أي اللعنات يعيشها لبنان في هذه السنوات العجاف، حيث ما أن يطوي مصيبة، حتى تلحقها الأخرى، وكأن البلد يعيش دوامة من المصائب والكوارث في زمن فشل الدولة، وعجز السلطة عن مجرد إدارة الأزمات المتلاحقة وحسب، دون الإرتقاء إلى مستوى القدرة على إيجاد الحلول المناسبة للمشاكل التي يتخبط فيها الشعب المقهور.
أفاق اللبنانيون صباح أمس على مصيبة إحتراق أحد خزانات البنزين في منشآت الزهراني، مع مشاعر القلق والخوف من أن تمتد النيران إلى الخزانات المجاورة وتقع كارثة جديدة في بلد تتقاذفه الكوارث، وأهل الحكم لاهون عن وجع الناس بالإنتخابات المقبلة، التي تكاد تصبح لها الأولوية على ما عداها من معالجات إصلاحية للقطاعات المنهارة، وفي مقدمتها قطاع الكهرباء.
ولكن في ذروة حالة الإرباك والضياع التي هيمنت على الكبار من أصحاب القرار، برزت شجاعة شباب الدفاع المدني وبطولاتهم الوطنية في الإندفاع لمحاصرة الخزان الملتهب، لتجنب وصول النيران إلى الخزانات المجاورة، والعمل على إنقاذ منطقة الزهراني من كارثة محققة.
من المحزن فعلاً أن تكون الإمكانيات المتوفرة لشباب الدفاع المدني ورجال الأطفاء هي أقل من عادية، وتفتقد إلى أبسط الوسائل التقنية واللوجستية المعتمدة في مثل هذه الحوادث الخطيرة، حيث لا طائرات إطفاء، ولا تجهيزات حديثة في السيارات القديمة التي بالكاد دواليبها المهترئة تحملها، ولا سيترنات مياه كافية لمواجهة كثافة النيران المشتعلة.
أبطال الدفاع المدني والأطفاء إستبسلوا في مكافحة النيران باللحم الحي، ومعرضين حياتهم للخطر، ونجحوا في إخماد الحريق وإنقاذ بقية الخزانات الكبيرة، والتي يحتوي أحدها على الإحتياطي الإستراتيجي من مادة البنزين للجيش، فيما الخزانات الأخرى تؤمن إحتياجات السوق اليومية، مما يعني تجنيب البلد أزمة بنزين جديدة.
كل ذلك، وهؤلاء الأبطال يُعانون من شظف العيش، وتدني الرواتب لرجال الأطفاء، أما شباب الدفاع المدني فمعظمهم يعمل بلا راتب، وإعتصاماتهم ذهبت أدراج الرياح مع حكام لا يسمعون أنّات الناس، ويعيشون في أبراجهم العاجية، متمتعين بالأموال المنهوبة من الدولة، ومن مستقبل الناس الغلابى.
المصدر : اللواء