ترأس متروبوليت بيروت وتوابعها للروم الأرثوذكس المطران الياس عودة، خدمة القداس في كاتدرائية القديس جاورجيوس في بيروت.
بعد الإنجيل ألقى عظة قال فيها:
“كم يبلغ عدد الموظفين المحسوبين على الزعماء في بلدنا، ومنهم كثيرون لا يعرفون الطريق إلى مركز عملهم، ولا يقومون بأي عمل مقابل ما يتقاضون؟ الفساد المستشري في المؤسسات العامة بحاجة إلى اقتلاع من الجذور، لأنه من غير المقبول أن يتحكم أزلام الزعماء بحياة الناس، فيمتنعون عن تسهيل معاملاتهم من أجل تحصيل رشوة، عوض السهر على المصلحة العامة. وعت الكنيسة منذ نشأتها أن الفاسد في الإيمان وأعمال المحبة مكانه خارجها إلى أن يظهر توبة حقيقية. إلا أن بعض الفاسدين، وهم الهراطقة، تعنتوا وتشبثوا بآرائهم الخاصة وفضلوا جمع أتباع لهم بدلا من أن يرشدوا الناس إلى المسيح، فما كان من آباء المجامع المسكونية المقدسة سوى حرمانهم من الشركة مع الكنيسة الجامعة خوفا من أن يستشري الفساد ويهلك القطيع. لقد قال الرب: «من أعثر هؤلاء الصغار المؤمنين بي، فخير له أن يعلق في عنقه حجر الرحى ويغرق في لجة البحر» (مت 18: 6).”
واضاف: “الكنيسة لا تقتل ولا تعنف لكنها تدل على الخطأ وتؤدب، فحبذا لو يسير المسؤولون على خطاها، ويؤدبوا جميع من يتجرأون على تجاوز القوانين وأذية الشعب. التهاون في المحاسبة أوصل كثيرين إلى الاستشراس، وقد عاينا الأسبوع الماضي ما حصل مع الأطفال في إحدى الحضانات من تعنيف وإيذاء جسدي ونفسي. كذلك من سببوا كارثة المرفأ ما زالوا أحرارا وما زلنا ننتظر العدالة. أليس هذا ثمرة عدم المحاسبة الحقة والعادلة. هل فقد إنسان لبنان إنسانيته وترك لغريزته الحيوانية العنان؟ وإلا كيف يستطيع إنسان سوي تعنيف طفل، أو السخرية من إنسان ذي ضعف، أو إطلاق الإتهمات والإشاعات عن إخوة له بسبب الحسد أو الحقد أو الإنتقام؟ وكيف يستطيع قتل إنسان بدم بارد أو برصاصة طائشة أو بقصد إشعال فتنة؟ وكيف يستطيع كم صوت إنسان يعبر عن رأيه، والحد من حرية صحافيين يبدون رأيهم وقد خلقهم الله أحرارا؟ وكيف يتاجر إنسان بصحة أخيه الإنسان فيهرب الدواء خارج الحدود بغية جني الأرباح، ثم يبيع المريض دواء غير مرخص، وقد يكون غير نافع، فيقضي على المريض عوض شفائه؟ وكيف لا تعاقب السلطات المختصة كل من يهرب الدواء المدعوم من مال اللبنانيين من أجل كسب مادي، وكل من يتاجر بالأدوية المزورة التي تؤذي، وقد تسبب الموت؟ أليس هذا الفلتان وليد عدم المحاسبة؟ كيف تستهين دولة بصحة مواطنيها عوض تأمين العلاج لهم؟ وهذا حق لهم وواجب عليها. هل أصبح الفقير والمريض والمحتاج سلعة رخيصة أو حقل اختبار؟”
وختم: “دعوتنا اليوم ألا ننسى أن الله يرى ويعرف مكنونات القلوب وأن نكون أنوارا تضيء للجميع كما أوصانا الرب في إنجيل اليوم، وأن نكرم آباء كنيستنا، ونكون أبناء صالحين لهم، نسير على خطاهم نحو القداسة، ونهدي الآخرين نحو المحبة الإلهية، ليس قولا، بل فعلا، لكي يرى الجميع أعمالنا الصالحة ويمجدوا أبانا الذي في السموات”.