ضربات إسرائيلية على رفح… و”حماس” تحذّر من “مجزرة”

حذّرت حركة “حماس” السبت من وقوع “مجزرة” في رفح التي باتت الملاذ الأخير لأكثر من مليون نازح فلسطيني في جنوب قطاع غزة، مع مواصلة إسرائيل قصفها الكثيف وإصدار رئيس وزرائها توجيهات بإعداد “خطّة لإجلاء” المدنيين من المدينة، ما أثار خشية دولية من هجوم بري محتمل.

وأفاد شهود السبت بحصول غارات في محيط رفح حيث يحتشد نحو 1,3 مليون فلسطيني، أي أكثر من نصف سكّان غزة، وهم في غالبيّتهم العظمى نازحون هربوا من العنف في شمال القطاع ووسطه عقب اندلاع الحرب قبل أكثر من أربعة أشهر.

وأفادت وزارة الصحة في غزة بسقوط 110 قتلى ليل الجمعة السبت، بينهم 25 قتلوا في ضربات في رفح، مشيرة إلى معارك عنيفة دارت السبت في مستشفى ناصر في خان يونس.

وأكّدت الوزارة مقتل شخص في هذا المستشفى حيث لا يزال يوجد 300 من أفراد الطاقم الطبي و450 جريحاً، إضافة الى زهاء عشرة آلاف نازح.

وقتل خمسة من عناصر الشرطة في هجومين إسرائيليين منفصلين، حسب مصادر أمنية فلسطينية، فيما قالت القوات الإسرائيلية إنّ اثنين من كبار المسؤولين العسكريين من الحركة الفلسطينية قتلا في أحدهما.

وقال قائد الجيش الإسرائيلي هرتزي هاليفي أثناء زيارته قواته في خان يونس “قُتل الكثير من قادة (حماس) ونريد تصفية المزيد، بالإضافة إلى مسؤولين عسكريين كبار”.

كما زعمت إسرائيل السبت اكتشاف نفق في مدينة غزة قالت إنّ “حماس” حفرته تحت مقر وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا).

وفيما أكّد المفوض العام للوكالة التابعة للأمم المتحدة فيليب لازاريني أنه تم إخلاء المبنى في 12 تشرين الأول، دعاه وزير الخارجية الإسرائيلي يسرائيل كاتس إلى “الاستقالة فوراً”.

في ما يتعلق برفح، أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أنه أمر الجمعة الجيش الإسرائيلي بإعداد “خطّة لإجلاء” المدنيّين منها، وسط خشية دولية متزايدة من هجوم محتمل على المدينة الواقعة على الحدود مع مصر.

وأفاد مكتبه بأنّه طلب من الجيش “تقديم خطّة لإجلاء السكّان والقضاء على كتائب” حماس في المدينة. وأضاف: “يَستحيل تحقيق هدف الحرب دون القضاء على “حماس”. من الواضح أنّ أيّ نشاط (عسكري) كثيف في رفح يتطلّب أن يُخلي المدنيّون مناطق القتال”.

وحذّرت “حماس” في بيان السبت من “كارثة” في رفح بحال شنّت إسرائيل عملية برية.

وقالت: “نحذّر من كارثة ومجزرة عالمية قد تُخلِّف عشرات آلاف الشهداء والجرحى في حال اجتياح محافظة رفح”، مضيفة “نحمّل الإدارة الأميركية والمجتمع الدولي والاحتلال المسؤولية الكاملة”.

وحذّر مسؤول السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبّي جوزيب بوريل السبت من هجوم محتمل للجيش الإسرائيلي في رفح قال إنه سيكون بمثابة “كارثة إنسانية لا توصف”.

– “تداعيات بالغة الخطورة” –
باتت رفح محور الترقّب بشأن المرحلة المقبلة مع دخول الحرب شهرها الخامس. وهي تستضيف الغالبية العظمى من النازحين الذين يقيم معظمهم في خيم عشوائية في مختلف أنحاء المدينة، وسط ظروف إنسانية صعبة وشحّ في المساعدات.

وقال عادل الحاج، وهو نازح في المدينة “إذا اجتاح (الجيش الإسرائيلي) رفح، كما قال نتنياهو، ستحدث مجازر، ويمكن لنا وقتئذٍ أن نودّع البشريّة جمعاء”.

ورغم بقائها في منأى من العمليات العسكرية المباشرة، لم تسلم رفح من القصف الإسرائيلي الذي أدّى الجمعة إلى تدمير مبانٍ عدة، وفق مصوّري “وكالة فرانس برس”.

وتتواصل التحذيرات من شنّ إسرائيل هجوماً برياً على رفح.

وحذّرت الخارجية السعودية في بيان السبت “من التداعيات البالغة الخطورة لاقتحام واستهداف مدينة رفح في قطاع غزة، وهي الملاذ الأخير لمئات الألوف من المدنيين الذين أجبرهم العدوان الوحشي الإسرائيلي على النزوح”.

واعتبرت أن “هذا الإمعان في انتهاك القانون الدولي والقانون الإنساني الدولي يؤكد ضرورة انعقاد مجلس الأمن الدولي عاجلاً لمنع إسرائيل من التسبب بكارثة إنسانية وشيكة يتحمل مسؤوليتها كل من يدعم العدوان”.

وكانت الأمم المتحدة وكذلك الولايات المتحدة، الحليف الرئيسي لإسرائيل، قد أعربتا عن مخاوفهما من عملية رفح.

