كتب أكرم حمدان في “نداء الوطن”:
كما كان مقرّراً، تابعت لجنة الإدارة والعدل البرلمانية أمس مناقشة ملف النزوح السوري، واستمعت إلى عرض الوزارات المعنية ولا سيّما من حضر منها، بعدما اعتذر وزير الشؤون الإجتماعية هيكتور الحجار عن الحضور بسبب السفر، فيما شارك كلّ من وزير العدل هنري خوري ووزير شؤون المهجرين عصام شرف الدين، وممثّل عن وزارة الداخلية وضباط من الأمن العام.
وتبيّن أنّه تمّ عرض للمعلومات المتداولة حول الداتا وما قيل عن رفض مفوّضية اللاجئين تسليمها، وغياب خطة رسمية موحّدة تعالج هذا الملف الشائك والمعقّد. وتولّى ممثّل وزارة الداخلية عرض القرارات والتعاميم التي أصدرها وزير الداخلية بسام المولوي بهذا الشأن إلى البلديات والمحافظين والقائمقامين من أجل تنظيم وضع النازحين السوريين. كذلك عرض ممثلو الأمن العام تصنيف الوجود السوري في لبنان وفق ثلاثة أنواع:
الأول وهو من يحمل «إقامة» ويستطيع العمل والدخول والخروج بشكل شرعي، أما النوع الثاني فهو من يحمل بطاقة نازح وهؤلاء الذين تمّ تسجيلهم ما بين عامي 2011 و2015 ، وهناك النوع الثالث الذي دخل ما بعد عام 2015 ولم يتمّ تسجيله بناء على قرار من الحكومة حينها عندما تجاوز العدد المليون ونصف المليون.
كذلك، تمّ السؤال عن المعلومات المتداولة حول شرط المفوضية بأن يُعطى غير المسجلين صفة نازح، ولم يتمّ تأكيد هذه المعلومات، على أن يتولّى الأمن العام متابعتها والتدقيق بها، لا سيّما أنّ بطاقة النازح تمنع حاملها من ممارسة أي عمل داخل الأراضي اللبنانية.
كذلك تبيّن أنّ كلفة التمويل المعلنة على النزوح ما بين 9 و12 مليار دولار منذ العام 2011 حتى اليوم، وبالتالي، طلبت اللجنة تزويد الأمن العام بحقيقة هذه الأرقام وتدقيقها ومن هم المستفيدون منها كنازحين وجمعيات وعددها.
وقد استعرض ممثّلو الأمن العام الأرقام المتوفرة لديهم حول هذا الملف ولا سيّما بين عامي 2011 و2015، وكان لافتاً أنّ أرقام الولادات منذ العام 2011 وحتى العام 2022 بلغت 193 ألف ولادة في صفوف النازحين المسجّلين وهناك نحو 800 ألف ولادة غير مسجّلة. كذلك جرى نقاش حول الإستفادة الإقتصادية من المساعدات التي تلقّاها لبنان بسبب النازحين، وتبيّن أن كلفة النزوح وفقاً للتقارير الدولية هي بحدود 43 مليار دولار، وبالتالي فإذا كانت الأرقام دقيقة بأن ما دُفع هو مبلغ 12 ملياراً يكون لبنان بحاجة بعد إلى 31 ملياراً للتعويض عن خسائره الإقتصادية.
لا شكّ أنّ هذا الملفّ دفع بكل طرف من المشاركين الى تقديم وجهة نظره، لكن الجميع توافق على ضرورة المعالجة السياسية والقانونية الموحّدة لكي يستطيع لبنان التعامل مع هذا الوضع، لا سيّما أنّ الظروف أصبحت مؤاتية مع عودة سوريا إلى موقعها في جامعة الدول العربية.
وفي السياق، تقول عضو اللجنة النائبة غادة أيوب لـ»نداء الوطن» إن «التركيز يجب أن يصبّ على مؤتمر بروكسل الذي سيُعقد في 15 حزيران المقبل لبحث ملف النزوح، وبالتالي يجب أن يكون مجلس النواب على بيّنة من الوفد اللبناني الذي سيُشارك في المؤتمر وما هي الخطة التي يجب أن يتزوّد بها، ونحن بانتظار عودة وزير الشؤون الإجتماعية من السفر وقد تبيّن أنه سيُمثل لبنان هو ووزير الخارجية في هذا المؤتمر، للإطلاع على ما لديه من تقرير يُحدّد سياسة الحكومة تجاه هذا الملف». وشدّدت أيوب على «ضرورة دعم الأجهزة الأمنية ولا سيّما الأمن العام سياسياً لكي يستطيع تنفيذ القرارات التي تصدر عن القضاء بهذا الشأن»، مذكّرة بأنّ خطة الإستجابة للعائلات المحتاجة والتي سبق وأعلنها رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي تتضمّن أرقاماً واضحة عن عدد النازحين السوريين وعدد اللاجئين الفلسطينيين وكذلك عدد اللبنانيين الذين هم بحاجة إلى مساعدة، وبالتالي لا يجوز التذرّع بغياب الأرقام فيقتصر الأمر على طلب المساعدات المالية فقط».
في الخلاصة ، لا بدّ من التذكير بأنّ مذكّرة التفاهم الموقّعة بين الأمن العام اللبناني ومفوّضية اللاجئين منذ العام 2003 وعلى أثر أزمة لجوء عدد من العراقيين بسبب إحتلال العراق حينها، تتحدّث بشكل واضح في مقدمتها عن أن لبنان لا يحتمل أن يكون بلداً للتوطين وتنصّ حرفياً على أنّ «لبنان بلد غير مهيّأ ليكون بلد لجوء بالنظر لاعتبارات إجتماعية واقتصادية وديموغرافية… والحلّ في إعادة توطين اللاجئين المعترف بهم من قبل مكتب المفوضية في بلد آخر… وعبارة «طالب لجوء» تعني طالب لجوء إلى بلد آخر غير لبنان».