كتب منير الربيع في “الجريدة” الكويتية:
هل يقلب زعيم التيار الوطني الحر، وزير الخارجية السابق جبران باسيل الطاولة الرئاسية في لبنان على الجميع؟ إنه أحد الأسئلة الأكثر تداولاً في لبنان على وقع تجدد الحوار والمفاوضات الجدية بين «التيار الوطني» و«حزب الله»، لاسيما أن الطرفين وجدا نفسيهما في حالة إحراج بعد أن أفضى الاجتماع الأخير في الدوحة للدول الخمس المعنية بملف لبنان، أي الولايات المتحدة وفرنسا والسعودية وقطر ومصر، إلى إعادة وضع مسار جديد لحل أزمة الفراغ الرئاسي، من خلال التركيز على المواصفات، وتجاوز المبادرة الفرنسية التي كانت تتمسك بترشيح سليمان فرنجية المدعوم من حزب الله وحركة أمل.
واعتبر حزب الله أن ما جرى في العاصمة القطرية هو تطويق له ولمرشحه فرنجية، فيما توقّع باسيل أن يصب المسار في النهاية لمصلحة قائد الجيش جوزيف عون، بالتالي فإن الطرفين اجتمعا على «مصيبة واحدة»، مما دفعهما إلى تجديد التفاوض ومحاولة الخروج من الزاوية.
يضع باسيل شرطين واضحين في مقابل التضحية بالانتخابات الرئاسية والتنازل عن اسم الرئيس، الأول تنفيذ اللامركزية الإدارية الموسعة، التي يفترض أن ترفق فيها اللامركزية المالية، والثاني إقرار الصندوق المالي الائتماني، الذي يفترض أن يشكل مؤسسة كبرى تدير كل أملاك الدولة وتعمل على الاستثمار بالعائدات في سبيل إعادة أموال المودعين على المدى البعيد. وقد طرح باسيل مطالبه بوضوح، وتقول مصادر متابعة، إنه سلّم حزب الله دراسة أعدها حول المشروعين، على أن يدرسها الحزب وتتم مناقشتها مع رئيس مجلس النواب نبيه بري وفرنجية.
ولابد من الاعتبار أن التفاوض بين باسيل والحزب قد حقق تقدماً، إذ أعلن الحزب التمسك بفرنجية حتى النهاية، فيما عبر باسيل عن استعداده للتخلي عن الفيتو على فرنجية مقابل تحقيق هذين المطلبين. أي اتفاق مفترض بين الجانبين يصبح بإمكانه إيصال فرنجية للرئاسة، لأن باسيل يملك 16 صوتاً في مجلس النواب يضافون إلى الـ 51 صوتاً التي نالها فرنجية في آخر جلسة انتخابية، مما يعني أنه بإمكان مرشح حزب الله الفوز بالدورة الثانية بأكثر من الـ65 صوتاً اللازمة لانتخابه، كما يمكن لباسيل أن يحل مسألة تأمين النصاب القانوني.
والسؤال الذي يطرح نفسه، هو هل بإمكان حزب الله وباسيل التوصل إلى اتفاق وتنفيذه دون أي دعم خارجي؟ وبحسب ما تشير المعلومات، فإن التفاوض قد يستمر طوال شهر أغسطس، على أن يتم وضع إطار تفاهمي في بداية سبتمبر، وهذا الكلام يتقاطع مع ما قاله رئيس مجلس النواب نبيه بري للمبعوث الفرنسي جان إيف لودريان في لقائهما الأخير، حيث تحدث بري عن التوصل إلى إطار للتسوية الرئاسية بحلول أيلول.
في حال أقدم باسيل على تسوية مع حزب الله، فسيحرج ذلك قوى المعارضة التي تقاطع معها على ترشيح جهاد أزعور، فيما هناك من لا يزال يستبعد الوصول إلى تفاهم حول آليات اعتماد اللامركزية الإدارية الموسعة والصندوق الائتماني بالتالي استحالة تحقيق مطلبَي باسيل لانتخاب فرنجية، مما يعني أن كل المفاوضات قد تكون غايتها تمرير الوقت إلى ما بعد انتهاء ولاية قائد الجيش جوزيف عون، فلا يعود مرشحاً.