كتب رمال جوني في “نداء الوطن”:
عاد ملفّ المياه المكرّرة إلى الواجهة، مع وجود عدد كبير من المعامل غير المطابقة للمواصفات، وتبيع المياه المكرّرة «مش مكرّرة» وملوّثة أيضاً، حسبما جاءت نتائج الفحوص المخبرية لعدد من معامل البيع في صور. معامل غير شرعية تعمل بشكل مخالف، تنتشر بكثافة في القرى، تتاجر بالمياه الملوّثة، وتحقّق أرباحاً خيالية، فيما وزارتا الصحة والصناعة المعنيتان بهذا الملفّ «خارج السمع».
من شرّع هذا القطاع؟ من يضبطه؟ من يحمي الناس من خطره؟ أسئلة ضرورية مع ضبط عيّنات مياه ملوّثة ببراز حيواني وبشري، تهدّد صحة الناس. فاجأ الأمر مراقبي وزارة الاقتصاد، ومعهم رئيسة مصلحة الاقتصاد في الجنوب ميساء حدرج التي لم تصدّق حجم الفلتان في هذا القطاع، وصدمها عدد المعامل المنتشرة التي يصعب إحصاؤها، ما شرّع الفوضى.
«حنفية وخزّان» وصار معمل تكرير يبيع المياه للمواطنين، هذا ما كشفته جولات «الاقتصاد» في منطقة صور، وقد أقفلته بالشمع الأحمر، أسوة بخمسة معامل أخرى أقفلت، إما لوجود بكتيريا أو طحالب وحشيش، وإمّا لوجود مخلّفات بشرية وحيوانية. وأكّدت حدرج أنّ القطاع يجب ضبطه وإلا فصحة الناس في خطر، لأن المياه تباع بشكل واسع، أي مروحة الخطر كبيرة جداً، ما يهدّد سلامة الناس.
فرّخت هذه المحطات كالفطر في القرى، بين 3 و5 معامل في كل بلدة، ومرجّحة للارتفاع أكثر في ظل زيادة الطلب على مياه الشفة، شرّعتها الدولة كما شرّعت مولّدات الكهرباء، غالبيتها غير مرخّصة، وتعمل بشكل مخالف وغير مطابق، فيما شكّل غياب مراقبة وزارتي الصحة والصناعة، فرصة لهؤلاء لإنشاء مزيد من هذه المعامل، التي تعتمد مياه الآبار لبيعها للناس.
ما فاجأ حدرج هو عدد المعامل التي تختلط المياه فيها بالمياه الآسنة، فرفعت الصوت «صحة الناس في خطر». هذه المياه ليست للشرب فحسب، بل تصنع منها مكعّبات الثلج التي تباع للمطاعم والمقاهي وتدخل في إعداد العصير، ما يعني ارتفاع نسبة الخطر في ظل الفلتان المتمادي.
بالمحصّلة، لا محطات مطابقة، بل «عبّي وبيع»، فيما الناس ضحايا في صحتهم، فهل تنجح حملة «الاقتصاد» في ضبط الملفّ؟