جاء في “الشرق الأوسط”:
أبدى نائب رئيس البرلمان اللبناني إلياس بوصعب استياءه البالغ من «التداعيات التي نجمت عن قرار تأجيل التوقيت الصيفي (غير المدروس) لرئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي». وقال بوصعب: «الرئيس ميقاتي يتحمل مسؤولية القرار بشكل أساسي، فرئيس المجلس النيابي (نبيه بري) له حق أن يطلب من رئيس الحكومة ما يشاء، وهذا لا يعني أني أوافقه الرأي بالطريقة التي تمت أو بمضمون الطلب كما يحق لغيره أن يطلب أمراً معاكساً».
وانتقد بوصعب في تصريح لـ«الشرق الأوسط» بشدة «الإثارة الطائفية التي صاحبت القرار والتي أتت من أكثر من جهة وأدت إلى ما أدت إليه من مخاطر جمة على لبنان». ورداً على سؤال حول كلام رئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل بالأمس، أجاب بوصعب بأنه «يحق لباسيل أيضاً أن يعترض على قرار ميقاتي لكني أرى أن باسيل أخطأ باستعمال بعض المفردات خلال انتقاده للقرار، لأنه لا يجوز أن نرد على قرار إداري خاطئ بخطاب أثار الغرائز الطائفية، ولو أنني أعلم أن باسيل لم يكن يقصد ذلك».
وأعلن بوصعب رفضه المشاركة في الاجتماع المسيحي الذي دعا إليه البطريرك الماروني بشارة الراعي «لأن لبنان بحاجة للقاءات وطنية جامعة ولأننا بحاجة أن نجتمع معاً كنواب مسيحيين ومسلمين للخروج من هذه الأزمة وانتخاب رئيس للجمهورية».
من جهته، اعتبر وزير الشؤون الاجتماعية في حكومة تصريف الأعمال هكتور حجار (المحسوب على التيار الوطني الحر) «أن النقاش القائم حول موضوع التوقيت الصيفي ما هو إلا لإلهاء الرأي العام عن أمور أساسيّة وافتعال انقسامات نحن بغنى عنها وليس فيها أي منفعة للصائمين وغير الصائمين». وكتب عبر حسابه على «تويتر» قائلاً: «أصبح لبنان ينتج يومياً أعداداً كبيرة من الفقراء الجدد الذين يعيشون في بلدٍ لا حماية اجتماعيّة فيه لكل شرائح المجتمع. فنحن أمام تحديات خطيرة غفل المعنيون عنها، وأهمّها رواتب موظّفي القطاع العام وتقرير صندوق النقد الدولي الأخير».
وكذلك عبّر «لقاء سيدة الجبل» عن رفضه للقرار الحكومي بتمديد التوقيت الشتوي، لكنه انتقد في الوقت عينه ردة الفعل الطائفية عليه. وتوقف في بيان له إثر الاجتماع الدوري عند ما قال إنها ثلاثة أنواع من الاعتراض. وقال: «الأول مبدئي رفضاً للطريقة الارتجالية في إدارة الدولة من خارج المنطق الدستوري والوطني والحسّ السليم، وهو ما أظهره بالصوت والصورة اجتماع رئيسي الحكومة والبرلمان نجيب ميقاتي ونبيه بري».
والثاني اعتراض «عملي» «متعلّق بارتباط دورات العمل المحلية بالمواقيت العربية والدولية، وبالأخص محطات التلفزة والمطار، لا سيما أنّ القرار صدر قبل 48 ساعة من الموعد المحدد ما خلق اختلالاً في هذه المصالح».
أما الاعتراض الثالث الذي تحدث عنه اللقاء، «فمثّلته قيادات سياسية ودينية مأزومة ركبت موجة الانقسام الطائفي حول القرار وصبّت الزيت على النار واستغلت الأمر لشدّ عصب جمهورها»، مضيفاً: «إنّ لقاء سيدة الجبل يدين بشدّة التحريض الطائفي الحاصل، ويؤكد أن ما جرى ليس خلافاً على تقديم الساعة من عدمه، بل يدلّ على عجز القيادات السياسية عن تقديم حلول للأزمات السياسية والاقتصادية الكبرى التي يتخبط بها لبنان وبالأخص أزمة رئاسة الجمهورية، ولذلك فهي تستغلّ أي حادثة من هذا النوع للهروب إلى الأمام والتنصّل من مسؤولياتها عن الأزمة».
من هنا اعتبر أنه «أمام هذا الوضع الداخلي المتفجّر والخطير وأمام تتالي التطوّرات السياسية والعسكرية في المنطقة ما يجعلها تنام على شيء وتفيق على شيء آخر، فإنّ المطلوب أن يتمسكّ اللبنانيون بالدستور وقرارات الشرعية الدولية والعربية وأن يتوحدوا بجميع طوائفهم وفئاتهم حول مطلب وحيد هو رفع الاحتلال الإيراني عن لبنان». وشدد: «إمّا يكون الزمن اللبناني جزءاً من الزمن العربي والدولي، وإمّا يكون جزءاً من الزمن الإيراني الذي تدور عقارب ساعته بخلاف ساعة العالم».
ووجه المفتي الجعفري الممتاز الشيخ أحمد قبلان نداء إلى «البطريرك الماروني بشارة الراعي والإخوة المسيحيين»، مؤكداً فيه أن القضية أكبر من ساعتين ووقتين وشغور مركز رئاسي. وقال: «ليس من مصلحة المسيحيين والمسلمين منع التسوية الرئاسية وهدم مشروع الدولة ونحر الشراكة الوطنية ومقاطعة مجلس النواب وتعطيل مجلس الوزراء والتعامل مع انتخاب رئيس الجمهورية بنزعة (غالب ومغلوب)، فيما الخطورة بالغة ولبنان على جمر، والفتنة تتجوَل، وفتيل المذبحة الوطنية يتغذَى بالنار الطائفية والخرائط الدولية». وتوجه إلى الراعي والمسيحيين قائلاً: «يا غبطة البطريرك وأيها الإخوة المسيحيون، لبنان ينتظركم، وإخراج البلد من كارثة التعطيل السياسي وسرطان القطيعة ينتظركم، والتسوية الرئاسية المقبولة وطنياً تنتظركم، والقطيعة قطع للبنان، والتقسيم تفجير، والطائفية تدمير، والرؤوس الحامية أسوأ خطر على لبنان وشراكته الوطنية».
وأكد أن «لبنان يقوم بوحدته الإسلامية المسيحية وشراكته الوطنية وإلا اشتعلت نار المذابح»، مشدداً على أنه «لا ينجينا من هذه الفتنة الصماء العمياء إلا تسوية رئاسية وطنية وتضامن وطني واسع بحجم إنقاذ لبنان».