كتب رمال جوني في “نداء الوطن”:
في عيد المعلم، لا تزال الصورة ضبابية. يحضر العيد وغالبية الأساتذة في الشارع، ينشغلون في المطالبة بأدنى حقوقهم. تركوا صفوفهم قبل شهرين تقريباً، وقرّروا تعليم الحكومة درساً جديداً في تحصيل الحقوق. صفوف بعض المدارس الرسمية، وخصوصاً الثانويات فارغة. لم يلتحق المعلّمون بها، ولن يفعلوا ذلك، طالما حقوقهم مصادرة. في الأمس نعى الأساتذة العام الدراسي معلّقين التدريس حتى إشعار آخر. يعزّ عليهم أن يمرّ عيدهم في الشارع. الصفوف فارغة والتلامذة لا يستعدّون للإمتحانات.
لم يُفكّر الأساتذة في طلّابهم، رغم ذلك ينشغل هؤلاء في تحضير الهدية لهم. تنهمك فرح في «عيديّة» أستاذها المُفضّل. دفعت 400 ألف ليرة ثمنها. مع العلم أن فرح لم تتلقَّ دروسها منذ أكثر من شهرين، لكنّها تريد أن تكافئ أستاذها على عطائه. تلامذة المدارس الرسمية «طالعة براسهم»، بينما يتابع أبناء الأساتذة دروسهم في المدارس الخاصة، لم يتأثروا بالإضراب، ويؤخذ على هؤلاء المدرّسين أنهم فضّلوا حقوقهم على حساب التلامذة وجُلّهم من الفقراء.
كيف يقرأ الأساتذة عيدهم، وهل طار التعليم الرسمي في مهبّ الأزمات؟
لا ينكر حيدر وهو أستاذ ثانوي أن الإضراب أتى على حساب التلامذة، لكنه يُشدّد على حقّ الأستاذ في الحياة والوصول إلى المدرسة. في تظاهرتهم تجاه مصرف لبنان في النبطية، بدا واضحاً أنّ المدرّسين قد أقفلوا أبواب مدارسهم تحت شعار «حقّنا أولاً». وفق فايز أستاذ الرياضيّات في إحدى ثانويات النبطية فإنّ «خسارة عام واحد، أفضل من خسارة المدرسة الرسمية كلّها»، مصرّاً على «أن حقّهم مشروع وأنّ الظروف تفرض نفسها».
أمّا غالبية مدارس النبطية الإبتدائية والمتوسطة ففتحت أبوابها. الأساتذة بمعظمهم عادوا إلى التعليم على مضض، وعينهم على مزيد من تحصيل الحقوق في عيدهم. ساهمت القوى السياسية في المنطقة في دعم الأساتذة، وتقديم البنزين كحلّ للأزمة. وحدها الثانويات أبقت أبوابها مقفلة، غير أنّ المشهد في إحدى ثانويات النبطية الرسمية مختلف. إذ دخل الأساتذة في مواجهة مباشرة مع مديرتهم ن. ج. التي قرّرت «سحب أرواح» المدرّسين لأنهم لم يلبّوا نداء العودة. عبارة، أشعلت السجال بين الطرفين. والحديث عن نزوح بعض أساتذتها نحو ثانويات أخرى. اندلعت مواجهة على مستوى عالٍ بين الأساتذة والمديرة من ناحية، وبين المديرة وعائلة رمال من ناحية ثانية، لتثير إشكالية واقع بعض مدراء المدارس، المعيّنين «بالواسطة»، والتي عادة ما تتمّ بناء على تدخّل القوى السياسية، ما ينعكس سلباً على المدرسة، ولا سيّما أن بعض المديرين لا يملكون الكفاءة.
وبحسب أوساط متابعة، يطالب الأساتذة وعائلة رمّال بتنحّي المديرة. ودعوا في بيان رئيس مجلس النواب نبيه برّي ووزير التربية في حكومة تصريف الأعمال عبّاس الحلبي إلى التدخّل فوراً، قبل أن تضيع الثانوية في مهبّ التجاذبات الحاصلة. الأساتذة غير راضين عن أداء المديرة منذ مدّة. فهي تتعامل بـ»النكاية»، ودفعت بأستاذين من آل رمّال إلى ترك الثانوية والإلتحاق بأخرى خارج الدوير رغم الأزمة.
في المحصّلة، يمرّ عيد المعلم والتعليم في أزمة يبدو أنها لم تحلّ إلا بتنازل الطرفين لصالح الطلّاب.