كتبت منال زعيتر في “اللواء”:
لا تبدي أي جهة دولية أو عربية باستثناء الفرنسيين استعدادها للدخول علنًا في التسوية الرئاسية تجنّبًا لدفع أثمان مادية أو سياسية للترويكا المسيحية “القوات – التيار الحر – الكتائب”… في هذا الصدد كان لافتًا كلام مسؤول دبلوماسي رفيع المستوى «نحن لا نريد أن يبتزنا أي طرف لبناني بأنه ساعدنا على إتمام التسوية الرئاسية”، وتابع “ان ثمن اتفاقنا على رئيس تيار المردة سليمان فرنجية ومضمون التسوية الفرنسية نتفق عليه مع الجهات الداخلية والدولية المعنية، لذلك لسنا مضطرين أن يبيعنا أي فريق داخلي موقفا حول تامين النصاب في المجلس النيابي لإجراء الانتخابات الرئاسية بمعزل عن هوية الفائز، لندفع في المقابل ثمنه سياسيًا وماليًا طوال السنوات الست المقبلة”.
وفقا لمصادر رفيعة المستوى في ٨ آذار، فان الفرنسيين والأميركيين والسعوديين أبلغوا الأفرقاء المسيحيين والجهات المعارضة للنزول إلى مجلس النواب وانتخاب رئيس للجمهورية، بأنّهم لن يتدخلوا أبدًا في هذا الملف وهو متروك للبنانيين لحلّه وفق ما يرونه مناسبًا. نائب رئيس مجلس النواب إلياس بو صعب بدأ جولته انطلاقًا من القرار الثلاثي “الأميركي – السعودي – الفرنسي” المشترك بترك المسيحيين إلى مصيرهم وتمرير التسوية بدونهم في حال استمروا على تعنّتهم، وهو ما ألمح إليه سابقًا نائب الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم ورئيس مجلس النواب نبيه بري.
هنا، كشفت المصادر للمرة الأولى بأنّ هناك إجماعًا دوليًا مستجدًّا على أنّ البديل لفرنجية هو الفراغ بعد اقتناعهم باستحالة إقناع “حزب الله” وبري بالنقاش في خيارات وأسماء بديلة، ولكن في معرض استدراك هذا الموقف الذي يصفه المعارضون لفرنجية بالمستفز، اعتبرت المصادر أن على المسيحيين تبييض صفحتهم والعودة إلى رشدهم السياسي والركون الى اللعبة الديمقراطية عبر الاتفاق على مرشح موحّد لمواجهة فرنجية والنزول الى المجلس النيابي، وليفز حينها من يحصل على النسبة الأعلى من الأصوات.
المفارقة اليوم، إعلان المصادر أنّ الضجيج الداخلي حول فشل التسوية أو تراجع حظوظ فرنجية لا صحة له على الإطلاق… “حزب الله” مثلًا يعمل بصمت وهدوء لإيصال فرنجية إلى الرئاسة بعيداً عن البروباغندا الإعلامية، كاشفة عن وصول هذا الملف إلى مستوى متقدم جداً، بدليل اللقاء المهم الذي جرى خلال الأعياد بين الحزب ووفد عربي مرموق، وهذا الكلام دومًا على ذمة المصادر.
وفيما جزمت المصادر أنّ التفاهمات والاتصالات حول الملف الرئاسي بين قوى لبنانية أساسية وجهات عربية ودولية باتت في الشوط الأخير، كشفت ان حركة بو صعب تأتي بدعم عربي ودولي في سياق ترتيب الأجواء لنزول كل المعارضين لانتخاب فرنجية عن الشجرة، ولا سيما أنّ كل الجهات الراعية لهؤلاء أوصلت رسالة واضحة بعدم استعدادها لتقديم أي مقابل مادي أو سياسي مقابل موافقتهم على تأمين عناصر إنجاح التسوية داخليًا، مكتفية بإرسال إشارات إيجابية حول عدم ممانعتها انتخاب فرنجية تاركة كرة النار الرئاسية في ملعبهم و”اللبيب من الإشارة يفهم”.