خرج اللواء عباس إبراهيم من مديرية الأمن العام بعد انتهاء ولايته ولم تهدأ الأسئلة داخل البيت الشيعي وخارجه حيال مستقبل الرجل وما يخطّط له ومعاينة حركته كلما أدلى بتصريح أو قام بزيارة ومن يستقبل في مكتبه في بيروت ودارته في كوثرية السياد أو قصد أيّ عاصمة من تلك التي كان له فيها صولات وجولات حيث ناقش وبحث في مقارّها الكبرى ودوائر القرار في أكثر من دولة في الشرق والغرب عشرات الملفات الأمنية والسياسية وكانت له بصماته في أكثرها.
آخر محطة لإبراهيم كانت في بلدية الغبيري بدعوة من رئيسها معن الخليل حيث اطلع على مشروع مركز تدريبي وآخر صحّي. واللافت في هذه الإطلالة أنها جاءت من عاصمة “حزب الله” في الضاحية الجنوبية وهو على تواصل مع قيادته وعدد لا بأس به من نوابه وكوادره، في وقت تمر فيه علاقة الرجل مع حركة “أمل” بفتور ومن دون أيّ تلاقٍ بين الطرفين منذ اليوم الأول لمغادرته منصبه، الأمر الذي ينفيه إبراهيم.
وما يريده ويحرص على تثبيته هو عدم غيابه عن المشهد العام في البلد ومن دون ضجيج إعلامي حيث يملك رصيداً شعبياً ومعنوياً داخل البيئة الشيعية وخارجها ولا يحبّذ الابتعاد عن هذه الكتلة التي خبرها وخبرته عن كثب طوال السنوات التي أمضاها في رحلته العسكرية الطويلة في مديرية المخابرات في الجيش والتي توّجها على رأس مديرية الأمن العام التي تبقى محلّ طموح الكثيرين من الضبّاط الشيعة عند حلول لحظة تعيين مديرها العام بعد إجراء انتخابات رئاسة الجمهورية وتأليف الحكومة إذا كُتب للاستحقاقين الأخيرين الولادة في القريب العاجل وسط كل هذه “الألغام” النيابية والفيتوات المزورعة في الطريق الى ساحة النجمة. ولا يزال إبراهيم على يومياته المعهودة ويتابع تطوّرات المشهد في البلد وما يحمله من مفاجآت ومحطات يمكن البناء عليها في المستقبل. وما يعمل عليه هو توجيه رسالة سياسية الى كل من يهمّه الأمر، مفادها أنه موجود في الساحة ولم يغادر الميدانين السياسي والاجتماعي وتلاقيه مع اللبنانيين، في انتظار حلول اللحظة السياسية المؤاتية والمدروسة بعناية التي تؤهّله على صعيد التوزير في الحكومة المقبلة، والنيابة في ما بعد. ويقول لسان حاله في جلساته ولقاءاته الضيّقة إنه لا يعترف بالتقاعد وإنه مجبول بالعمل السياسي ومتابعته الدقيقة كل تطوّرات الإقليم وما يحصل بين دول المنطقة من موقع العارف والمطلع على مجريات ترسيم العلاقات بين سوريا والدول العربية وفي صدارتها السعودية وصولاً الى ما تم بين الرياض وطهران.
وفي اتصال ل”النهار” مع إبراهيم كان الحوار الآتي:
لماذا زرت الغبيري؟
– تلقيت دعوة من رئيس بلديتها للاطلاع على جملة من المشاريع التي نفذتها من صحّية واجتماعية وهي أحد المجالس البلدية الناجحة في لبنان ويستحق مجلسها البلدي كل التقدير. ولا توجد أي رسالة عندي من خلال هذه الزيارة واختياري للغبيري. وأتفقد الأخيرة كما كسروان وكل المناطق بروحية وطنية تعكس مسيرتي وتعاطيّ الإيجابي مع كل اللبنانيين. وهذه هي قواعد المدرسة التي أتبعها في هذا الخصوص لأني تربّيت وعملت على عدم التمييز بين بلدة وأخرى والى أي طائفة انتمى أهلها. أنطلق من المواطنية لا من الطائفية. وعلى روزنامة مواعيدي سلسلة من اللقاءات والزيارات في البقاع الغربي وغيرها من المناطق. ومن 3 حزيران الفائت أستمر في تواصلي مع المواطنين من دون انقطاع وأقوم باستقبالاتي وخدمة أهلي في الداخل والخارج من دون أي تمييز بينهم. ولن أقصّر أينما حللت وتمكنت. وعلى أجندتي جملة من الدعوات التي سأعمل على تلبيتها.
تتواصل مع الخارج وتستثمر علاقاتك مع أكثر من مسؤول أمني وسياسي في تلك الدول؟
– لا أقصّر في هذا الأمر وفي كل ما يصب في مصلحة اللبنانيين. وأقوم باتصالات خارجية بناءً على مراجعات مواطنين من دون أي ضجيج إعلامي. ما يريحني هو خدمة أهلي من كل المواطنين. هذه هي رسالتي وأنا لن أتقاعد.
يُفهم من كلامك أنك أخذت قرارك كما قلت سابقاً بالعمل في السياسة؟
– نعم، هذا ما قلته بعد انتهاء مهماتي في الأمن العام.
تبدو مقلاً في تواصلك مع المرجعيات السياسية والحزبية. وماذا عن علاقتك مع “حزب الله”؟
– العلاقة غير مقطوعة مع قيادة الحزب.
والرئيس نبيه برّي؟
– لا قطيعة مع رئيس المجلس وله منّي كل الاحترام والتقدير. وكنت على تواصل يومي معه طوال سنوات وجودي على رأس مديرية الأمن العام. ولا أقوم بأي زيارات للمرجعيات ولم ألتق منذ انتهاء وظيفتي الرئيس نجيب ميقاتي وسواه من الشخصيات. وبالنسبة للرئيس بري يبقى الصديق والمحبّ والتواصل مفتوح معه. وأنا حريص على كل صداقاتي فكيف إن كانت مع شخصية وطنية وكبيرة في حجم نبيه بري. وأستمر على علاقاتي هذه مع الجميع، ولا سيما رئيس المجلس، مع حرصي الشديد على إبقاء قنوات التواصل مع دولته.
وماذا عن “المحبّين” الذين يعملون على خلق مشكلة بينك وبين رئيس المجلس والتشويش بينكما؟
– لا أسمع بهؤلاء “المحبّين” ولا يعنون لي ورحلة علاقتي مع الرئيس بري لا تحتاج الى أيّ تأويل أو تفسيرات لأنها تقوم على الصدق حيث عملت معه طويلاً في خدمة بلدنا وسأبقى على هذا المنوال.