كتب أكرم حمدان في “نداء الوطن”:
في 28 شباط الماضي، تمّ تطيير نصاب جلسة اللجان النيابية المشتركة، بالتكافل والتضامن بين الكتل النيابية المسيحية الكبرى، وتحديداً بين «القوات» و»التيار الوطني الحر» ومعهما «الكتائب» وبعض النواب المسيحيين المستقلّين كالنائب ميشال معوّض.
وكان سبب تعطيل الجلسة مرسوم حكومة تصريف الأعمال حول الفيول العراقي، وهذا المرسوم هو نفسه لا يزال على جدول أعمال جلسة اللجان المشتركة التي حدّد موعدها رئيس مجلس النواب نبيه برّي، يوم الأربعاء المقبل. وبالتالي من البديهي طرح السؤال: هل سيتكرّر مشهد 28 شباط الماضي في جلسة اللجان؟ أم أنّ هناك متغيّرات قد تجعل الجلسة هادئة وتمرّ بسلام؟
في الوقائع والمعطيات، لم يتغيّر جدول أعمال الجلسة إلّا في إضافة بند يُشكّل حساسية وأهمية كبيرة لـ»التيار الوطني الحر» وهو الإقتراح المتعلّق باسترداد الأموال المحوّلة إلى الخارج بعد 17 تشرين 2019.
يتضمّن جدول أعمال اللجان في بنده الأول متابعة درس مشروع القانون الرامي إلى تعديل بعض أحكام قانون الضمان الإجتماعي وإنشاء نظام التقاعد والحماية الإجتماعية، وهذا المشروع الذي أخذ سنوات من البحث والدراسة، يُعتبر من المشاريع المهمّة والضرورية لأنه ينتقل من نظام التعويض إلى التقاعد لكلّ من يستفيد من الضمان.
أما المشروع الثاني، فهو الرامي إلى تجديد إتفاق بيع مادة زيت الوقود بين حكومة جمهورية العراق وحكومة الجمهورية اللبنانية، وهذا المشروع الذي يُعتبر مهماً من أجل الإستمرار في تأمين الكهرباء، هو الذي تسبّب بتعطيل جلسة اللجان السابقة على خلفية الإعتراض على طريقة إحالته من قبل حكومة تصريف الأعمال.
والبند الثالث على جدول اللجان هو المرسوم الرامي إلى إعادة القانون المتعلّق بإلزام شركات الضمان العاملة في لبنان على تسديد جزء من الأموال الناتجة عن كافة عقود الضمان كأموال جديدة، (fresh money).
أما البندان الرابع والخامس على الجدول فهما يرميان إلى إحداث محميّة أنفة البحرية الطبيعية ومحمية جبيل البحرية الطبيعية. والبند السادس الذي ربما يُشكل الإحراج لـ»التيار الوطني الحر» فهو إقتراح القانون الرامي إلى استرداد الأموال النقدية والمحافظ المالية المحوّلة إلى الخارج بعد تاريخ 17/10/2019.
وعلى الرغم من أن «النكد السياسي»، وفق توصيف بعض النواب، هو الذي أدّى إلى تعطيل جلسة اللجان السابقة، فإنّ المواقف لا تزال غير واضحة لجهة كيفية التعامل مع جلسة الأربعاء، ولا سيّما أنّ جدول الأعمال يتضمّن مشاريع واقتراحات، لا يوجد حولها إشكاليات، لا بالشكل ولا حتى بالمضمون، كما يقول نوّاب غير معارضين.
وكان سبق لنائب رئيس مجلس النواب الياس بو صعب، أن بذل محاولات من أجل سحب فتيل التشنّج ومتابعة الجلسة السابقة، إلّا أنّ ما وصفه بعض النواب بالمزايدات، قد عطّل إمكانية إستمرار الجلسة.
وكانت المبرّرات التي دفعت المنسحبين، تستند إلى الممارسات الدستورية في ظلّ الشغور الرئاسي والإختلاف في التفسيرات والإجتهادات لدور حكومة تصريف الأعمال.
ووصل الأمر برئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل، إلى حدّ اتهام الحكومة بتزوير طريقة التوقيع على مرسوم الإحالة، كما تطرّق أيضاً إلى مشاريع واقتراحات القوانين التي قال إنها «نايمة بمجلس النوّاب وعددها 69».
واستغرب بعض النواب كيف أنّ بعض الزملاء الذين اعترضوا على مناقشة مرسوم الفيول العراقي، كانوا قبل أيام يُناقشون مراسيم محالة من الحكومة نفسها في جلسة لجنة المال والموازنة.
وفي حين اعتبر المنسحبون أنّ الحكومة «تخطّت صلاحيّاتها» في تصريف الأعمال، وأرسلت إلى اللجان المشتركة مرسوماً «ناقصاً موقّعاً من 5 أو 6 وزراء فقط»، رأى آخرون في تعطيل النصاب «إكتمال حلقات التعطيل» في البلد، وأبدوا تخوّفهم من «فرز طائفي مقيت» في مجلس النواب.
وعطفاً على بعض التحليلات التي تحدّثت عن تنسيق أو انسجام بين «القوات» و»التيار» في تلك الجلسة، أوضحت الدائرة الإعلامية في حزب «القوات اللبنانية»، أنه «تمت الإشارة بشكل مغلوط إلى تقارب بين حزب «القوات اللبنانية» و»التيار الوطني الحر» وإلى وحدة موقف أدّت إلى انسحابهما».
في المحصّلة، تقول مصادر» التيار» ونواب تكتل «لبنان القوي» لـ»نداء الوطن» إنّ يوم غد الثلاثاء لدى التكتل إجتماع سيجري خلاله تقييم الموقف واتخاذ القرار حول كيفية التعامل مع الجلسة. أمّا «القوات» فتقول مصادرها أيضاً لـ»نداء الوطن»: «سنشارك في الجلسة، لأن مرسوم الفيول سقط في الجلسة السابقة بالتصويت ولو ظلّ على جدول الأعمال، وسيتمّ البحث في البنود الباقية التي لا إشكاليات دستورية أو شكلية عليها».
وما تقدّم يُوحي بإمكانية تجاوز البنود الخلافية والسير بمناقشة وإقرار البنود المتفق عليها بين الكتل والقوى السياسية والبرلمانية الكبرى.