كتبت بلقيس عبد الرضا في “المدن”:
تحوّلت صناعة المجوهرات في لبنان إلى فرصة للمبدعين في هذا المجال، خصوصاً وأن الأرقام الحالية تشير إلى أن هذا القطاع تمكّن من الخروج من تأثيرات الأزمة الاقتصادية.
حسب رئيس غرفة التجارة والصناعة والزراعة في صيدا والجنوب محمد حسن صالح، فإن المجوهرات والذهب تشكل نحو 30 في المئة من إجمالي الصادرات الصناعية اللبنانية، وفي حين أنه يباع ما يقارب من 10 في المئة من الإنتاج السنوي في لبنان، فإن ما يقارب الـ90 في المئة من الإنتاج يتم تصديره إلى الخارج، وتحديداً إلى الأسواق الخليجية والأوروبية، حيث لا تزال صناعة المجوهرات تحظى بقبول وشعبية بين المواطنين والتجار الدوليين.
الأسواق العالمية
لا يخفى على أحد أن صناعة المجوهرات في لبنان تمكّنت من الوصول إلى الأسواق العالمية، وكانت العلامات التجارية اللبنانية في مصاف العلامات التجارية الدولية، ويعود ذلك لأسباب عديدة، يشير إليها نقيب معلمي صناعة الذهب والمجوهرات في لبنان بوغوص كورديان لـ”المدن”.
ووفق كورديان، فإن صناعة المجوهرات “ورغم الظروف السياسية والاقتصادية، تمكنت من الصمود، نظراً لوجود اليد العاملة الماهرة من جهة، والخبرة الواسعة في التصاميم، واستخدام التكنولوجيا الرائجة في هذا المجال، ناهيك عن السمعة التي سبق وبناها تجار القطاع في الخارج، من خلال مشاركاتهم في المعارض الدولية، والمسابقات”.
ويقول كورديان: “حافظت عمليات التصدير على نسبتها تقريباً، مقارنة مع ما كانت عليه قبل الأزمة، مع انخفاض بسيط لأسباب لوجستية، منها تأثير الوباء سابقاً، وأزمة سلاسل التوريد، وتقلبات الأسواق الدولية. رغم ذلك، نجحت صناعة المجوهرات بتصدير ما لايقل عن 18 في المئة سنوياً من إجمالي القطاع الصناعي الفترة الماضية”.
السوق الداخلي
على الرغم من الظروف الاقتصادية وعدم قدرة اللبنانيين على الحصول على مدخراتهم بالعملات الأجنبية، إلا أن سوق الذهب بدوره شهد تذبذباً، فقد اتجه العديد من اللبنانيين إلى تحويل مدخراتهم إلى الذهب، من خلال شراء 10 غرامات من الذهب، لتحويلها لاحقاً إلى ليرة ذهبية، ومن لديه قدرات مالية أفضل، فقد اشترى أونصات كاملة، كنوع من الاستثمار الطويل الأمد.
في المقابل، انخفضت عمليات شراء قطع الحلي والمجوهرات البسيطة، إذ تخلّى الكثير من اللبنانيين عن شراء الحلى، نظراً لارتفاع تكلفتها المصنعية من جهة، ولأن العديد من اللبنانيين يحاولون الاستثمار والإدخار، قدر الإمكان، من جهة ثانية.
هذه النظرة الإيجابية نحو القطاع، ساعدت في توفير طلب متزايد على الأونصات والليرات بشكل أساسي، وبرز في لبنان سوق ذهب جديد، قائم على أساس تحويل المصوغات والمجوهرات المستعملة إلى حلى جديدة، بعيارات مختلفة. وبمعنى أدق، تمكن صناع المجوهرات من تحويل عدة قطع من الذهب التي يتم شراؤها على أساس أنها من الذهب الكسر عيار 22 و18 إلى قطعة واحدة من عيار 24، وهذا النمط الجديد من المصوغات الذهبية نالت إعجاب ورضى الكثير من المستهلكين اللبنانيين، وحتى أن بعض أصحاب المصانع الخاصة بالمجوهرات صدّروا كميات كبيرة من الذهب إلى الأسواق الإقليمية.
ليرات ذهبية واستثمار
أضف إلى ذلك، فقد شهد أيضاً لبنان ازدهاراً لسوق تصنيع الليرات الذهبية. الإقبال لشراء الذهب كملاذ آمن خلال الفترة الماضية دفع العديد من المواطنين إلى تحويل مدخراتهم إلى الذهب، وبسبب ارتفاع الطلب على الليرات والأونصات الذهبية، عمد التجار الى سك ليرات ذهبية في لبنان لدى عدد من الشركات التي تملك حق السك، وعلى الرغم من أن الليرة السويسرية عادة ما تحظى بثقة دولية، إلا أن ذلك لم ينف أن الليرات اللبنانية تمكنت من حجز مكانتها ونالت ثقة اللبنانيين.
نجح علي رضا موظف (38 عاماً)، في شراء ثلاث أونصات قبل ارتفاع سعر الذهب في الأسواق العالمية. ويقول لـ”المدن”: “تمكنت من إدخار جزء من المدخول مع ما حصلت عليه من المصارف، خلال ثلاث سنوات، واستبدلتها في شهر أيار الماضي بثلاث أونصات، قبل أن يعود سعر الأونصة عالمياً إلى الارتفاع.”
وفق رضا، “من المهم جداً مراقبة السوق العالمي واقتناص فرص الشراء، ذلك لأن أسعار الذهب تشهد تذبذبات بسبب عوامل جيوسياسية، ومن ثم إعادة بيع الأونصات عند ارتفاع الأسعار”. فهي حسب رأيه، “تجارة رائجة قد تساعد على الأقل في تحقيق مدخول إضافي، وإن على المدى الطويل”.