كتبت غادة حلاوي في “نداء الوطن”:
من المقرر أن يعتمد البرلمان الأوروبي في غضون الأيام القليلة المقبلة وقبل نهاية تموز الجاري قراراً بشأن لبنان مبنياً على خلاصات كان انتهى إليها البرلمان الأوروبي في جلسته التي عقدها حديثاً وخصصت لنقاش الأوضاع في لبنان بحضورمفوض الإتحاد الأوروبي لإدارة الأزمات لينار تشيتش. حسب التقرير النهائي فإنّ كل الخيارات مفتوحة بما فيها خيار فرض عقوبات على المعطلين.
في ملخص عن مسار الجلسة تنشره «نداء الوطن»، يتبين أنّ عدداً من النواب الأوروبيين انتقدوا بشدة القوى السياسية اللبنانية لتعطيلها انتخاب رئيس للجمهورية والفساد المستشري والإصلاحات التي لم تنفذ بعد، وشددوا على ضرورة عودة النازحين السوريين إلى بلادهم ومحاكمة الطبقة السياسية التي دمرت الدولة.
في مداخلته عبّر مفوض الإتحاد الأوروبي «عن خيبة أمل وقلق بالغ إزاء الجمود طويل الأمد على أرض الواقع» لامساً عدم وجود» شعور حقيقي بتسريع الحل بين النخبة الحاكمة اللبنانية. حيث مضى لغاية تاريخه أكثر من عام على الاتفاق على مستوى الموظفين مع صندوق النقد الدولي ولا توجد دلائل على تأييده من قبل القادة السياسيين». ولذا فإن «الدول الأعضاء ستراجع نظام العقوبات الأوروبي الخاص بلبنان في نهاية شهر تموز، وأن جميع الخيارات مطروحة على الطاولة»، مؤكداً أنّ الشرط «لأي دعم مالي كلي محتمل ليس فقط من الإتحاد الأوروبي، ولكن أيضاً من العديد من الشركاء الآخرين هو تحقيق الإصلاحات وبالتالي، أصبحت الانتخابات الرئاسية السريعة وتشكيل الحكومة والانتخابات البلدية تكتسب أهمية أكثر من أي وقت مضى» مشيراً إلى أنّ وضع اللاجئين السوريين في لبنان يشكل مصدر قلق كبير.
المؤتمر الذي أبقى مداولات أعضائه سرية شهد مداخلات لنواب أوروبيين حول لبنان، فتحدث النائب الألماني ديفيد ماك الستر ممثلاً لمجموعة حزب الشعب الأوروبي ورئيس لجنة العلاقات الخارجية عن «أوضاع مقلقة للغاية في لبنان» و»حالة من الانهيار المؤسسي»، مطالباً الاتحاد الأوروبي بالتدخل «لمنع انهيار الدولة والمساعدة على تخفيف معاناة الشعب اللبناني مع التركيز القوي والمطالبة بتحقيق الإصلاحات».
فوضى تامة
وانتقدت النائبة البرتغالية إيزابيل سانتوس عن مجموعة تحالف الإشتراكيين والديمقراطيين (رئيسة وفد مشرق) «الفساد المستشري والنظام السياسي القائم على توزيع السلطة بين الأديان وانهيار النظام المصرفي والإفلات من العقاب» والتي أدت جميعها «إلى الفوضى التامة في لبنان خلال السنوات الأخيرة». وطالبت بمحاسبة «أولئك الذين يدمرون حياة اللبنانيين. نحن نعرف أسماءهم ولدينا وسائل في يدنا، ويجب أن نتصرف، لأنّ البلاد لا يمكن أن تنتظر أكثر من ذلك».
أمّا مقرر ملف لبنان ضمن مجموعة تجديد أوروبا النائب الفرنسي كريستوف غرودلير فدعا الإتحاد الأوروبي لأن «يتصدي بحزم للفساد الذي يعصف بهذا البلد الجميل»ومساعدة «لبنان على الخروج من هذا النظام الفاسد وفتح الأبواب لمساعدة شعبه، اللبنانيون بحاجة إلينا الآن، ومن دون مضيعة للوقت».
وتكلم النائب الفرنسي منير ساطوري عن مجموعة الخضر فأعلن عن زيارة قريبة للبنان «لنحمل رسالة واضحة: يجب على الساسة اللبنانيين أن يضعوا حداً للفساد». في حين أكد النائب البولندي آدم بيلان عن مجموعة المحافظين والتغييريين أنّ «الوضع في لبنان يستدعي اهتمامنا، ويشكل المشهد السياسي في البلاد أيضاً سبباً للقلق، حيث يزيد التدخل الاجنبي وخاصة دعم إيران لـ»حزب الله» من الجمود السياسي وتعميق الأزمة»، داعياً الإتحاد الأوروبي إلى «مساعدة لبنان في البحث عن حلول دائمة لازمة اللجوء كما وتشجيع الإصلاحات الهيكلية».
