فرضت الولايات المتحدة، أمس، عقوبات على الشقيقين تيدي وريمون رحمة وكيانات يملكانها، على خلفية «استفادتهما من الفساد العام». واتهمت وزارة الخزانة الأميركية الأخوين رحمة باستخدام «ثرواتهما وقوتهما ونفوذهما للانخراط في ممارسات فاسدة تسهم في انهيار حكم القانون في لبنان»، لافتة إلى أنهما «استخدما إمبراطوريتهما التجارية وعلاقاتهما السياسية لإثراء نفسيهما على حساب الشعب اللبناني».
وبحسب البيان الأميركي فإن «الشركات العائدة لهما فازت بالعديد من العقود الحكومية من خلال عملية مناقصة عامة يسودها الغموض، وأنه في عام 2017 حصل الشقيقان على عقد لاستيراد الوقود لاستخدامه من قبل مؤسسة كهرباء لبنان، ولاستيراد الوقود نيابة عن وزارة الطاقة في عملية مناقصة تم الإبلاغ عنها على نطاق واسع، وأثناء التعاقد، استورد الأخوان رحمة وقوداً ملوثاً، مما ألحق أضراراً كبيرة بمحطات توليد الكهرباء اللبنانية».
وتطاول العقوبات بحسب البيان شركة «زد آر إنرجي دي أم سي سي» ومقرها في الإمارات، ومجموعة «زد آر غروب هولدينغ» و«زد آر لوجيستيكس» ومقرهما في لبنان، وهي شركات مملوكة لهما. وقال البيان الأميركي إن الأخوين رحمة يملكان شركة باسم (ZR Energy DMCC) تتخذ من الإمارات العربية المتحدة مقراً لها، وقاما «بتسليم منتج الوقود من خلال مزجه مع أنواع الوقود الأخرى، ما أدى إلى تضرر البنى التحتية حيث تعطلت محطات الطاقة في جميع أنحاء البلاد وزاد الانقطاع اليومي للكهرباء».
وكتبت” الاخبار”: في التوقيت، لا يمكن التغاضي عن تزامن العقوبات مع محاولة الفرنسيين إظهار أنفسهم بأنهم حصان عربة التسوية الرئاسية وبأنهم في شبه توافق مع الدول الأخرى المعنية بالملف اللبناني، سواء مع السعودية أو الولايات المتحدة، الأمر الذي يُمكن تفسيره على أنه جواب أميركي بالرفض على الحراك الفرنسي لتسويق المقايضة التي تسعى إليها باريس في الملف الرئاسي، وهو ما يذكر بالعقوبات التي فرضها الأميركيون سابقاً على الوزيرين السابقين علي حسن خليل ويوسف فنيانوس في أعقاب المبادرة الفرنسية التي أتت بعدَ انفجار المرفأ في آب 2020
وبحسب ” الاخبار” فقد جاءت الخطوة في سياق ما أعلنت عنه الإدارة الأميركية سابقاً، وهددت به السفيرة الأميركية في بيروت دوروثي شيا أكثر من مرة، باعتبار العقوبات واحدة من الأفكار التي طُرحت خلال الاجتماع الخماسي في باريس. لكن يبقى للعقوبات التي فُرضت على الأخوين رحمة وقعها ورمزيتها في استهداف أكثر من طرف سياسي، وهي رسالة متعددة الأبعاد، أولاً على الساحة المسيحية حيث يرتبط الأخوان رحمة بعلاقات قوية مع رئيس تيار ««المردة» سليمان فرنجية، وكذلك مع النائبة ستريدا جعجع، كما أن علاقة تجمعهما برئيس مجلس النواب نبيه بري. واستهداف مقربين من هؤلاء، يعني إيصال رسالة ضغط، لا شك متصلة بالملف الرئاسي.
