كتب مايز عبيد في “نداء الوطن”:
عادت قصبة صيد السمك وصنّارته إلى الانتشار بشكل واسع لدى الصيّادين في عكّار، كما لدى الأهالي حيث أنّ أسعار السمك جعلته لمن يستطيع إليه سبيلاً. أمّا من يريده ولا يستطيع فعليه أن يصطاد بنفسه. هذا الأمر أجبر العديدين على استعمال الصنّارة طالما أرادوا أن يأكلوا وجبة سمك، لأنّ شراءه بات خارج قدرة عائلات كثيرة.
مشهد السمك مفروداً على بلاط المسامك في عكّار ومزاداتها لم يعد في متناول الكثير من أهالي المنطقة لارتفاع أسعاره. أكثر أنواع السمك وجهتها اليوم نحو مطاعم بيروت وقلّة من تستطيع شراء السمك، بعدما كانت رائحته في السنوات الماضية تعبق في القرى والبلدات لا سيّما في أيام العُطل.
هذا التوجّه الكبير نحو الصنارة والقصبة فرضتها الأوضاع المعيشية والإقتصادية الصعبة، حيث لم يعد باستطاعة الكثير من العائلات أكل السمك بعدما كانت هذه الوجبة في السابق أكلة شعبية بمتناول كل العائلات سواء الفقيرة منها والميسورة، وربّة البيت لم تكن تحتار ماذا ستطبخ إذ كان السمك دائماً ينجّيها من الحيرة ويشكّل طبق السفرة الرئيسي سواء كان مقلياً أو مشوياً، وكان كيلو السمك يتراوح من 3 آلاف ليرة وحتّى 300 ألف حسب نوعه، لكنّ الأمور تغيّرت حالياً وقفز سعر 3 آلاف الى أكثر من مئة ألف، وسعر الـ15 ألفاً الى 400 ألف ليرة.
علي صيّاد من العريضة، وقد اعتادت عائلته على أكل السمك يومياً تقريباً، يقول لـ»نداء الوطن»: «لديّ صنارة في البيت لم نستعملها منذ مدّة لكن حالياً أتناوب وابني على النزول إلى شاطئ العريضة لاصطياد ما أمكن من أنواع السمك. أكثر ما نعثر عليه هذه الأيام نوع «أبو شوكة». الغلّة ليست وفيرة وقد لا نعود بأكثر من كيلو سمك واحد في النهار. ننتظر الصيف ليهدأ البحر علّ ذلك يجلب الكثير من أنواع السمك في البحر لنصطاد ونأكل ونبيع، إذ لا إمكانية هذه الأيام لصيد المراكب، مراكبنا أوقفناها عن العمل مع هذا الإرتفاع المتواصل في أسعار المحروقات».
الصيّادون من مناطق عكار يقصدون شاطئ العبدة والعريضة يومياً لكن الغلّة ليست دائماً وفيرة. ويشكون أيضاً من انتشار القمامة في البحر وعدم تنظيفها.
أسعار الصنّارات تتراوح من 5 الى 100 دولار ونظراً للظروف الصعبة، تجد العديد من الأطفال يصطادون بالقصبة العادية المصنوعة يدوياً، يقطعونها من الأراضي القريبة ويضعون عليها الخيط والطُعم اليدوي لاستعمالها لاحقاً في الصيد البحري. يساعد الأطفال أهلهم في عملية الصيد لتأمين أكلة سمك للعائلة أوّلاً، ولأنّ العودة إلى البيت بغلّة منه تدخل السعادة إلى البيت ثانياً.
ويؤكّد أصحاب محلات بيع الصنّارات وقطع التبديل أنّ هناك اتجاهاً واسعاً إلى شراء الصنارات أو تصليح ما تعطّل منها إذ لا إمكانية لدى الكثير من العائلات لشراء السمك الغالي الثمن، ومن المفترض أن يزداد هذا الضغط على صنّارات الصيد كلما اقترب موسم الصيف، إذ يكثر تواجد الأسماك أكثر في مياه البحر أو النهر.