جاء في “نداء الوطن”:
رغم “اجتهاداته القانونية” والتلطي خلف عباءة التنسيق مع رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، لم ينجح وزير الأشغال العامة والنقل في حكومة تصريف الأعمال علي حمية في إقناع الرأي العام والجهات الرقابية بما قام به لتلزيم توسعة المطار، من دون المرور بهيئة الشراء العام.
وفي حمأة الشكوك المتعاظمة على عدة مستويات، أرسل ديوان المحاسبة مذكّرة إلى حمية طلب فيها معلومات بشأن حقيقة تلزيم تشييد مبنى في المطار من دون اتباع الإجراءات القانونيّة ذات الصلة. وأعلن رئيس هيئة الشراء العام جان العلية أنّ “ملف المطار سيكون في بداية الأسبوع المقبل بين أيدي الجهات الرقابية المعنية المختصة قانوناً لإبداء الرأي القانوني فيه”. وفي السياق نفسه قال عليّة إنه “طلب من وزير الأشغال العامة والنقل مستندات لتبيان الحقائق، ومعرفة ما إذا كان ثمة أي نص قانوني استندت إليه اتفاقية تلزيم مبنى مسافرين 2 في مطار رفيق الحريري الدولي”.
وكان حمية برر ما قام به انه استناداً الى أحكام قانون رسوم المطارات الصادر في العام 1947 وتعديلاته بشأن إشغال الأراضي المكشوفة من شركات النقل الجوي وإقامة إنشاءات ومبانٍ على نفقتها الخاصة. وأشار إلى أن المادة 25 من قانون رسوم المطارات تاريخ 19 آذار 1947 ميّزت بين ثلاث فئات من المساحات في مطار بيروت على الشكل التالي:
الأولى: المكاتب (في مبنى المطار أو قاعة المسافرين أو خارج المبنى) والحظائر والمستودعات التي تؤجر من شركات النقل الجوي أو وكلائها لأعمالها الخاصة.
الثانية: الأراضي التي تشغلها شركات النقل الجوي وشركات بيع الوقود لأعمالها الخاصة.
الثالثة: سائر المباني والأراضي التي تشغل لغايات أخرى، وهي تؤجر بالمزاد العلني وفقاً لأحكام القرار 275 تاريخ 25-5-1926.
غير أنّ مصادر متابعة أكدت أنّ المطالعة التي قدمها حمية وعودته الى قانون عمره 76 عاماً تثبتان أنّ “في الأمر ما يثير الريبة، حيث كان بإمكان الوزير اعتماد طرح العرض عبر هيئة الشراء العام، بكل بساطة و درءًا لأي شبهة. اما نفضه الغبار عن قانون منذ القرن الماضي فيطرح أسئلة كثيرة مشروعة”.
وأضافت: “إذا سلمنا جدلاً أن هناك قانوناً قديماً صالحاً لتلزيم عقود منشآت في المطار، فهذا يصلح لمكاتب وخدمات مساندة، ولا يصلح لإقامة مطار جديد يتسع لـ 3.5 ملايين مسافر. فما اقدم عليه حمية مختلف تماماً عما قامت به حكومة الرئيس الراحل رفيق الحريري في التسعينات لتحديث المطار وتوسعته”. وما يثير الشكوك أكثر، وفق المصادر عينها، أنّ “إعلان التلزيم ظهر فجأة ومن دون اعلان مسبق يوضح على الملأ كيف ستتم توسعة المطار، ووفقاً لأي آليات وقوانين مرعية الأجراء. لذا بدا الأمر كأنه تهريبة”.
وكشفت مصادر أخرى لـ”نداء الوطن” أنّ أحد الوسطاء بين الشركات، ويدعى علي مهنا “هو من يقف خلف الإتيان بالشركة التي ستتولى الأشغال في المبنى الجديد. وهو نفسه الذي حاول سابقاً الفوز بالتزام السوق الحرّة”. ويتردد أنّه كان الوسيط لإحدى الشركات التي شاركت مرة في مزايدة السوق الحرة، وقد “تمّ رفضها لعدم تطابقها مع الشروط المفروضة”، وأنّه “يعمل بمثابة سمسار يتواصل مع الشركات العاملة في هذا الشأن لتأمين العقود لا أكثر”.
إلى ذلك، أكدت مصادر مهنية أنّ “في العقد مخالفة صريحة لكونه عقد استثمار وليس عقد ايجار. لأن القانون الذي استند اليه الوزير حمية يحكم علاقة الايجار بين المطار والشركات العاملة لتحديد الرسوم لا للاستثمار فيه. كما ان الشركة الفائزة بالعقد هي شركة صغيرة تعمل في المطار ولا تتمتع بالكفاءة التي تتيح لها القيام بأعمال التوسعة”.
وفي المقابل، يبدي حمية إصراراً على ما قام به، مؤكداً الشبه مع عقود سابقة من أيام وزراء أشغال سابقين (نجيب ميقاتي وغازي العريضي وميشال نجار..) و انه سيكرر ما قام به بعقد مماثل لتجمع شركات البريد (ارامكس، فيدكس، يو بي اس ونت غلوبل)، وسيتم وضع حجر الأساس خلال الأسابيع المقبلة.