها احترام وطنهم، والولاء له، وإبعاده عن كل شر وخطر، وصونه من كل عثرة”.
أضاف عودة: “بلدنا يتقهقر لأنه يخسر مقومات ديمقراطيته، وينحدر إلى العشوائية والغوغائية والتسلط والفوضى. كيف ينمو بلد ويزدهر وهو بلا رئيس يقوده بحسب ما يمليه دستوره؟ كيف يبنى بلد جيشه مستضعف؟ كيف ينعم بلد بالإستقرار والإزدهار والسلاح منتشر وحدوده مستباحة وقضاؤه مقموع، وإداراته قد أفرغت من الكفاءات، وقرار الدولة مصادر، والحرب تفرض عليها وعلى المواطنين؟ وما ذنب المدنيين الأبرياء الذين يسقطون يوميا جراءها؟ كيف تبنى الدولة عندما يستقوي البعض عليها، ويتخطى البعض قراراتها، ويتجاهل البعض الآخر وجودها؟ كيف تبنى دولة والجميع يستغلها؟ وكيف يكون المواطنون متساوين في الحقوق والواجبات فيما الرأي لمن في يده القوة والمال والسلطة؟”