كتبت ميريام بلعة في المركزية:
المركزية- لا يتوانى أهل القطاع ولا وزير الوصاية عن زفّ بشرى اقتراب موعد إعلان نتائج الحفر واستكشاف النفط والغاز في الـ”بلوك 9″ جنوب لبنان، معلّقين الآمال على إمكانية وجود كميات كبيرة من الغاز تصل إلى حدّ “الإنتاج التجاري”.
هذا الحديث يستحضر موضوع الصندوق السيادي الذي بدوره يثير في الأذهان عملية تمويل الصندوق الخاص باسترداد أموال المودِعين الذي طرحه أركان القطاع المصرفي في إطار السعي إلى إيجاد مورد لاسترداد أموال المودِعين، فكان المقترَح الآتي: “تتعهّد الدولة منذ الآن بتخصيص 20% من صافي المداخيل من الغاز والنفط لتغذية صندوق يُنشأ خصيصاً لهذه الغاية Special Purpose Vehicle (SPV)، يُعطى لكل مودِع حصص في هذا الصندوق بنسبة مئوية تتناسب مع حجم وديعته المصرفية…”.
فلماذا لا يتم تفادي التدخلات السياسية وتجنّب تشابك المصالح، عبر التفتيش عن الحل الأسهل والمباشر … والمُجدي؟! إذ عندما يصبح شطب الودائع أسهل من إيجاد الحلول والإصلاح، وعندما يُحتسب عمق الفجوة وتغيب تراتبية المسؤوليات… عندها تصبح إعادة تكوين الودائع ممكنة كون المداخيل النفطية آتية ولو بعد حين. فالحل الذي يقترحه أحد كبار المصرفيين في لبنان، هو أن يُنشأ منذ الآن صندوق تخصص له نسبة مئوية من صافي المداخيل المستقبلية من الغاز والنفط، يكون هدفه محصوراً بإعادة تكوين الودائع التي استخدمتها الدولة ومصرف لبنان. وللتوضيح والتأكيد، لا تستفيد المصارف بأي شكل من الأشكال من أموال هذا الصندوق التي ستعود حصصه مباشرة للمودِعين.
مصدر مالي مطّلع يعتبر عبر “المركزية” أن “حلّاً كهذا يكون منصفاً، ويشكّل مدخلاً لمشروع النهوض الاقتصادي ويلقى التأييد عوض الرفض من قبل غالبية المودعين إن لم نقل كلهم والقطاعات الاقتصادية كافة”.
ويشير في السياق إلى “وجود إجماع حول هذا المقترَح ولا سيما لدى صندوق النقد الدولي والحكومة اللبنانية، واللذين يقرّان بأن استعادة الودائع خطوة ضروريّة وملحّة يجب القيام بها”.
ويُضيف: لا يمكن اليوم الإقرار بشطب الودائع أمام المودِعين أو النواب الذين يمثّلون قاعدتهم الشعبية المؤلفة من المودِعين. لذلك وَجُب التفتيش عن خيار ثالث غير القيام بالإصلاحات المطلوبة للحصول على دعم صندوق النقد والدولي وغير اعتماد عائدات المرافق العامة كالمرافئ وغيرها، ولا حتى خيار استرداد الودائع ما دون سقف الـ100 ألف دولار… حتى هذا الخيار أصبح مهدّداً حين بدأ التلويح بخفض سقف التسديد من 100 ألف دولار إلى 50 ألفاً وما دون في حال تأخّرت عملية إعادة التوازن المالي. وبالتالي لا يجب البحث في شطب الودائع إنما التفتيش عن حل لمعالجة مسألة الودائع غير المسترَدّة بطريقة مباشرة، أي نقداً.
لكن صندوق استعادة الودائع دونه شكوك تحوم حول مضمونه، وهنا يوضح المصدر أن هناك “عاملين اثنين يساعدان في تغذية هذا الصندوق:
– الأوّل: المرافق العامة كمطار بيروت الدولي ومرفأ بيروت، بعد تأهيل بناها التحتية… لكن كل ذلك مشروط بأداء المؤسسات العامة الذي بدوره مرتبطاً بالإصلاح وهنا بيت القصيد… لا نعلم إلى أي مدى سيتم المضي بالإصلاحات المطلوبة أم ستبقى كلاماً على ورق!
– الثاني: الاعتماد على عائدات النفط والغاز. في الوقت الذي يُحكى فيه عن بوادر إيجابية في عملية الحفر والاستكشاف والكلام عن نتائج إيجابية متوقَّعة في الـ”بلوك رقم 9″… لذلك يبقى هذا الخيار هو الأنجع في ظل الأفق المسدود.
في ضوء ذلك، يشدد المصدر على أن “لا خلاص إلا بعائدات كونسورتيوم شركات النفط من التنقيب لزوم الدولة اللبنانية، قبل الدخول في متاهات إنشاء شركة وسيطة أو إعداد موازنة عامة للدولة في هذا الشأن…”، ويتابع “لذلك يُفترَض اقتطاع نسبة من تلك العائدات تتراوح بين 10 و20 في المئة تدفعها شركات ائتلاف النفط مباشرةً لصندوق استعادة الودائع. وإلا في حال مرّت في زواريب أخرى فلن يصل قرش واحد إلى المودِعين”.
ويؤكد أن “هذا الخيار لا يتطلب إطلاق الإصلاحات المتعثرة حتى اليوم، فالخطوة سريعة وغير معقدة إلى جانب الدفع التلقائي من ائتلاف النفط إلى الصندوق مباشرة من دون أي وسيط أو ما شابه…”.
“هذا الخيار هو خشبة الخلاص للمودِعين” يختم المصدر “صحيح أن أموال عائدات النفط هي حق للأجيال القادمة، لكن أموال المودِعين العالقة هي أيضاً حق لأولادهم الذين يشكّلون أجيال المستقبل! وبالتالي إن لم يستردّ هؤلاء المودِعين أموالهم فلن يتمكّنوا من تأمين المال اللازم لتعليم تلك الأجيال… وبذلك نكون نقتل جيلَين اثنين.. من دون يرفّ لنا جَفن!”.