كتب مايز عبيد في “نداء الوطن”:
«بالنهاية ما رايحة غير عالمواطن الفقير ونحنا من هالمواطنين»، عبارةٌ اختصرت مجمل المشهد في هذا البلد، قالها أحد مزارعي عكّار والذي شارك في اعتصام مع زملاء الأرض والمهنة. ففي الوقت الذي تسمع فيه صرخات المواطنين من ارتفاع أسعار الخضار بشكل هستيري في المحلات وعدم القدرة على شرائها، وباتوا يشترونها بالحبّة، أتت صرخة من نوعٍ آخر ومن جهة أخرى، هي صرخة المزارعين وقد اعتصموا أمس أمام مدخل سوق خضار عكّار للمطالبة بدولرة بيع الخضار في الأسواق، لأنّ أرقام المبيع بالنسبة إليهم ضئيلة ولا تتناسب مع حجم الإرتفاع المفرط للمستلزمات الزراعية.
وفي التفاصيل، نفّذ حشدٌ من مزارعي عكار اعتصاماً أمام مدخل سوق الخضار في منطقة «قبة شمرا» – سهل عكار، بسبب تدنّي أسعار الخضار مقارنةً بسعر صرف الدولار المرتفع. وبحسبهم، فإنّ مشاكلهم تتأتّى من أنّ بيع الخضار في الأسواق لا يزال بالعملة المحلية (الليرة اللبنانية)، في حين أنّ كلّ مشترياتهم وكل اللوازم التي تحتاجها الزراعة من بذور وشتول وأسمدة وأدوية وغيرها تباع بالدولار في السوق الموازية. ولخّص أحد المشاركين في الاعتصام مشاكل المزارعين، وقال لـ نداء الوطن»: «المزارع يشتري كل حاجيات الزراعة على الدولار، حتى الفلاحة والريّ والعمالة كلها تغيّرت وتدولرت، لكّنه ليس بإمكانه بيعها إلّا على الليرة اللبنانية. وطالما أنّ الدولار في حال ارتفاع جنوني باستمرار فلا إمكانية له أن يربح والخسارة ستبقى تلاحقه… هناك مزارعون هجروا الأرض والزراعة ومنهم من باع الأرض للإنتقال إلى عمل آخر ما أمكن، لكن الجلوس في البيت للحدّ من الخسارة أفضل بكثير من خسارة لا تتوقّف». ويعترف المزارعون بـ»أنّ أوضاع أصحاب محلات بيع الخضار أفضل من أوضاعهم بكثير، فهؤلاء يسعّرون خضارهم كما يشاؤون بما يضمن لهم الربح، وهذه ليست حال المزارع المضطر أن يبيع محاصيله لتجار السوق بالسعر الذي يحدّده هؤلاء التجار… لا يعقل أن تبقى أسعار المبيع في أسواق الخضار بهذا التدنّي ولا يمكن لأي مزارع أن يكمل المشوار بهذه الظروف».
وللوزارة المعنية بالقطاع ووزيرها عباس الحاج حسن رسالة مباشرة من المزارعين المعتصمين تطالبه بضرورة اعتماد تسعير الخضار على الدولار ومنح المزارع هذه الميزة، لا سيّما وأنّهم يشترون كل بضاعتهم وكذلك المحروقات وكلّ المستلزمات الزراعية على دولار السوق الموازية. مطلب إضافي أيضاً للوزير بأن يصدر بطاقات إعانة خاصة بالمزارعين تتضمّن مبالغ مالية شهرية تقدّم لكلّ مزارع لدعمه على الصمود في أرضه وفي زراعته، بعدما بدأ هذا القطاع يخسر الكثير من المزارعين الذين هجروا الزراعة لارتفاع تكاليفها وانخفاض مردودها.