كتبت غادة حلاوي في “نداء الوطن”:
سرّع الإتفاق السعودي – الإيراني التقارب السعودي – السوري المتمثّل بإعادة تجهيز السفارة السعودية في دمشق ووصول القائم بالأعمال تمهيداً لاستئناف العمل فيها. في اليمن قطع الحل شوطاً بعيداً، أمّا في لبنان فالرهان هنا على أشهر عجاف يليها الحلّ المرجوّ، ولو ان الوقائع التي ينقلها الديبلوماسيون مختلفة تماماً. من تقاريرهم يتضح أنّ هذا البلد غير مدرج على جدول الحلول بعد وأنّ الإتفاق الذي تمّ وإن كانت له انعكاسات إيجابية على لبنان لاحقاً، لكن يجب ألا يسقط من الحسبان دور دول أخرى لها اليد الطولى في انتخابات الرئاسة وما سيليها.
أولى المعالجات وأهمّها في الوقت الراهن وبعد الإتفاق الإيراني- السعودي هي للوضع في سوريا وإعادتها إلى الحضن العربي. أدرج ملف سوريا في صلب زيارة رئيس مجلس العلاقات الخارجية الاستراتيجية الإيراني كمال خرازي المسؤول عن مكتب أساس تابع للمرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية الإيرانية ويعنى بالشؤون الإستراتيجية. إحتلّ هذا الملف أولوية جدول أعمالها المتعلق بالتطوّرات الجديدة، المرتبطة بها، والتي تنطلق من تطوّرين: يرتبط الأول بالتطبيع العربي مع سوريا بشكل عام ومع السعودية على وجه التحديد وما شهده من تطوّرات أساسية تتعلق بالإنفتاح المستجد بين البلدين وشبه استئناف للعلاقات الثنائية وإن لم يظهر إلى العلن بعد.
أمّا الثاني فيتّصل بالتطبيع السوري – التركي في ضوء اللقاء الرباعي المرتقب والذي تشارك فيه كل من سوريا وتركيا وروسيا وإيران. تتحدّث مصادر ديبلوماسية بارزة عن وجود مستجدّات على مستوى العلاقة السورية – التركية جعلت الرئيس السوري بشار الأسد يضع شروطاً مسبقة على اجتماعه مع الرئيس التركي رجب طيب اردوغان. إيران معنية بكلا الملفين ولها دور في صياغة الحلول وإنجاح هذين التطوّرين والمساعدة في إعادة سوريا إلى تموضعها ضمن محيطها العربي من جهة ولعب دورها في المنطقة، وهي عودة ستفيد إيران التي تخوض نقاشاً كبيراً وواسعاً على مستوى إعادة صياغة العلاقات مع سوريا وهو موضوع بالغ الحساسية للبلدين معاً.
تهتم إيران بصياغة العلاقات مع سوريا عموماً وترفض دخول طرف ثالث على خطها وهو ما تعلنه المصادر الديبلوماسية التي تؤكد أنّ إيران وسوريا معنيتان بصياغة العلاقة بينهما بشكلها الوثيق خاصة مع تغيّر الوضع في سوريا، وتقول إنّ المرحلة تتطلّب ترتيبات أخرى للعلاقة بين البلدين وهو ما يصبّ في صلب التشاور القائم في الوقت الراهن.
لكأنما تعيد إيران ترتيب أوراقها في المنطقة منطلقة من اتفاقها مع السعودية والذي يتمّ التعاطي معه على أنه إتفاق مصيري يعيد رسم خارطة المنطقة من جديد ومن شأنه أن يهدّئ ملفّاتها الساخنة وينعكس عليها بالإيجاب. وهو ما شدّد عليه المسؤول الإيراني الذي أراد بمجيئه إلى سوريا ولبنان أن يشير الى اهتمام المرشد الأعلى مباشرة بهذه الملفات التي ستكون محور متابعة متواصلة، حيث تقول المعلومات إن إيران في صدد إرسال موفدين عنها بين فترة وأخرى في محاولة لتثبيت حضورها في المنطقة ككل وأنها جزء لا يتجزّأ في متابعة قضاياها وملفّاتها.
من خلال زيارة خرازي أو من خلال قنوات أخرى، باشرت إيران شرح تفاصيل تطوّر الإتفاق الإيراني على المنطقة ككل وقد قالها خرازي للمسؤولين في لبنان صراحة «الإتفاق يسير بشكل إيجابي وهو أساسي ومهم ويساعد ويدفع المنطقة نحو مزيد من الإستقرار». وحين وصل حديثه إلى الشق اللبناني المتعلّق بالرئاسة قال إن لبنان معني بفصل الملفات وأنه من الضروري عدم ربط الأزمات اللبنانية بالخارج لأنّ جزءاً من مفاصلها مردّه إلى عقد داخلية يمكن حلها من خلال توافق داخلي. كان كلامه واضحاً بأنّ حل موضوع الرئاسة لا يقتصر على دور إيران والسعودية وأنّ هناك دولاً أخرى لها تأثير، قاصداً بذلك إسرائيل التي قد تقدم على أي خطوة عدائية تجاه لبنان، وأميركا التي لها نفوذ في لبنان، ما يثبت أنّ الأزمة اللبنانية ليست فقط مرتبطة بوضعية طرفين فاعلين رغم إتفاقهما.
هو قال صراحة إنّ الإتفاق الإيراني السعودي بالغ الأهمية ويسير بإيجابية ستنعكس على كل المنطقة ولكن الرهان عليه وحده غير مجدٍ، خاصة في ضوء الخشية من دور إسرائيلي مخرّب وأميركي معرقل فضلاً عن دور الأوروبيين ووجودهم، أي أنّ الموضوع أوسع ممّا نتصور.