وأكد النائب الفرنسي تييري ماريائي عن مجموعة الهوية والديمقراطية تعقيباً على مؤتمر بروكسل أنّ «ما يرغب اللبنانيون فيه هو مساعدتهم على إعادة اللاجئين إلى بلادهم». وقال «لنكن واضحين يرفض الاتحاد الأوروبي أن يفكر في ذلك ولأسباب سياسية لا نريد التفاوض مع النظام السوري، ولا نريد الاعتراف به إلا أنه هو من فاز في الحرب، سواء أعجبتكم الحقيقة أو لا. إذاً ماذا سنفعل؟ هل سنجعل لبنان يدفع الثمن لذلك لمدة خمسين عاماً؟ هل سنقول له احتفظ باللاجئين على أراضيك؟… بمقارنة عدد اللاجئين في لبنان مع عدد السكان وبتطبيق هذه النسبة على الواقع الديمغرافي الفرنسي، تخيلوا أنه في فرنسا لدينا ۲۲ مليون لاجي! هذا هو ما يمثله عدد اللاجئين بالنسبة للبنان». وتابع «ما ينتظره اللبنانيون هو مساعدتنا خلال هذه الفترة الصعبة وعلى المدى البعيد أن نسمح أيضاً، ربما لللاجئين بالعودة» ليتقاطع كلامه مع كلام النائبة الاسبانية ماريسا ماسياس عن مجموعة اليسار (مقررة ملف لبنان في البرلمان) التي تعاطفت مع «لبنان الذي يستقبل أكبر عدد من اللاجئين».
وطالبت النائبة الهنغارية كينغا غال (مستقلة) بأن «تقدم المفوضية الأوروبية دعماً مباشراً للكنائس المسيحية وأن تلعب أوروبا دوراً في إدارة الأزمة ومساعدة لبنان محلياً لتجنب التدفق الضخم من الهجرة نحو أوروبا!
فرض عقوبات
وتطرق النائب الإسباني دومينيك رويز ديفيسا من مجموعة تحالف الديمقراطيين والاشتراكيين إلى «حالة بارزة»، وهي «حالة حاكم مصرف لبنان رياض سلامة» سائلاً «هل لدى المفوضية الأوروبية استعداد لطرح موضوع إيقاع العقوبات على حاكم مصرف لبنان بموجب نظام العقوبات الخاص بلبنان الذي اعتمده مجلس الاتحاد الأوروبي؟».
ودعا النائب الروماني داسيان سيوليس من مجموعة تجديد أوروبا لأن «تكون العدالة المستقلة هي الأولوية مع أي رئيس جديد أو حكومة، والتقى النائب الهنغاري جيورجي هو لفيني من مجموعة حزب الشعب الأوروبي مع الدعوات الى محاسبة من «يقف في طريق الإصلاحات الحيوية المطلوبة منذ فترة طويلة» وذهبت النائبة الفرنسية سليمه ينبو من مجموعة تجديد أوروبا أبعد فطالبت بتطبيق نظام العقوبات ولنكشف عن (بالاسم واللقب) هؤلاء المسؤولين السياسيين ورجال الأعمال والمصرفيين الفاسدين المسؤولين». بدوره قال النائب البلجيكي جان كريستوف أوتجن من مجموعة تجديد أوروبا إن «الإصلاحات التي يطالب بها صندوق النقد الدولي لا يمكن تنفيذها، لأنّ في لبنان طبقة سياسية فاسدة تضع مصالحها الشخصية قبل مصالح البلاد، بالإضافة إلى الذراع السياسي لـ»حزب الله» الذي يجعل أي توافق غالباً مستحيلاً». وكان لافتاً من بين المداخلات حديث النائب الإسباني مايك والاس عن مجموعة اليسار عن وجود «اتفاق مبدئي بشأن ترشيح سليمان فرنجية. يبدو أنّ المملكة العربية السعودية وسوريا وغيرهما في المنطقة راضون، حتى في فرنسا أيضاً يبدو أنهم قد يؤيدونه. ومع ذلك، تغمر وسائل الإعلام الغربية بالتقارير حول تدخل «حزب الله». حان الوقت لوقف تدخل الولايات المتحدة والدول العميلة لها والسماح للبنان بالحصول على قسط من الاستقرار والسماح أيضا للاجنين من فلسطين بالعودة إلى وطنهم الحقيقي».
ملاحظات ختامية
وفي الملاحظات الختامية قال التقرير «سيتم استعراض الوضع قبل نهاية تموز ضمن مجلس الاتحاد الأوروبي في ضوء التطورات الأخيرة»، وإنّ جميع الخيارات مطروحة على الطاولة، خاصة في حالة «تفاقم الوضع». وختم المفوض الأوروبي يقول في تقريره «ان الاتحاد الأوروبي سيستمر في متابعة الأزمة في لبنان عن كثب وأن جميع الأدوات المتاحة لدينا ستؤخذ في الاعتبار، لكننا بحاجة إلى قادة لبنانيين يقومون بدورهم على وجه السرعة الآن أكثر من أي وقت مضى، حان الوقت لأن تكون القيادة اللبنانية قادرة على تلبية حاجات شعبها».