وحذّرت الخارجيّة الأميركيّة هذا الأسبوع من أنّ “تنفيذ عمليّة مماثلة الآن (في رفح)، بلا تخطيط وبقليل من التفكير، في منطقة يسكنها مليون شخص، سيكون كارثة”.

وفي انتقاد ضمنيّ نادر لإسرائيل، قال الرئيس الأميركي جو بايدن هذا الأسبوع إنّ “الردّ في غزّة… مُفرط”، مؤكّداً أنّه بذل جهودًا منذ بدء الحرب لتخفيف وطأتها على المدنيّين.

بدوره، شدّد وزير الخارجية الفرنسي ستيفان سيجورنيه على أنه وإن كانت “صدمة الإسرائيليين حقيقية” بعد 7 تشرين الأول، فإنّ “الوضع في غزة غير مبرر”.

أمّا وزير الخارجية البريطاني ديفيد كاميرون، فقال عبر منصة إكس “نشعر بقلق عميق إزاء احتمال شن هجوم عسكري على رفح حيث يلجأ أكثر من نصف سكان غزة إلى المنطقة. يجب أن تكون الأولوية للوقف الفوري للقتال من أجل إدخال المساعدات وإخراج الرهائن، ثم التقدم نحو وقف دائم ومستدام للنار”.

اندلعت الحرب في 7 تشرين الأوّل عقب هجوم غير مسبوق شنّته “حماس” على جنوب إسرائيل أسفر عن مقتل أكثر من 1160 شخصًا، معظمهم مدنيّون، حسب حصيلة أعدّتها وكالة فرانس برس تستند إلى أرقام رسميّة إسرائيليّة.

كذلك، احتُجز في الهجوم نحو 250 رهينة تقول إسرائيل إنّ 132 بينهم ما زالوا محتجزين في غزّة، و29 منهم على الأقلّ يُعتقد أنّهم قُتلوا، حسب أرقام صادرة عن مكتب نتنياهو.

وتردّ إسرائيل مذّاك بحملة قصف مركّز أتبعتها بهجوم برّي واسع في القطاع، ما أسفر عن مقتل 28064 شخصاً، غالبيّتهم نساء وأطفال، حسب أحدث حصيلة لوزارة الصحّة التابعة لـ”حماس”.

ومن الضحايا، عُثر على الطفلة هند رجب البالغة ست سنوات والتي فُقدت منذ حوالى أسبوعين وسط المعارك في مدينة غزة، مقتولة مع أفراد آخرين من أُسرتها، حسبما أعلنت “حماس” وعائلتها السبت، متهمة القوات الإسرائيلية بقتلهم.

وعُثر على جثث الطفلة وأفراد من أسرتها في سيارة قرب محطة للوقود في منطقة تل الهوى بعد انسحاب الدبابات والمدرّعات الإسرائيلية فجراً، وفق ما أفادت عائلتها وكالة فرانس برس.

وأكدت وزارة الصحة التابعة لـ”حماس”: “استشهاد الطفلة هند رجب وكل من وُجِد في السيارة، على يد الجيش الإسرائيلي”.

وكانت عائلتها قالت لـ”فرانس برس” هذا الأسبوع إنّ الفتاة وأفراد آخرين من العائلة كانوا في سيارة في مدينة غزة عندما واجهوا الدبابات التي يبدو أنّها فتحت النار عليهم.


– إيران ترى “حلًّا سياسيًّا”-

توازياً مع المسار العسكري، تتواصل الجهود الديبلوماسيّة للتوصّل إلى هدنة طويلة تتيح تبادل الرهائن والمعتقلين وزيادة المساعدات الإنسانيّة.

واستضافت القاهرة هذا الأسبوع محادثات جديدة بقيادة مصر وقطر، اختُتمت الجمعة حسبما أكّد مسؤول في “حماس”.

وقال لـ”فرانس برس”: “وفد حماس غادر القاهرة”، مضيفًا أنّه “ينتظر ردًّا من إسرائيل”، دون أن يخوض في تفاصيل.

وأورد موقع أكسيوس أنّ مدير وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية (سي آي إيه) يزور مصر الأسبوع المقبل.

أثارت الحرب مخاوف من اتّساع نطاقها إلى نزاع إقليمي، خصوصًا مع التوتّرات على جبهات عدّة منها بين “حزب الله” وإسرائيل عبر حدود البلدين، وفي المناطق البحرية المقابلة لليمن مع هجمات الحوثيين دعماً لغزة، وأخرى تستهدف القوات الأميركية في العراق وسوريا عبر فصائل مدعومة من طهران.

والسبت، قال وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان من بيروت إنّ الوضع يتّجه نحو “حلّ سياسي”، لكنّ نتنياهو “يرى الحلّ في الحرب”.

كما اعتبر خلال زيارته الثالثة للبنان منذ بدء الحرب في غزة، أنّ “أيّ تحرّك للنظام الصهيوني بهدف شن هجوم واسع ضدّ لبنان سيمثّل نهاية نتنياهو”.

والتقى عبد اللهيان الأمين العام لـ”حزب الله” حسن نصر الله ومسؤولي فصائل فلسطينيّة.

ا ف ب

شاهد أيضاً

التطبيع السعودي – الإسرائيلي يتلاشى وسط تصاعد المشاعر المناهضة لإسرائيل في الشرق الأوسط

أكد موقع “i24NEWS” الإسرائيلي أن “التطبيع السعودي – الإسرائيلي لا يزال بعيدًا عن متناول اليد، …