كتبت كارولين عاكوم في “الشرق الأوسط”:
يسود لبنان الترقّب لما ستؤول إليه الاتصالات والحوارات الثنائية، التي تعقد بين أكثر من طرف، في محاولة للخروج من مأزق الانتخابات الرئاسية، خصوصاً بعد المعلومات التي أشارت إلى تصدّر اسم قائد الجيش العماد جوزيف عون قائمة المرشحين للرئاسة داخلياً وخارجياً.
وفي حين يندرج اسم العماد عون ضمن اللائحة التي يحملها معه الحزب «التقدمي الاشتراكي» في لقاءاته وحواراته مع الكتل والأطراف اللبنانية، سبق أن أعلن رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع أنه لا يمانع انتخاب قائد الجيش إذا حصل عليه توافق، ثم أكد يوم أمس أنه إذا كان انتخاب قائد الجيش يحل المشكلة فحزب «القوات» لا يمانع بذلك، فيما بات موقف رئيس «التيار الوطني الحر» السلبي تجاه خيار العماد عون معروفاً بعد الهجوم الذي شنّه عليه يوم الأحد الماضي.
من هنا، فإن الأنظار تتجه بشكل رئيسي إلى موقف «الثنائي الشيعي» (حزب الله وحركة أمل) من طرح قائد الجيش، وهو لا يزال يحتفظ بورقة مرشّحه، رئيس «تيار المردة» سليمان فرنجية، من دون أن يعلن ترشيحه رسمياً لعدم توفّر حظوظه الانتخابية. وفي حين أعلن داعمو النائب ميشال معوض بشكل مباشر أو غير مباشر وصولهم إلى حائط مسدود في إمكانية إيصاله والاتفاق معه على أن الخطوة الثانية ستكون البحث عن مرشح آخر، فإن «الثنائي» لم يعلن حتى الآن عن موقف واضح، باستثناء المواقف التي تؤكد على أهمية الحوار والتوافق بين الكتل على اسم أو أكثر.
وفيما ترفض مصادر نيابية في «كتلة التنمية والتحرير»، التي يرأسها رئيس البرلمان نبيه بري، الحديث عن أسماء معينة، وتحديداً عن موقف بري من ترشيح قائد الجيش، تُذكر بأن بري يعمل وفق مقولة «اعملوا على قضاء حاجتكم بالكتمان»، وتجدد التأكيد على انفتاحه على الحوار والتوافق، لكنّها تلمّح في المقابل إلى المشكلة المرتبطة بتعديل الدستور لوصول قائد الجيش، حيث يفترض بقائد الجيش الاستقالة من موقعه قبل انتخابه بـ6 أشهر، وهو ما لم يحصل. وتؤكد لـ«الشرق الأوسط» على ضرورة احترام الآليات الدستورية، وتنتقد في المقابل القوى التي لا تمانع تعديل الدستور لإيصال قائد الجيش، بالسؤال: «الآن لم يعد لدى القوى التي تسمّي نفسها بالسيادية مشكلة في تعديل الدستور في مجلس النواب، وهي التي ترفع، منذ بدء الفراغ الرئاسي، شعار أن البرلمان هيئة ناخبة فقط، ولا يمكن له التشريع».
وعلى خط «حزب الله»، كانت لافتة يوم أمس مواقف نائب أمين عام «حزب الله» نعيم قاسم «الدبلوماسية» لجهة تأكيده أنهم حاضرون للنقاش، على قاعدة أن تُدوَّر الزوايا بين الأطراف. وهو ما يتوقف عنده أيضاً المحلل السياسي المقرب من الحزب، قاسم قصير، قائلاً: «الحزب لا يزال يتبنى ترشيح فرنجية، لكنه منفتح على الحوار، وجاهز لكل الاحتمالات، وهو ما أكده قاسم أمس». وفي ردّ على سؤال حول القبول بقائد الجيش، يقول قصير: «ليست لدى الحزب مشكلة في هذا الخيار إذا كان توافقياً، وهو ما سبق أن أعلنه رئيس المجلس السياسي في الحزب إبراهيم أمين السيد، بقوله إنه لا فيتو على أحد».
وأمس، قال قاسم، في كلمة خلال لقاء خاص لشباب التعبئة في بيروت، خصصت بكاملها للحديث عن الرئاسة: «يمكننا أن نتحاور ونتفق داخل الحوار على أنَّ من لديه اسم يحوز على الغالبية، يمكن أن تتفق الكتل الأخرى أو بعضها على إعطاء هذا الرئيس بشروط معينة تنسجم مع قناعاتها بتدوير الزوايا، فنصل إلى حل. أو يمكن أن تجلس هذه الكتل بعضها مع بعض، وننهي هذا الموضوع حول المواصفات التي لكل جهة تطبيق لها بشكل مختلف عن الأخرى، ونطرح الأسماء في سلة واحدة، فلدينا 4 أسماء أو 7 أسماء أو 10 أسماء، نضعهم في هذه السلَّة، ونبدأ بـ(الجوجلة)، لنصل إلى تقليص العدد إلى اسم أو اسمين مثلاً»، وأضاف: «كي لا يقول البعض؛ تشترطون الحوار وتفرضون آلية حوار، نجلس لنتفق على الآلية التي نريد أن نتحاور من خلالها». وأكد: «أن يقول بعضهم لا نريد حواراً ويضع (فيتو)، وبالتالي يمنع أن يعطي صوته أو أن يفسح المجال أمام الاتفاق بين الآخرين، هذا يعقِّد المشكلة بشكل كبير. نحن أيضاً نعتبر أن هذا الحوار يجب أن يشمل الجميع، وليس كما دعا بعضهم إلى حوار المعارضة مع بعضها، للوصول إلى نتيجة. نحن جاهزون للاتفاق، لأنَّ الهدف هدف وطني، وليس تصفية حسابات».