وكتبت” النهار”: دخل على خط الاجتهادات الرئاسية التطور المتصل بإعلان وزارة الخزانة الأميركية فرض عقوبات على الاخوين ريمون زينة رحمة وتيدي زينة رحمة في ملفات فساد الفيول والكهرباء المعروفين بانهما وثيقي الصلة برئيس “تيار المردة” سليمان فرنجية. وذهبت الأوساط الداخلية في معظمها الى عدم عزل، بل وربط توقيت هذا الاجراء بتطورات ترشيح فرنجية بما يشكل إيحاءات سلبية أميركية محتملة حيال فرنجية الذي سبق له قبل سنتين ان اعلن بوضوح وثوق صداقته وعلاقته بالاخوين رحمة وعائلتهما بإزاء نزاع قضائي في ملف فيول فاسد استهدفهما آنذاك وانفجر معه خلاف حاد بين فرنجية و”التيار الوطني الحر”. ويشار الى ان سابقة فرض عقوبات أميركية على النائب جبران باسيل وسواه كانت تبرر اميركيا بانها ترتبط مباشرة بملفات فساد وليس بخلفيات سياسية للذين فرضت عليهم العقوبات.
وكتبت” نداء الوطن”: قرأ مصدر دبلوماسي في هذه العقوبات بأنها “رسالة اميركية حاسمة بعدم الموافقة على وصول فرنجية الى سدة الرئاسة، بعكس كل ما حاول فريق الممانعة ترويجه لجهة القول إن واشنطن لا تتوقف عند الاسم وأي رئيس ينتخب تتعامل معه”.
وكتبت” الديار”: في ختام لقائه مع الجانب الفرنسي، فقد افيد وفق مصادر خاصة لـ « الديار» بأنّ فرنجية تلقى نصيحة بضرورة الانفتاح على احد الخصمين المسيحيين، والتقارب منه للوصول الى بعبدا، فإما «التيار الوطني الحر» وإما «القوات اللبنانية»، وفتح نقاشات وتبادل الآراء والطروحات، كي يحظى بالاصوات التي يحتاج اليها للوصول الى بعبدا.
وأشارت أوساط سياسية لـ «البناء» إلى أن «رئيس تيار المردة سليمان فرنجية هو الأوفر حظاً في لائحة المرشحين، إلا أنه يواجه تعقيدات داخلية وخارجية لا سيما العقدة السعودية والعقدة المسيحية، لكن الفرنسيين مصرّين على إنهاء الفراغ الرئاسي ولا يجدون مرشحاً يملك دعم وتأييد عدد من الكتل النيابية من ضمنهما كتلتا الثنائي حركة أمل وحزب الله سوى فرنجية في ظلّ عجز قوى المعارضة عن الاتفاق على مرشح موحد».ووفق معلومات «البناء» فقد أبلغت باريس فرنجية بوجود التزامات سعودية يجب معالجتها لتسهيل وصوله الى بعبدا، مشيرة الى أنه «إذا تمكّن فرنجية من تذليل هذه العقد سيتمكن من الوصول الى كرسي بعبدا، لا سيما أنه في حال حظي بدعم السعودية قد تتأثر بعض القوى السياسية المسيحية وتنزل الى المجلس النيابي لتأمين النصاب فيما تتكفل كتلتا جنبلاط والاعتدال الوطني بتأمين أكثرية الـ 65 صوتاً».ولفتت الأوساط السياسية إلى أنه إضافة إلى الشروط أو الضمانات التي تطلبها السعودية، فإنّ الفرنسيين يضعون على جدول أولويات أيّ رئيس الإصلاحات الاقتصادية والمالية لفتح باب المساعدات الدولية أكان الجهات المانحة أو صندوق النقد الدولي». وشدّدت الأوساط على أنه «لن يكون هناك انتخاب رئيس من دون الدعم والتغطية السعودية، وفي الوقت نفسه لا رئيس من دون موافقة حزب الله، وهذا التوازن السلبي سيأخذ البلد على فراغ طويل قد يمتدّ لسنوات أو سيؤدي الى تسوية قريبة، لأنّ الوضع الاقتصادي والمالي لم يعد يحتمل»، مرجّحة خيار التسوية بظلّ الإنفراجات والمصالحات الاقليمية والمتغيرات على الساحة الدولية».وعلمت «البناء» أنّ خط التواصل الفرنسي ـ الإيراني مفتوح والحوار الفرنسي مع حزب الله على كافة المستويات لم ينقطع لتذليل العقبات أمام انجاز التسوية الرئاسية.