موقف صادر عن جهاز الإعلام والتواصل في حزب القوات اللبنانية:
أوردت جريدة “النهار”، أمس الجمعة 18 آذار 2023، خبراً عن وثائقي مُسمّى بـ”النهاية” للسيّد جورج بكاسيني، وقد حمل نصّه تشويهاً صارخاً للتاريخ الموثّق والمعلوم من اللبنانيين جميعهم، تحديداً في ذكره الآتي: “تضمّنت الحلقة بورتريهات للثنائي الماروني ميشال عون وسمير جعجع اللَّذين عندما اشتبكا على مدى ثلاثين عاماً أنهكا المسيحيين، وعندما تفاهما على مدى ثلاث سنوات أصاب الانهيار جميع اللبنانيين”، وعليه لا بُدّ من تصويب هذا التجنّي، احترامًا للذاكرة الوطنيّة ولمدارك الأجيال الجديدة.
– أوّلًا، أين اشتبك الدكتور سمير جعجع مع الرئيس السابق ميشال عون على مدى ثلاثين عاماً؟ فمنذ العام 1990 حتّى العام 2005، أيّ على مدى 15 عاماً، تعاون الطّرفان، كلّ من موقعه النّضالي وعبر ساحات النّضال السّلمي المشتركة لمواجهة الاحتلال السّوري، كما أنّه وبعد العام 2005، قد كان الانقسام السياسي غير مقتصر عليهما، بل انقسام وطني بين مشروعين، بين محوريّ السيادة والممانعة، ومازال حتّى يومنا هذا، حيث واجهت وتواجه “القوّات” سياسيًّا كلّ مَن يقف بوجه مشروع استعادة الدولة، من عون إلى كلّ حلفائه المنتمين لمحور طهران – دمشق.
– ثانياً، إنّ تضحيات “القوّات اللبنانيّة” كانت لأجل المجتمع ودفاعاً عن اللبنانيين كلّهم، عن وجودهم الحرّ وعيشهم الكريم، بوجه كلّ مَن أراد خطف وطنهم وأرضهم وحياتهم، وبالتّالي القول بأنّ “القوّات أنهكت المسيحيين” هو قول مرفوض واعتداء مُعيب على مسيرتها المشرّفة من المقاومة العسكرية إلى زمن النّضال السّلمي في الاعتقال والنفي والاضطهاد وصولًا إلى مواجهة منظومة الممانعة، المسلّحة والفاسدة.
– ثالثاً، إنّ الذي أنهك المسيحيين وكلّ اللبنانيين، في السّنوات الثلاثين الأخيرة، هو الاحتلال السوري وبعده هيمنة حزب الله وما رافق هاتين الحقبتين من هدم لركائز الدولة والدستور واتفاق الطائف ومن تواطؤ داخلي بيع معه قرار الدولة لقاء ثلاثين من فضّة المناصب أوائل التسعينات، استُتبع بصفقة “السلاح مقابل السلطة” عام 2006، عدا عن سياسات وقرارات الانهيار والهدم والفساد والافساد؛ فأكثر ما أنهك المسيحيين ومازال ينهكهم هو طعن مشروع الدولة، وهنا يعترف القاصي والداني، من غير الناكرين، أنّ رأس حربة الدفاع عن هذا المشروع، كانت وتبقى “القوّات اللبنانيّة”.
– رابعاً، القول إنّه “عندما تفاهم “القوّات” و”الوطني الحر” على مدى ثلاث سنوات أصاب الانهيار جميع اللبنانيين”، هو تزوير وتجنّي فاضح، لأنّ اتفاق معراب الذي عُقد على أساس عشرة بنود سياديّة قد انتهى فور انطلاقة العهد، لحظة انقلب عليه “التيار” وذهب لعقد صفقات سلطوية مع قوى سياسية مختلفة، مواصلًا تشريعه وتغطيته لسلاح الدويلة، وقد اعترف النائب جبران باسيل بذلك في حديث صحفي بتاريخ 19 تموز 2018: “أبلغتُ القوات تعليق اتفاقنا”، وذلك بعد معارضة “القوات” لصفقات الفساد والزبائنية وخرق القوانين وضرب الدستور وهتك الدولة كلّها على مدى عام ونصف العام.
– خامساً، إنّ التفاهم الذي أنهك المسيحيين واللبنانيين كلّهم على مدى ثلاثة أعوام بعد انتخاب عون، وعلى مدى السنوات التي سبقت وتلت ذلك، هو التفاهم على تقاسم السلطة وتحاصص مقدّرات الدولة على حساب القانون والدولة، حيث اشترك في هذه الجرائم المتواصلة بحقّ الوطن والمواطن عصابات من سماسرة السياسة الذين غيّبهم النصّ المذكور بشكل مشبوه معلوم، محاولًا تشويه صورة الفريق السياسي شبه الوحيد الذي لا شُبهة فساد عليه.
أخيراً، لن يُثني “القوّات اللبنانيّة” عن مواصلة مسيرتها المشرّفة والنّزيهة والثّابتة دفاعاً عن اللبنانيين ودولتهم، لا تزويراً ساقطاً من هنا ولا تلفيقًا فارغًا من هناك، فما مرّ على الشعب اللبناني من خدائع، جعله مُحصّناً لكشف مزوّري التاريخ ومُنتهكي النّضالات من مُدّعي المقاومة والتغيير وصولاً إلى أزلام منظومة الإفلاس والبؤس وجهنّم، الذين لا يتردّدون في توزيع صكوك براءة على المرتكبين والمتآمرين عبر تحوير الحقائق وتمييع المسؤوليات، ذلك كلّه لأجل أطماعٍ وعقدٍ فئويّة وشخصيّة مفضوحة.