تقدّم المشهد الأمني الإسرائيلي إلى واجهة الأحداث الحدودية مع لبنان في ضوء اتهام السلطات الإسرائيلية “حزب الله” بالضلوع في عملية تسلّل من الأراضي اللبنانية وزرع العبوة الناسفة التي انفجرت مطلع الأسبوع عند مفترق طريق مجدو جنوب حيفا، ما رفع حالة الإرتباك والاستنفار على المستويين السياسي والعسكري في إسرائيل، اضطر معها رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو إلى اختصار مدة زيارته إلى ألمانيا لإجراء مشاورات تتصل بـ”تطورات الأمن القومي”، فاجتمع مع وزير الدفاع يوآف غالانت ورئيس أركان الجيش الإسرائيلي هرتسي هليفي ورئيس جهاز الشاباك رونين بار، ورئيسي شعبتي العمليات والاستخبارات العسكرية، للتداول بـ”الخرق الأمني الخطير”.وأعلن الجيش الإسرائيلي مساءً في بيان مشترك مع الشاباك والشرطة “تحييد وقتل منفذ العملية الذي عثر في حوزته على أسلحة وحزام ناسف جاهز للاستخدام”، وأضاف البيان أنّ التحقيق الأولي أظهر أن المنفذ “تسلل على ما يبدو من الأراضي اللبنانية إلى إسرائيل في وقت سابق من هذا الأسبوع، وأنه بعد الهجوم قام بتوقيف سيارة وطلب من السائق قيادتها شمالاً”، مع الإشارة إلى أنّ “تحقيقاً موسعاً” يجري حول العملية، يتم في إطاره فحص مدى مسؤولية “حزب الله” عنها.
وكتبت” نداء الوطن”: رغم أنّ إسرائيل بنت اتهامها لـ”حزب الله” بالوقوف وراء “عبوة مجدو” على وقائع ذات صلة بطبيعة هذه العبوة “المصنوعة بطريقة عالية الاتقان غير مسبوقة على الساحة الفلسطينية، والتي تشبه العبوات الناسفة التي كان تتعرض لها القوات الإسرائيلية في جنوب لبنان”، غير أنّ التزام “حزب الله” الصمت حيال هذه الاتهامات عزّز بطبيعة الحال الرواية الإسرائيلية، حسبما نوّهت جهات لبنانية رسمية، مشددةً في المقابل على “ضرورة مسارعة “الحزب” إلى نفي مسؤوليته عن عملية التسلل والتفجير درءاً لأي تداعيات خطرة على لبنان، خصوصاً وأنّ نتنياهو لن يتوانى عن استثمار أي ذريعة أمنية للهروب إلى الأمام من مأزقه الداخلي”.
وكتبت” الاخبار”: لا يبدو حزب الله، المعني قبل غيره، في وارد التعليق نفياً أو تبنّياً أو غير ذلك. لكن المقاومة التي تدرس واقع المؤسسات السياسية والعسكرية في كيان الاحتلال، تتحسّب لأي نوع من التهديدات أو حتى الأفعال المعادية، ولن يُسمع صوتها إلا في حال خروج اتهامات مباشرة أو تهديدات عن حكومة الاحتلال. عندها، سيكون لحزب الله موقفه الواضح. أما في حال إقدام العدو على أي عمل عسكري أو أمني في لبنان، فمن الواضح أن المقاومة سيكون لها ردها الواضح أيضاً.
وإذا افترضنا جدلاً أن رواية العدو صحيحة، فإن السؤال: لماذا يتسلل مقاوم من الحدود اللبنانية إلى منطقة مجدو الأقرب إلى شمال الضفة لتنفيذ عملية هناك؟ وإذا كان تفجير عبوة قد حدث فعلاً، فما هو الهدف الذي أوجب عبور كل هذه المسافة؟ وما هي حقيقة ما جرى ونتائجه؟.يشير بيان العدو إلى أن المقاوم كان يحمل أسلحة وأحزمة ناسفة جاهزة للاستخدام وغيرها، فلماذا كل هذا العتاد مع شخص واحد، وإلى أين كان يتجه بها؟ وكيف يمكن فهم أن المقاوم شكل خطراً على الشاباك وقوات الجيش، وهل حصلت مواجهة معه؟
هل يعني اتجاه المقاوم نحو الشمال، بحسب ما زعم بيان العدو، أنه كان يريد تنفيذ عملية أخرى في مكان آخر، ولماذا يحمل هذه الأسلحة بعد تنفيذ عملية التفجير؟
وإلى ذلك، يأتي السؤال عن الفقرة التي تشير إلى أن الهجوم «يخضع لتحقيق موسع يجري فيه التحقيق أيضاً في تورط منظمة حزب الله».عند هذه النقطة، يجب التنبه إلى مسائل كثيرة، من بينها أن العدو لا يبدو حاسماً في معلوماته حول هوية المنفذ وطريقة دخوله إلى الأراضي المحتلة. وقد يكون الأمر على هذا النحو، وربما يكون العكس، ليكون العدو في موقع من يمهد لإعلان إضافي لاحقاً، وهو بذلك يوحي لجمهوره، وللجمهور في لبنان، وباستخدام ماكينة إعلامية ضخمة لاتهام المقاومة في لبنان، بما يعتقد أنه مبرر كاف له للقيام برد عسكري أو أمني ضد لبنان.وقد كان لافتاً أن قوات الاحتلال جهدت خلال الساعات الـ36 الماضية، لتهدئة مستوطني المناطق الشمالية. إلا أن إعلام العدو عاد إلى الحديث عن استنفار للجيش على الحدود مع لبنان، وأطل الوزير المجنون إيتمار بن غفير ليعلن: «استعدوا للحدث الذي قد يبدأ غداً»، إلى جانب أصوات قيادات من اليمين الحاكم تدعو إلى ضربات استباقية ضد قوى ودول محور المقاومة. وكان البارز فيها إشارة داني دانون، عضو الكنيست عن الليكود، إلى أن «المنظمات الإرهابية تختبرنا. بدأت حماس في رفع رأسها، ويضخ الجهاد الإسلامي وإيران كميات من الأموال في الضفة الغربية لتمويل الأسلحة، والاتفاق الإيراني – السعودي سيدر الأموال لإيران ويساهم في استقرار العملة الإيرانية، مما سيجعل المزيد من الأموال تذهب إلى الإرهاب، وتفيد التقارير بأن حزب الله يرسل الأموال إلى كتائب شهداء الأقصى في الضفة الغربية لإعادة بناء البنية التحتية، والهجوم على مجدو، هو بمثابة تجاوز لجميع الخطوط الحمر، وحان وقت اتخاذ قرار حاسم للرد على أعداء إسرائيل المتورطين في الحادث».