الأزمة “تُهدي” الأمّ في عيدها: قبلة… ودواء

كتب رمال جوني في “نداء الوطن”:

«عذراً والدتي، ربما لن أتمكّن من شراء هديّة لك في عيدك. لن أستطيع حتى شراء قالب الحلوى الذي تخطّى سعره المليون ونصف الليرة. وحدها القبلة ستكون عربون محبتي لهذا العام». لعلّ كلمات الشابّة يمار تروي حجم الكارثة التي حلّت بالمجتمع. فالغلاء وانهيار العملة، وجنون الدولار، حالت دون الإحتفال بعيد الأمّ.

بقبلة ووردة فقط سيكتفي الكثيرون بالإحتفاء بأمّهاتهم، حتى الورد بات لمن استطاع إليه سبيلاً، أصغر وردة بدولارين. هي المرّة الأولى التي يشهد عيد الأم حالة انهيار اقتصاديّ جهنّمي. في العادة كان العيد بمنزلة «لمّة العيلة». حتّى جمع الشمل سيغيب، بسبب كلفة المواصلات المرتفعة، فصفيحة البنزين تخطّت المليوني ليرة وتتّجه صعوداً.

في محل الورد تتكشّف الأزمة أكثر، حركة الناس متفاوتة بين محلّ وآخر. بعض أصحابها يشهد تراجعاً كبيراً، والبعض يرى أن سوق الورد تشهد ازدهاراً، وبين الإثنين بات الدواء هدية عيد الأم هذه السنة.

لم تتردّد مريم بالقول إنها «ستهدي أمها دواء تحتاجه، فالوردة هذه المرّة لن تنفع». مريم الأم والتي تتمنّى السفر لأولادها في عيدها، تشير إلى أنّ الأزمة غيّرت معالم العيد. والدتها تحتاج إلى دواء كلّ شهر بكلفة 6 ملايين ليرة، لذا قرّرت استبدال باقة الورد بالدواء لأنه يفيدها أكثر. كثيرات مثل مريم يتوجّهن إلى الصيدليات لتوفير أدوية أمهاتهنّ. باتت هذه «العيدية» هي الأنسب في زمن البؤس وفقدان الدواء. فمريم اضطرّت للبحث في أكثر من 28 صيدلية عن دواء والدتها، لتقدّمه هدية لها.

في محلّ الورد الخاص بمريم، تجلس. تنتظر الزبائن الذين اعتادتهم كل عام، لم يأتوا. تراجعت حركة بيع الورد كثيراً. الأزمة أثّرت بشكل لافت على هذا القطاع، فالناس يفضّلون شراء ما تحتاجه الوالدة أكثر من وردة و»بيجاما». في العادة، تنشط سوق الورد عشيّة عيد الأم، فالوردة هي لغة الحب كما يقول يوسف. لم يجد سواها ليقدّمها إلى أمّه. عادة كان يشتري باقة ورد إلى جانب «الهدية». «هذه السنة لم أتمكّن من شراء سوى وردتين بثلاثة دولارات، الأسعار تكوي والظروف لا تسمح».

ستكتفي سُميّة بقبلة ودواء لأمّها. كانت ترغب في مكافأتها بهدية تليق بها أكثر، لم تستطع. والدتها بحاجة إلى دواء السكّري وغيرها من الأدوية، «فضّلت أن أهديها علبة منه لأنها بحاجة له أكثر من الوردة».

الأبناء بمعظمهم يبحثون عن الأساسيات لأمّهاتهم. بعضهم سيكتفي بوردة، وبعضهم بدواء، والبعض الآخر بقبلة وقالب حلوى من إعداد المنزل. ينهمك عصام في تزيين وردة لزبونته. يعتني كثيراً بشكل الهدية كي تليق بالأم. يؤكّد أنّ «سوق الورد متفاوتة هذا العام، لكن حركة البيع في المحلّ لافتة، حتى أنها فاجأته. يعزو السبب إلى أنّ الناس يبحثون عن هدية رخيصة لها رمزيتها ، بدولارٍ فقط.

إذا ستنحصر هدية الأم بوردة ودواء وبعض الأمور الأساسية. هدية، تعكس وجه الأزمة الراهنة التي غيّرت حتى أسلوب العيد في لبنان. إلى كلّ أمهات لبنان… إليكنّ قبلة ووردة.

شاهد أيضاً

وزارة الاقتصاد والتجارة تعلن عن بدء إنجاز معاملات الاستيراد والتصدير إلكترونيًا

أصدرت وزارة الاقتصاد والتجارة، بتوجيهات من الوزير أمين سلام، بيانًا أعلنت فيه عن بدء استقبال …