كتبت باسمة عطوي في “نداء الوطن”:
في باب الاحكام المتفرقة في موازنة العام 2024، وردت مادة تسمح «للمكلفين بتسديد الضرائب من حساباتهم المصرفية بالعملة الاجنبية (القديمة أي قبل 10/ 2019) عبر احتساب قيمتها على أساس 40 في المئة من سعر الدولار الاميركي على منصة صيرفة».
هذه المادة اعتبرها خبراء أنها هيركات مقنّع على الودائع العالقة في المصارف والتي تقدر قيمتها بنحو 90 مليار دولار، فالمودع الذي سيلجأ الى هذا الاجراء سيتكبّد اقتطاعاً من وديعته والدولة ستتكبّد خسارة كفرق بين سعر الدولار القديم وسعر دولار المنصة، لكن المصرف سيتخلّص من عبء تسديد الوديعة. أي أن الدولة والمودع سيتقاسمان الخسارة لتخفيف التزامات المصارف تجاه المودعين.
يؤيد الخبير المالي والاقتصادي ميشال قزح هذا التحليل، ويشرح لـ»نداء الوطن» أنه «قبل انتهاء ولاية الحاكم رياض سلامة، عمد الى تحميل الدولة 57 مليار دولار، وما يحاولون القيام به من خلال هذه المادة في الموازنة هو افساح المجال أمام من يريد دفع ضرائبه باستعمال وديعته التي هي باللولار»، معتبراً أن «هذه المادة هي هيركات وليست حلاً لمشكلة الودائع.
والدولة تحاول عبرها التخفيف من الودائع باللولار بالحسابات التي تبلغ نحو 90 ملياراً، ما يعني أن تذويب الودائع عبر هذه المادة قد يحتاج الى نحو 50 عاماً لتغطية هذه الفجوة بهذه الطريقة».
في ميزان المحاسبة والضرائب، يشرح الخبير المحاسبي والضرائبي وعضو في جمعية ALDIC نديم ضاهر لـ»نداء الوطن» أن «هذه المادة في الموازنة ستؤدي الى مشكلتين، الاولى هي التضخم المالي.
لأن تحويل اللولار اي الدولار المحجوز في المصارف الى الليرة اللبنانية، حتى ولو بنسبة 40 في المئة من سعر صيرفة فهذا سيؤدي الى زيادة الكتلة النقدية»، مشيراً الى أنه «علينا انتظار رأي مصرف لبنان في هذا الموضوع، لأن الحاكم بالانابة وسيم منصوري يصرّ على التمسك بضبط التضخم.
لذلك هو لم يلب طلب مؤسسة كهرباء لبنان في تحويل مبالغ من الليرة الى الدولار تجنباً للتضخم».
ويضيف: «المودعون نوعان. الأول، مودعون خسروا جنى عمرهم في المصارف، والأكيد انهم لن يصرفوا أموالهم المحجوزة على سعر صيرفة كي يدفعوا ضرائبهم، لأنه لا يزال لديهم أمل بأن يسترجعوا أموالهم.
النوع الثاني هم كبار المودعين والشركات الخاصة المحتجزة اموالهم بملايين الدولارات، وهؤلاء يفضلون دفع ضرائبهم من اموالهم المحجوزة لأن أملهم باسترجاعها من المصارف ضئيل، بسبب طول أمد الازمة والتلكؤ الحاصل في معالجتها. وهذه الفئة من المواطنين والمؤسسات تستفيد من هذه المادة لأنهم يتخلصون من اللولار الذي يملكونه».
يشدد ضاهر على أنه «مثل كل مرة يأتي اقرار القوانين والمواد متأخراً، بمعنى أن هذه المواد كان يجب أن تقر في بداية الازمة.
وهذا ما اقترحناه كجمعية حماية المكلفين كأحد الحلول لحل مشكلة الودائع المحجوزة في المصارف، لكننا لم نلق آذانا صاغية»، معتبراً أن «مردود هذه المادة ايجابي، أما من ناحية زيادة نسب التضخم فهي مصدر قلق لأننا لا نعرف حجم الكتلة النقدية التي ستنتشر في السوق من خلال هذه المادة، لكنها مفيدة للشركات لأنها تحفزها على تسديد ضرائبها وهي مبالغ طائلة بالليرة اللبنانية». ويرى أنه «على صعيد المودعين الافراد فلهم الحرية في تطبيقها أم لا، وبالتالي ليست هيركات الزامية على الودائع لأنهم غير مجبرين بتطبيقها على غرار التعاميم التي صدرت من مصرف لبنان ومنها التعميم 151».
ويختم: «يمكن الطعن في هذه المادة وفقاً لمبدأ التساوي الضرائبي بين المواطنين، لأن هذه المادة تسمح للشركات والافراد بدفع ضرائبهم بطريقة ما، في حين أن فئة من الشعب اللبناني تصرف الدولار الفريش لدفع ضرائبها، لكن أساس الطعن غير متين».