عقد المجلس الشرعي الإسلامي الأعلى جلسته الدورية، في دار الفتوى، برئاسة مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ عبد اللطيف دريان، وتم التداول في الشؤون الإسلامية والوطنية وآخر المستجدات على الساحة اللّبنانية، وأصدر بياناً تلاه عضو المجلس النقيب محمد المراد الآتي نصه: “استهلت الجلسة بقراءة الفاتحة عن روح الشيخ أحمد شعيب الرفاعي، وتم تأكيد أن قتل الشيخ الرفاعي هي جريمة متعمدة ونكراء وتستوجب القصاص العادل بحق كل من شارك بارتكاب هذه الجريمة المروعة، وطالب المجلس القضاء المختص بالإسراع بتطبيق العدالة لتكون رادعاً لكل من يعتدي على حرمة النفس البشرية، مؤكداً تقديره دور الأجهزة العسكرية والأمنية في كشف هذه الجريمة.
وتوقف المجلس الشرعي الإسلامي الأعلى أمام الكوارث المدمرة التي نزلت بالمنطقة، الهزة الأرضية التي أودت بحياة أكثر من خمسين ألف شخص في الدولتين الشقيقتين تركيا وسوريا، ودمرت البنيان والعمران.. والهجمة الاستيطانية الصهيونية في الضفة الغربية التي استهدفت الإنسان والمقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس وبيت لحم، ودمرت التجمعات السكانية في المخيمات الفلسطينية المحرومة.
إن المجلس الشرعي الإسلامي إذ يعرب للشعبين الشقيقين السوري والتركي عن مشاركتهما آلام المحنة التي يمران بها، يدعو الله العلي القدير أن يخفف عنهما الآلام المفجعة التي نزلت بهما، وأن يأخذ بيدهما لتجاوز هذه الكارثة وآثارها المدمرة .
ويدعو المجلس لأهلنا وأخوتنا في فلسطين المحتلة بالصبر والثبات على مواجهة محنة الاحتلال الاستيطاني، داعيا الله أن يؤازرهم بنصر من عنده لاسترجاع حقوقهم ووطنهم السليب.
كما توقف أمام انهيار الدولة في لبنان على أيدي مسؤولين لبنانيين يقولون بأفواههم ما ليس في قلوبهم، تمكنوا من تحويل لبنان من دولة كانت آمنة مطمئنة، الى دولة تعاني الجوع والخوف على المستقبل والمصير”.
وتابع: “إن المجلس يستهجن أسباب الإمعان في الإساءة الى لبنان ورسالته، والإصرار على تعطيل المحاولات الدستورية والوطنية لإخراجه مما هو فيه الى ما يجب أن يكون عليه، دولة تستحق الحياة. ويحذّر من الإصطفافات التي تلبس لبوساً طائفيا سواء داخل المجلس النيابي أو خارجه، ويرى في ذلك ارتداداً عن هوية لبنان ورسالته، وتنكرا لإرادة بنيه في العيش الوطني الواحد.
إن المجلس الشرعي الإسلامي الأعلى إذ يعرب عن قلقه الشديد جراء تعثّر انتخاب رئيس جديد للجمهورية يكون انتخابه مدخلاً لحلّ وطني شامل، وأساساً لعودة الاستقرار والاطمئنان والثقة في الداخل ومع الخارج وخصوصاً مع الأشقاء العرب، يؤكد أنه لا بديل عن لبنان إلا لبنان. ولا بديل عن الوحدة الوطنية إلا بالوحدة الوطنية. ولا رسالة للبنان إلا رسالة الأخوة الإنسانية والمساواة في المواطنة على قاعدة العيش المشترك. من أجل ذلك، يدعو المجلس النيابي والقيادات السياسية والحزبية على اختلافاتها وتعدداتها الى تفاهم وطني يؤدي الى انتخاب رئيس للجمهورية يحمي الدستور، ويلتزم بصدق اتفاق الطائف ويحتمي به، ويعمل على تقوية أواصر الوحدة الوطنية ويستقوي بها”.
وحذّر المجلس من سياسة تبادل الاتهامات تهرباً من مسؤولية الانهيار الذي يعاني منه الشعب بكل فئاته، وفي كل مناطقه.
وأكد أن لا حل إلا بإرادة لبنانية وطنية جامعة. وأن تأخير تحقق هذا الإجماع الوطني لم يؤدِ في السابق، ولن يؤدي اليوم، إلا الى المزيد من التشرذم والفشل والانهيار الذي لم يعد للبنان طاقة على تحمّله وعلى دفع ثمنه.
وشدّد المجلس على “أن الاستهتار بالعملة الوطنية وبقيمتها الشرائية هو استهتار بحياة المواطن وكرامته وبلقمة عيشه وبحقه في الحياة الكريمة. فالوطن يزداد فقراً وحرماناً، فيما تتكدس عائدات الأموال المهرّبة إلى الخارج تضاعفا في الثروات الحرام لأصحابها. وبدلا من محاسبة هؤلاء لاسترجاع حقوق المواطنين المسلوبة ظلما وعدوانا يزداد المحرومون حرمانا، ويزداد المهربون بطرا واستهتارا”.
وختم: “لا التحقيق في جريمة تفجير مرفأ بيروت توصل إلى نهاية ولا حقوق المودعين اعيدت لأصحابها ولا معالجة حقيقية وجدية لضبط الحدود من جرائم الحدود الأمر الذي زاد المواطن فقرا وبؤسا وشقاء. الأمر الذي يحول لبنان من دولة قانون ومحاسبة إلى مسرح لارتكاب الجرائم العامة بلا عقاب”.